نبذة عن كيفية تعليم اصول الفقه

نبذة عن كيفية تعليم اصول الفقه

نبذة عن كيفية تعليم اصول الفقه

إنّ علم أصول الفقه يبلغ بالأهمية من المنزلة التي يجب فيها الحرص على طالب العلم الاهتمام به

والحرص على تعلّمه، وهو الذي قال به العلماء: (من حرِمَ الأصول، حرِمَ الوصول)،

من المفترض على طالب العلم أن يتعلّم أصول العلوم حتى يصل إلى ذواتها، وتكمن فائدة علم أصول

الفقه في أنّه يُمكّن من يتعلّمه من استنباط الأحكام الشرعية من أدلّتها التفصيلية بناءً على أُسسٍ

سليمةٍ علمياً، ويعرّف أصول الفقه في الاصطلاح الشرعي، بأنّه: أدلة الفقه الإجمالية، وكيفية

الاستفادة منها، وحال المستفيد؛ فأدلّة الفقه الإجمالية هي الأدلة الشرعية بمجموعها، المتفق عليها

والمختلف فيها، والمقصود من كيفية الاستفادة هو الاستنباط من هذه الأدلّة، أمّا حالة المستفيد

فيقصد به المجتهد الذي يستنبط هذه الأحكام، وموضوع علم أصول الفقه يتمثّل بمعرفة الأدلّة

الشرعية ومراتبها وأحوالها، ويعتمد هذا العلم على مصادرٍ عديدةٍ، منها: استقراء النصوص من القرآن

الكريم والسنة النبوية الصحيحة، وما ورد عن الصحابة والتابعين، وما أجمع عليه السلف، وقواعد اللغة

العربية وشواهدها، والفطرة السوية والعقل السليم، وآخر هذه المصادر هو اجتهادات أهل العلم

واستنباطاتهم.[١]تعليم

كيفية تعلم أصول الفقه

يعدّ علم أصول الفقه هو المفتاح الذي من خلاله يتم فهم العلوم الشرعية، وبه تتصوّر المسائل

الفقهية، فيجب على طالب العلم أن يعتني به، فمن كان عالماً بالعلوم الأخرى وجاهلاً بأصول الفقه،

فهو بمثابة العامي بين العلماء، ولا ثقةً بعلمه وفقهه، وينصح للبدء بدراسة علم أصول الفقه أن يبدأ

طالب العلم بكتاب متن الورقات وما كتب عليه من كتب الشروح كالمحلّى والحطّاب، فتعلّم هذا المتن

ينّمي الملكة الأصولية لدى طالب العلم، ولا يُكتفى بأن يقرأه الطالب وحده؛ بل لا بدّ من قراءته على

متقنٍ، ويفضّل عدم تباعد مجالس القراءة على بعضها البعض، حتى لا يتشتت الطالب، كما يُنصح بعد

أن يُنهي الدرس مع معلمه أن يشرحه مع نفسه حتى يكتشف نقاط الضعف عنده، وبهذا يتم الانتهاء من

دراسة المستوى الأول من علم أصول الفقه، ومن أجل التمكّن من هذا المستوى تتم قراءة بعض

الكتب في نفس المستوى، مثل: كتاب الواضح للأشقر، وشرح الورقات للفوزان، ثمّ ينتقل طالب العلم

من المستوى الأول لدراسة علم أصول الفقه إلى المستوى الثاني، ويدخل في هذا المستوى

الدراسة النظرية والتطبيقية والنقدية، فبعد التمكّن من متن الورقات أو ما هو مماثلٌ له في المستوى

ينتقل إلى ما هو متقدّمٌ أكثر، والكتب متعدّدةٌ وكثيرةٌ في هذا المستوى، مثل: اللمع للشيرازي،

والمختصر في أصول الفقه لابن اللحام، وكما لا بدّ من متقنٍ في المستوى الأول فلا بدّ منه في

المستوى الثاني، ويتميّز هذا المستوى بمشاركة الطالب في الدرس، وذلك من خلال تحضيره قبل

الدرس ومراجعته بعده، وينتقل بعد ذلك إلى الدراسة التطبيقية، وهي على قسمين: الدراسة من

كتاب يحتوي على تخريج الفروع على الأصول، والدراسة من كتاب تفسيرٍ أو كتاب حديثٍ له عنايةً

بالأصول، والكتب على هذين النوعين كثيرةٌ أيضاً، وبعد ذلك يتم التجرّد وانتقاء أهم كتب أصول الفقه

التي يستغنى بها عن غيرها من كلّ المذاهب الفقهية.[٢]تعليم

أهمية علم أصول الفقه

يعدّ علم أصول الفقه دستور المنهج العلمي الذي يسير وفق الضبط والربط، وذلك من خلال تداخل

جميع علومه المتشابكة ليشكّل المنهجية العلمية بطريقةٍ صحيحةٍ، ويقول العلماء في علم أصول الفقه

أنّه أعظم العلوم، وأكثرها نفعاً، وأجلّها فائدةً، وأول من وضع قواعد هذا العلم هو الإمام الشافعي،

في كتابٍ له أطلق عليه: الرسالة، ثمّ كانت المؤلفات في علم الأصول بعد ذلك كثيرةً ومتعددةً،

منها المؤلفات المطوّلة، ومنها المتوسّطة، ومنها المختصرة، وظهر لكلّ عصرٍ علماؤه التي ظهرت

تراجمهم في كتب التراجم، والمناهج التي ساروا عليها، والطرائق المدرسية التي اتّبعوها، وامتدّت

المؤلفات

فيه منذ عصر الغزالي بكتابه المستصفى، وصولاً إلى الحاضر المعاصر بكتاب المؤلف زيدان،

والذي سمّاه: الوجيز في أصول الفقه، ومن خلاله يعرف الراجح من المرجوح، والصحيح من السقيم،

والمقبول من المردود، ولعلّ أكبر مشكلةٍ يقع فيها العقل السير على غير الطريق الواضح، فكان أصول

الفقه هو رياضيات العلوم الشرعية، وهو كما قال فيه الإمام الغزالي: (ويعتبر علم أصول الفقه علماً

جامعاً بين المنقول والمعقول، فإنّه يأخذ من صفو الشرع والعقل سواء السبيل، فلا هو تصرُّف بمحض

العقول؛ بحيثُ لا يتلّقاه الشرع بالقبول، ولا هو مبنيٌ على محض التقليد الذي لا يشهد له العقل

بالتأييد)، ومن مباحثه المطلق والمقيد، والعام والخاص، والناسخ والمنسوخ، والتعارض والترجيح،

وغيرها من المباحث التي تشكّل عقل مَن يغوص بها تشكيلاً دقيقاً، فإن وُجد الخلل كان القصور في

فهم هذا العلم وليس في العلم ذاته؛ ذلك أنّه يحتاج إلى جهدٍ ليس باليسير ولا يكتفي فيه بالحفظ إنّما

بالفهم، وقد جعل العلماء من شروط العالم حتى يكون عالماً أن يكون على درايةٍ بعلم أصول الفقه،

وذلك حتى يسير على طريقٍ واضحٍ وصراطٍ مستقيمٍ، أمّا فيما يؤثّر به هذا العلم على العبادات،

فمجاله فيها كما في العلوم الشرعية الأخرى، فهو الذي يساعد على تصحيح المسير، والتخطيط

الراشد من خلال استخدام قواعده، كما يحتاج له في التطبيقات الحياتية في الوقت الحاضر على

اختلاف المجالات واتساعها من الاقتصاد، والسياسة، والاجتماع، وفقه الأولويات، والتخطيط،

وغيرها.[٣]

السابق
قصة بئر زمزم التي لم تجف ماؤها منذ 5 آلاف عام!
التالي
مقالة تعريفية عن أبو إسلام أحمد عبد الله

اترك تعليقاً