من هو إبراهيم بن موسى الشاطبي

من هو إبراهيم بن موسى الشاطبي

 

هو إمام، وفقيه، وأصولي، ولغوي، وأحد أعلام القرن الثامن الهجري.

وهو إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي، وكنيته أبو إسحاق، ويشتهر بلقب الشاطبي،

وهو من أشهر وأبرز علماء الأندلس، برع في علوم أصول الدين، والفقه، واللغة العربية، الأمر الذي أهله

ليتبوأ مكانة علمية مرموقة بين أقرانه، والتي جعلت طلبة العلم يفدون إليه من كل مكان لينهلوا من

معارفه وعلومه، فتخرج على يديه عدد كبير من التلاميذ الذين أصبحوا فيما بعد من كبار علماء غرناطة،

كما يُعد الشاطبي من أهم رواد حركة الإصلاح الديني، حيث حمل على عاتقه مسؤولية تجديد علم

أصول الفقه، والدفاع عن السنة، ومحاربة البدع والفتن، ومظاهر الانحراف العقائدي، والتي كانت

منتشرة بكثرة آنذاك داخل المجتمع الأندلسي، إلى جانب ذلك كله فقد أثرى الشاطبي التراث

الإسلامي بالكثير من المؤلفات والمصنفات القيمة، والتي جاءت في مختلف مجالات العلوم، فاستحق

بذلك ثناء العلماء الذين شهدوا بعلمه وفضله الكبير.[١][٢]

مولد الشاطبي ونشأته

لم تذكر كتب التراجم تاريخًا محددًا لولادة الشاطبي، إلا أنّ أحد المؤرخين رجّح ولادته في عام 720

هجري، وذلك بناءً على تاريخ وفاة شيخه “أبو جعفر أحمد الزيات” والذي توفي في عام 728 هجري،

وكان أول شيخ للشاطبي يتوفى، في حين كان الشاطبي لا يزال آنذاك في عمرٍ صغير، وقد كانت

ولادته في مدينة غرناطة، حيث نشأ وترعرع فيها، علمًا أنّ معظم المصادر قد اتفقت على أنه قضى كل

حياته في غرناطة حتى وفاته، ولم يغادرها أبدًا.[٣]

مسيرة الشاطبي العلمية والعملية

درس الشاطبي منذ عمرٍ مبكر علوم القرآن الكريم والسنة النبوية ونبغ فيها، الأمر الذي أهله لفهم

مقاصد الشريعة، والتمكن منها، فصنف الكثير من الكتب والمؤلفات في هذا المجال، كما لم يقتصر علم

الشاطبي على ذلك، فقد أظهر شغفًا كبيرًا للعلم على اختلاف مجالاته وفنونه، ويظهر ذلك جليًا بإلمامه

الكبير بمعظم أصنافه، واهتمامه بتحصيله دون أن يحصر نفسه في أحد هذه الأصناف دون غيرها، وقد

ساعده على تحقيق ذلك الازدهار والتطور العلمي والثقافي الذي كانت تعيشه غرناطة في ذلك

العصر، الأمر الذي جعلها قِبلة لكبار العلماء والمشايخ، حيث تتلمذ الشاطبي على يد الكثير من العلماء،

سواء أكانوا من أهل غرناطة أو ممن وفدوا للإقامة فيها، ويمكن تقسيم شيوخ الشاطبي إلى قسمين،

وأولًا شيوخه الغرناطيون ومنهم:[٤]

أبو عبد الله محمد بن الفخار البيري، وقد قرأ عليه الشاطبي القراءات السبع، وأخذ عنه العربية.
أبو جعفر أحمد بن آدم الشقوري.
أبو سعيد فرج بن قاسم بن أحمد بن لب التغلبي، وقد أخذ عنه الشاطبي النحو.
أبو عبد الله محمد بن علي بن أحمد بن محمد البلنسي الأوسي.

أما القسم الثاني فيضم شيوخه الذين وفدوا إلى غرناطة، ومنهم:[٥]

أبو عبد الله محمد بن أبي الحجاج يوسف بن عبد الله بن محمد اليحصبي اللوشي الذي أجاز الشاطبي إجازة عامة بشرطها.
أبو عبد الله محمد بن محمد بن أحمد المقري الذي أجاز الشاطبي بالعديد من كتب الحديث، والفقه، والقراءات، والعربية.
أبو القاسم محمد بن أحمد الشريف الحسني السبتي.
أبو عبد الله محمد بن أحمد الشريف التلمساني.

تلاميذ الشاطبي

تتلمذ على يد الشاطبي الكثير من أعلام غرناطة، نذكر منهم ما يأتي:[٦]

أبو يحيى بن محمد بن عاصم، وأخاه أبو بكر القاضي.
أبو عبد الله محمد البياني الغرناطي.
أبو جعفر أحمد القصار الأندلسي الغرناطي.
أبو عبد الله محمد بن محمد بن علي بن عبد الواحد المجاري الأندلسي.

أشهر كتب الشاطبي

ألف الشاطبي الكثير من المصنفات القيمة، إلا أنّ بعضها لم يتم طباعته وهي:[٧]

شرح جليل على خلاصة النحو.

كتاب المجالس، والذي شرح من خلاله الشاطبي كتاب البيوع من صحيح البخاري.

شرح رجز ابن مالك في النحو.

عنوان الاتفاق في علم الاشتقاق.

أصول النحو.

أما كتبه المطبوعة فهي:[٨]

كتاب الموافقات: وهو يُعد من أهم الكتب التي ألفها الشاطبي، والذي حظي بثناء العلماء وتقديرهم،

وقد اختار له الشاطبي في البداية اسم “عنوان التعريف بأسرار التكليف”، إلا أنه قرر تغييره فيما بعد

فأطلق عليه اسم “الموافقات” وذلك بسبب رؤيا رآها لأحد شيوخه الأجلاء، علمًا أنّ الشاطبي قد ذكر

فيه كل ما يخص الأسرار التكليفية المتعلقة بهذه الشريعة الحنيفة.

كتاب الاعتصام: وقد تناول الشاطبي فيه موضوع البدع والمحدثات، وذلك من خلال مناقشة جميع

المسائل المتعلقة بها متبعًا منهاجًا أصوليًا رصينًا، إلى جانب ذلك فقد أرفق الشاطبي بهذا الكتاب بعض

المباحث المتعلقة بأصول الفقه، مثل مبحث المصالح المرسلة والاستحسان.

كتاب الإفادات والإنشادات: وهو عبارة عن مجموعة من المحاضرات والمذكرات تم جمعها معًا في كتابٍ

واحد، والتي تتطرق إلى مواضيع متنوعة شملت معظم أنواع الفنون مثل علوم العربية واللغة، وعلوم

الشريعة، والمنطق، والفلك، والحساب، والتغذية، وغيرها الكثير، كما تحدث فيه الشاطبي عن شيوخه،

وعلماء الأندلس والمغرب.[٩]

محنة الشاطبي

تعرض الشاطبي خلال حياته للعديد من المحن والابتلاءات في زمن شاعت فيه البدع والخرافات

المخالفة للسنة والعقيدة، والتي على الرغم من شدتها إلا أنها لم تزده إلا قوة، وإصرارًا على الحق،

وثباتًا على الإيمان، ومن الأمثلة على ذلك ما نُسب إليه من القول بأنّ الدعاء لا ينفع نظرًا لموقفه

الرافض للدعاء الجماعي أثناء إمامته للناس، إلى جانب اتهامه بالتشيع، والدعوة إلى الخروج على

الأئمة، والغلو، ومخالفة السنة وغيرها، ولعل هذه الاتهامات كانت السبب الرئيسي وراء تأليفه كتابه

“الاعتصام” ليرد من خلاله على جميع هذه البدع باستخدام منهج يعتمد على القرآن الكريم والسنة

النبوية، كما دفعت هذه المحن الشاطبي إلى الاجتهاد في محاولة منه للتمييز بين البدع والسنن بناءً

على نصوص الوحي ومقاصد الشريعة.[١٠]

وفاة الشاطبي

توفي الشاطبي في غرناطة، في عام 790 هجري، الموافق 1388م، وقد أصيب في آخر فترة من

حياته بضعفٍ شديد في جسمه.[١١

السابق
من هو جلال الدين القزويني
التالي
اجتهاد الانسان في العمل

اترك تعليقاً