مكانة السنة النبوية في التشريع

مكانة السنة النبوية في التشريع

مكانة السنة النبوية في التشريع … تعتبر السنة النبوية المصدر الثاني للتشريع

والسنة هي كل ماورد عن الرسول من قول أو فعل

 

– إذا نظرنا إلى تعريف السنة في اللغة فهي المنهج و الطريقة و السبيل ، و يتساوى في ذلك الطريقة المحمودة و المذمومة ، و سنة الله : أحكامه و أمره و نهيه ، و سنها الله للناس أي بينها و فصلها ، و السنة : أي السيرة حسنة كانت أم قبيحة ، أما قوله سبحانه : (وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم إلا أن تأتيهم سنة الأوّلين) .

– أما عن تعريف السنة النبوية في الاصطلاح فهي (كلّ ما نُقِل عن رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- من أقوال وأفعال وتقرير، وصفات خَلْقية وخُلُقية، سواءً أكان ذلك قبل البعثة أم بعدها) ، و قد نظر الفقهاء إلى السنة النبوية على أنها ما طُلب من المكلف فعله طلباً غير جازم ، أي ما كان مطلوباً من المسلمين أن يفعلوه لكن دون إلزام لهم على فعله ، و قيل أيضاً بأنها ما يُثاب فاعله و لا يُعاقب تاركه .

أهمية السنة النبوية

– السنة النبوية هي ما توضح أفعال الرسول صل الله عليه وسلم تجاه موقف معين ، و ذلك كما ذكرنا من قبل ، و لها فضل كبير في توضيح الكثير من الآيات القرآنية ، و توضيح الأحكام الشرعية و الرد على مسائل عديدة ، و منها مسألة الصلاة ، فلم يُذكر في القرآن الكريم شئ عن كيفية الصلاة ، و لكن عملها الرسول الكريم صل الله عليه و سلم للمؤمنين ، و قال لهم ” صلوا كما رأيتموني أصلي ” .

– السنة النبوية هي الأصل المعتمد بعد كتاب الله عز وجل بإجماع أهل العلم ، و هي حجة قائمة مستقلة على جميع الأمة ، من جحدها أو أنكرها أو زعم أنه يجوز الإعراض عنها والاكتفاء بالقرآن فقط فقد ضل ضلالاً بعيداً ، و كفر كفراً أكبر ، و قد أجمع علماء الإسلام على أن الأصول المجمع عليها ثلاثة :

الأصل الأول : كتاب الله .
الأصل الثاني : سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام .
الأصل الثالث : إجماع أهل العلم .

– و قد تنازع أهل العلم في أصول أخرى ، أهمها : القياس ، و الجمهور على أنه أصل رابع إذا استوفى شروطه المعتبرة و قد أمر صلى الله عليه وسلم أن تبلغ سنته ، قال تعالى في كتابه الكريم في سورة آل عمران: وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ، و قال سبحانه أيضا في سورة آل عمران: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ .

– وقال سبحانه في سورة النساء: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ” ، و قال الشافعي رحمه الله : (إذا رويت عن الرسول حديثا صحيحا ثم رأيتموني خالفته فاعلموا أن عقلي قد ذهب) .

أقسام السنة النبوية 

– تنقسم السنة النبوية بحسب ورودها و طريقة إثباتها من النبي -عليه الصلاة و السلام- إلى عدة أقسام ، هي : السنة القولية ، و السنة الفعلية ، و السنة التقريرية ، و تختلف درجة الاحتجاج بالسنة بحسب قوة ذلك القسم و درجته ، و سنشرح أقسام السنة بالتفصيل فيما يأتي :

السنة القولية

– السنة القولية هي أعلى درجات السنن من حيث الاحتجاج بها ؛ لثبوتها و وضوحها و قوة العبارة ، و هي كل ما نُقل عن النبي -عليه الصّلاة والسّلام- من أقوال ، و مثال ذلك قوله عليه الصلاة والسلام : (إنَّ من أحبِّكم إليَّ وأقربِكم منِّي مجلِسًا يومَ القيامةِ أحاسِنُكم أخلاقًا، وإنَّ أبغضَكم إليَّ، وأبعدَكم منِّي مجلِسًا يومَ القيامةِ الثَّرْثارون والمُتشَدِّقون والمُتفَيْهِقون ، قالوا: يا رسولَ اللهِ قد علِمنا الثَّرثارين والمُتشَدِّقين فما المُتفَيْهِقون؟ قال: المُتكبِّرون) .

السنة الفعلية

– السنة الفعلية تأتي في المرتبة الثانية بعد السنة القولية ، و هي كل ما ورد عن النبي -عليه الصّلاة والسّلام- من أفعال تُشير إلى أحكام شرعية ، و من الأمثلة على ذلك ما رواه أبو قتادة الأنصاريّ -رضي الله عنه- قال: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إذا كان في سفرٍ ، فعرَّسَ بليلٍ ، اضطجعَ على يمينِه ، وإذا عرَّسَ قبيلَ الصبحِ ، نصبَ ذراعَه، و وضع رأسَه على كفَّهِ) .

السنة التقريرية 

– السنة التقريرية هي أن يرى النبي -عليه الصّلاة والسّلام- من أحد الصحابة أو من جماعة منهم فعلاً يتعلق به حكم شرعي ، فيقرهم على فعله و ذلك بأن يسكت و لا ينكر عليهم فعلهم ، أو يسمع قولاً من أحدهم مما يكون للأحكام الشرعية تأثير فيه فيقره عليه .

– و تعد السنة التقريرية حُجة ، لكنها ليست بمنزلة السنة القولية و السنة الفعلية ، و من الأمثلة على السنة التقريريّة ما رواه عكرمة بن خالد رضي الله عنه حيث قال : (إنَّ عِكرمةَ بنَ أبي جهلٍ فرَّ يومَ الفتحِ فكتبتْ إليه امرأتُه فردَّته فأسلمَ وكانت قد أسلمَت قبل ذلك فأقرَّهما النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ على نكاحِهما) .

السابق
من أين جاءت فكرة الخوف من الموت؟ وماذا كشف العلماء في آخر دراسة علمية من الإعجاز العلمي
التالي
السخرية من الأخرين وأضرارها

اترك تعليقاً