مقالة عن عناية الصحابة رضي الله عنهم بطلب العلم وتعليمه

مقالة عن عناية الصحابة رضي الله عنهم بطلب العلم وتعليمه

عنه قال: إن من أشرِّ الناس عند الله منزلة يوم القيامة عالِمًا لا يُنتفع بعلمه.

تثبُّت المتعلم من إجابة العالم إذا حاك في صدره منها شيء:

عن عبدالله بن شفيق رضي الله عنه، “قال رجل لابن عباس: الصلاة فسكت،

ثم قال: الصلاة فسكت، ثم قال: الصلاة فسكت، ثم قال: لا أُمَّ لك؛ أتُعلِّمنا الصلاة؟ كُنا نجمع بين

الصلاتين في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عبدالله بن شفيق:

فحاك في صدري من ذلك شيء؛ فأتيتُ أبا هريرة فسألتُه فصدَّق مقالته”؛

[مسلم في الصحيح]. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «

((من صلَّى على جنازة فله قيراط، ومن تبعها حتى يُقضى دفنُها فله قيراطان، أحدهما أو أصغرهما

مثل أحد))» ، فأرسل ابن عمر إلى عائشة فسألها عن ذلك، فقالت: صدق أبو هريرة، فقال ابن عمر:

لقد فرَّطنا في قراريط كثيرة؛ [البخاري ومسلم]. وعن سليمان بن يسار “أن أبا هريرة وابن عباس وأبا

سلمة بن عبدالرحمن تذاكروا في المتوفَّى عنها زوجها؛ فقال ابن عباس: تعتدُّ آخر الأَجَلَينِ،

وقال أبو سلمة: بل تحلُّ حين تضع، وقال أبو هريرة: أنا مع ابن أخي؛ يعني: أبا سلمة،

فأرسلوا إلى أُمِّ سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت:

قد وضعت سبيعية الأسلمية بعد وفاة زوجها بيسير، فاستفتت النبي صلى الله عليه وسلم فأمرها أن

تتزوَّج”؛ [مسلم في الصحيح]. عدم الإكثار من الأسئلة التي لا حاجة لها:

عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: “من حق العالم عليك ألَّا تُكِثر عليه

السؤال”؛ [الخطيب في الفقيه والمتفقه]. الفتوى والإجابة عن الأسئلة بيان خطورة الفتوى:

سُئل ابن عمر رضي الله عنهما عن شيء، فقال: “لا أدري، ثم أتبعها، فقال:

أتريدون أن تجعلوا ظهورنا لكم جسورًا في جهنم، أن تقولوا أفتانا ابن عمر”؛

[الخطيب في الفقيه]. التورُّع من الفتوى: عن عبدالرحمن بن أبي ليلى رحمه الله، قال:

“أدركت مائة وعشرين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسأل أحدُهم عن المسألة،

فيردُّها هذا إلى هذا حتى ترجع إلى الأول”؛ [الدارمي في السنن]، وعن البراء بن عازب رضي الله

عنه، قال: “رأيت ثلاثمائة من أهل بدر ما فيهم رجل إلا وهو يحبُّ الكفاية في الفتوى”؛

[الخطيب في الفقيه والمتفقه] وعن أبي الحصين الأسدي رحمه الله، قال: إن أحدكم ليُفتي في

المسألة، ولو وردت على عمر بن الخطاب لجمع لها أهل بدر. ذمُّ الذي يُفتي الناس في كل ما

يُستفتى: قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: “إن الذي يُفتي الناس في كل ما يُستفتى لمجنون”؛

[الدارمي في السنن] وقال عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: “إذا أخطأ العالم أن يقول:

لا أدري، فقد أصيبت مقاتله”؛ [الخطيب في الفقيه والمتفقه]. توجيه العالم للسائل أن يسأل غيره:

عن ابن مسعود رضي الله عنه “أنه أتاه قوم، فقالوا: إن رجلًا منا تزوَّج امرأة، ولم يفرض لها صداقًا،

ولم يجمعها إليه حتى مات، فقال: ما سُئلت منذ فارقت رسول الله صلى الله عليه وسلم أشدَّ عليَّ من

هذه، فأتوا غيري”؛ [النسائي في السنن]. قول: الله أعلم، ولا أعلم، ولا أدري: عن علي بن أبي طالب

رضي الله عنه، قال: “إذا سُئلتم عمَّا لا تعلمون فاهربوا، قالوا: وكيف الهرب يا أمير المؤمنين؟

قال: تقولون: الله أعلم، وقال: وأبردها على الكبد إذا سُئلت عمَّا لا أعلم أن أقولَ: الله أعلم”؛

[الدارمي في السنن]. وعنه رضي الله عنه قال: “لا يستحيي عالم إذا سُئل عمَّا لا يعلم أن يقول:

الله أعلم”؛ [الأصبهاني في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء]. وعن ابن مسعود رضي الله عنه، قال:

“من علم علمًا فليقل به، ومن لم يعلم، فليقل الله أعلم فإن من فقه الرجل أن يقول لما لا يعلم:

الله أعلم[البخاري ومسلم] وعن عبيد بن جريج، قال: “كنتُ أجلس بمكة إلى ابن عمر يومًا، وإلى ابن

عباس يومًا، فما يقولُ ابن عمر فيما يُسألُ: لا علم لي، أكثر مما يُفتي به”؛ [الدارمي في السنن].

وعن أبي إسحاق الشيباني، قال: “سمِعت عبدالله بن أبي أوفى يقول: نهى رسول الله صلى الله

عليه وسلم عن نبيذ الجرِّ الأخضر، قلتُ: فالأبيض، قال: لا أدري”؛ [أحمد في المسند].

سؤال العالم غيره إذ لم يكن عنده علم في المسألة التي سئل عنها: جاءت الجدة إلى أبي بكر

الصديق رضي الله عنه، تسأله ميراثها، فقال لها: “ما لك في كتاب الله شيء، وما علمت لك في سنة

رسول الله شيئًا، فارجعي حتى أسأل الناس، فسأل الناس، فقال المغيرة بن شعبة:

حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها السُّدُس، فقال أبو بكر: هل معك غيرُكَ؟

فقام محمد بن مسلمة الأنصاري فقال مثل ما قال المغيرة بن شعبة فأنفذه لها أبو بكر [أبو داود في

السنن] إرشاد السائل لعالم لديه علم في المسألة المسؤول عنها: عن سعد بن هشام أنه لقي ابن

عباس، فسأله عن الوتر، فقال: ألا أنبئك بأعلم أهل الأرض بوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم

؟…عائشة، ائتها فسَلْها [مسلم] وعن شريح بن هانئ، قال: “سألت عائشة عن المسح على الخفين،

فقالت: ائت عليًّا؛ فإنه أعلم بذلك مني”؛ [مسلم في الصحيح]. وعن أبي المنهال قال:

“سألت البراء بن عازب عن الصرف، فقال: سلْ زيد بن أرقم؛ فإنه خيرٌ مني وأعلم، فسألت زيدًا،

فقال: سل البراء؛ فإنه خيرٌ مني وأعلم”؛ [مسلم في الصحيح]. وعن علي البارقي، قال:

“أتتني امرأة تستفتني، فقلتُ لها: هذا ابن عمر، فاتبعَتْهُ تسأله، واتَّبعتُها أسمَعُ ما يقول”؛

[النسائي في السنن]. الإفتاء بسنة الرسول عليه الصلاة والسلام: جاء رجل إلى أبي موسى

الأشعري وسلمان بن ربيعة الباهلي، فسألهما عن ابنة وابنة ابن وأخت لأب وأم، فقالا: للابنة النصف،

وما بقي فللأخت، وائتِ ابن مسعود فسيتابعنا، فأتى الرجل ابن مسعود فسأله، وأخبره بما قالا،

فقال عبدالله: قد ضللت إذًا، وما أنا من المهتدين؛ ولكني سأقضي بما قضى به رسول الله صلى الله

عليه وسلم للابنة النصف، ولابنة الابن السُّدُس تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت؛

[البخاري في الصحيح]. تراجع المفتي عن فتواه إذا تبيَّن له أن الحق في غيرها: عن عبدالله العجلي،

قال: “سمِعتُ ابن عباس رضي الله عنهما قبل موته بثلاث يقول: اللهم إني أتوب إليك مما كنتُ أفتي

الناس في الصرف[الحاكم في المستدرك] أخلاق وآداب العالم الدعاء والاعتذار لمن يخالفه في رأيه:

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:

((إن الميت يُعذَّبُ ببكاء أهله عليه)) قال القاسم بن محمد: لما بلغ عائشة قول عمر، وابن عمر،

قالت: إنكم لتحدثوني عن غير كاذبين ولا مكذبين؛ ولكن السمع يُخطئ وفي رواية قالت يغفر الله لأبي

عبدالرحمن أما إنه لم يكذِب ولكنه نسي أو أخطأ وعن مجاهد دخلتُ أنا وعروة المسجد, فسأل عروة

ابن عمر, فقال: يا أبا عبدالرحمن كم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال أربع عمر إحداهن

في رجب، فقال عروة: ألا تسمعين يا أم المؤمنين إلى ما يقول أبو عبدالرحمن؟ فقالت: وما يقول؟

قال يقول: اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم أربع عمر، إحداهن في رجب، فقالت: يرحم الله أبا

عبدالرحمن، ما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو معه، وما اعتمر في رجب قطُّ، وعن

محمد بن المنتشر رضي الله عنه، قال: سألت ابن عمر عن الطيب عند الإحرام، فقال:

لأن أُطلى بالقطران أحبُّ إليَّ من ذلك، فذكرت ذلك لعائشة، فقالت: يرحم أبا عبدالرحمن،

لقد كنتُ أُطيِّب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيطوف على نسائه ثم يصبحُ ينضحُ طيبًا

[متفق عليه] التخلُّق بجميل الآداب ومكارم الأخلاق: قال عمر رضي الله عنه:

“تعلَّموا العلم، وتعلَّموا للعلم السكينة والحلم، وتواضَعُوا لمن تُعلِّمون، وليتواضع لكم مَنْ تُعلِّمون،

ولا تكونوا جبابرة العلماء، فلا يقوم علمُكم بجهلكم”[الآجرُّي في أخلاق حملة القرآن]،

وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: “لا يكون الرجل عالِمًا حتى لا يحسد من فوقه،

ولا يحقر من دونه.[الدارمي] صيانة العلم من بذله لأهل الدنيا طمعًا في دنياهم:

قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: “لو أن أهل العلم صانُوا العلم، ووضعوه عند أهله،

لسادُوا به أهل زمانهم؛ ولكنهم بذلوه لأهل الدنيا لينالوا من دنياهم، فهانوا على أهلها”؛

[الآجري في أخلاق حملة القرآن]. وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال:

“لا يكون الرجل عالِمًا حتى لا يبتغي بعلمه ثمنًا”؛ [الدارمي في السنن].

الترحيب بالمتعلم: عن صفوان بن عسال المرادي رضي الله عنه، قال:

“أتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مُتَّكئ في المسجد على برد له، فقلت له:

يا رسول الله، إني جئتُ أطلب العلم، فقال: ((مرحبًا بطالب العلم))”؛ [الطبراني في الكبير].

وعن علقمة رحمه الله قال: كان ابن مسعود يُقرِّبهم إذا أتوه، ويقول: أنتم دواء قلبي وكان أبو الدرداء

رضي الله عنه، إذا رأى طلبة العلم، قال: “مرحبًا بطلبة العلم، وكان يقول: إن رسول الله صلى الله عليه

وسلم أوصى بكم”؛

[أخرجه الخطيب في الجامع لأخلاق الراوي]. استقبال المتعلم في وقت راحته إذا علِمَ حرصه على

طلب العلم: عن سعيد بن جبير رحمه الله، قال: “سُئلت عن المتلاعنين في إمارة مُصعب بن الزبير،

أيُفرَّق بينهما؟ فما دريتُ ما أقول، فقمتُ من مكاني إلى منزل ابن عمر، فاستأذنتُ عليه، فقيل لي:

إنه قائل، فسمع كلامي، فقال: ابن جبير، ادخل، ما جاء بك إلا حاجة، فدخلت، فقلت:

يا أبا عبدالرحمن، المتلاعنان أيُفرَّق بينهما؟ فقال: سبحان الله! نعم”؛ [مسلم في الصحيح].

التعليم بالفعل: عن حمران مولى عثمان بن عفان، “أنه رأى عثمان دعا بوضُوءٍ، فأفرغ على يديه من

إنائه، فغسلهما ثلاث مراتٍ، ثم أدخل يمينه في الوضوء، ثم تمضمض، واستنشق واستنثر، ثم غسل

وجهه ثلاثًا، ويديه إلى المرفقين ثلاثًا، ثم مسح برأسه، ثم غسل كلتا رجليه ثلاثًا، ثم قال:

رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم يتوضَّأُ نحو وضوئي هذا، وقال:

((من توضَّأ نحو وضوئي هذا، ثم صلَّى ركعتين لا يُحدثُ فيهما نفسه، غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه))؛

[البخاري ومسلم]. نشر العلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال:

“مثل علم لا يُعمَل به، كمثل كنزٍ لا يُنفق منه في سبيل الله عز وجل”،

وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه، قال: “علمٌ لا يُقال به ككنز لا يُنفَق منه”؛

[الدارمي في السنن]. الحث على تعليم الأبناء وتأديبهم قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه في

قوله تعالى: ﴿ {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} ﴾ [التحريم: 6]، علِّموهم وأدِّبُوهم،

وقال ابن عمر رضي الله عنهما لرجل: أدِّب ابنك؛ فإنك مسؤول عن ولدك ما علمته؛

[الخطيب في الفقيه والمتفقه]. العمل بالعلم عن عمر بن الخطاب قال لعبدالله بن سلام رضي الله

عنهما: “مَنْ أرباب العلم؟ قال: الذين يعملون بما يعلمون”؛ [الدارمي في السنن].

وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: “يا حملة العلم، اعملوا به؛

فإنما العالم من عمِل بما علِم، ووافق عملُه عِلمَه”؛ [الدارمي في السنن]. وعنه قال:

“تعلَّموا العلم تُعرَفوا به، واعمَلوا به تكونوا من أهله”؛ [الخطيب في الجامع لأخلاق الراوي]،

وعنه رضي الله عنه، قال: “هتف العلم بالعمل، فإن أجابه وإلَّا ارتحل”؛

[الخطيب في اقتضاء العلم العمل]. وعن ابن مسعود رضي الله عنه، قال:

“تعلَّموا العلم، فإذا علمتم فاعملوا”؛ [الخطيب في اقتضاء العلم العمل]، وعنه قال:

“كان الرجل منا إذا تعلَّم عشر آيات، لم يجاوزهنَّ حتى

يعرِف معانيهن والعمل بهنَّ”؛ [ابن كثير في مقدمة تفسير القرآن العظيم]، وعنه قال:

“ينبغي لقارئ القرآن أن يُعرَف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس مفطرون، وبورَعه إذا الناس

يخلطون، وبتواضعه إذا الناس يختالون، وبحزنه إذا الناس يفرحون، وببكائه إذا الناس يضحكون،

وبصمته إذا الناس يخوضون”؛ [الآجري في أخلاق حملة القرآن]. وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال:

“إن أخوف ما أتخوَّف أن يُقال لي يوم القيامة: قد علمت، فما عملت فيما علمت ؟

[عبدالرزاق في المصنف]. وعنه قال: ويل للذي لا يعلم، وويل للذي يعلم ولا يعمل سبع مرات.

وعنه قال: إن من أشرِّ الناس عند الله منزلة يوم القيامة عالِمًا لا يُنتفع بعلمه. وعنه قال:

من عمل بعُشْر ما يعلم علَّمه الله ما يجهل؛

[الخطيب في الجامع]. وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال:

“اعملوا ما شئتم بعد أن تعلموا، فلن يأجركم الله بالعلم حتى تعملوا”؛

[الدارمي في السنن]، وعنه قال: “إنك لن تكون عالِمًا حتى تكون مُتعلِّمًا،

ولن تكون مُتعلِّمًا حتى تكون بما علِمت عاملًا، وقال: إن العبد يوم القيامة لمسؤول:

ما عملت بما عَلِمت؟”[الخطيب في اقتضاء العلم العمل]

اللهم وفِّقنا للاقتداء بصحابة رسولك صلى الله عليه وسلم في طلب العلم النافع،

السابق
مقالة تربوية عظيمة..تربية الصحابة رضي الله عنهم لأبنائهم
التالي
يأجوج ومأجوج .. قصة قوم خلف السد يخرجون آخر الزمان

اترك تعليقاً