معنى آية يا نساء النبي لستن كأحد من النساء

معنى آية يا نساء النبي لستن كأحد من النساء

 

 

تناولت سورة الأحزاب جانبًا تشريعيًا لحياة الأمة الإسلامية حالها كحال جميع السور المدنية، فتناولت الأحكام التشريعية التي تكفل السعادة والهناء للمجتمع المسلم، وأبطلت العديد من العادات والتقاليد الموروثة كالتبني والظهار وغيرها؛ لذلك يكثر البحث عن معاني آيات سورة الأحزاب، وبخاصة معنى آية يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن وما ترشد إليه من فوائد بالغة الأهمية للمجتمع الإسلامي.

 

معنى آية يا نساء النبي لستن كأحد من النساء

 

جاء في كتاب التفسير الكبير أن معنى آية يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن هو استثناء نساء النبيّ -صلى الله عليه وسلم- من نساء العالمين؛ لما لهنّ من المكانة، فجاء بأنّ عذابهنَّ هو ضعف عذاب غيرهنَّ من النساء في حال اقترفنَّ ذنب ما، وأجرهنَّ مثل أجر غيرهنَّ فهنَّ كالحرائر بين الإماء.

كما أنّ لنساء النبيّ صفةً لن تكون لغيرهنَّ من النساء وهي أنّهن أمهات المؤمنين وزوجات رسول الله -عليه الصلاة والسلام- خير الأنبياء والمرسلين، والذي ليس كغيره من الرجال كما قال عن نفسه صلى الله عليه وسلم: “لسْتُ كأحدِكم” لذلك فإن كلّ من كان من خاصّة رسول الله وأقربائه وآل بيته لن يكونوا كغيرهم من الناس.

وجاء في تفسير القرطبي أنّ قوله تعالى: {لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ}، قيل فيه كأحد وليس كواحدة من النساء؛ لأنّ في نفي أحد نفيٌ عام للمؤنث والمذكر والواحد والجماعة والمثنى، وقد اقترن هذا الفضل والاستثناء لنساء النبيّ الكريم بقوله تعالى في تتمة الآية الكريمة: {إِنِ اتَّقَيْتُنَّ}، فكانت هذه الفضيلة مقرونة أيضًا بتقوى الله تعالى.

وورد في كتاب أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير أنّ الآية الكريمة تخاطب نساء النبي أمهات المؤمنين بأنّهن لسن كجماعات النساء بل هن صاحبات شرف ومكانة فهمن زوجات خاتم الأنبياء ولا بدّ لهنّ من زيادة قدرهنَّ ومنزلتهنَّ بطاعة الله ورسوله فجاءت التتمة في الآية الكريمة: {إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا}، أي أنّ شرفهنَّ ومنزلتهنَّ قد حصلت ولكن بتقوى الله تعالى، فلا بدّ من ملازمة التقوى، فبدون التقوى لا يعلو شأنهنَّ بين النساء، وجاء بعدها النفي عن الخضوع بالقول أمام الرجال.

كما جاء في تفسير الحاوي الكبير في فقه مذهب الشافعي عن معنى آية: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ}، أنّ الآية أبانت نساء النبي بين نساء العالمين، كما قال الماوردي أنّ الله تعالى خصّ نبيه بالكثير من الكرامات وهذه منهن حيث فضّل نساء الرسول على نساء العالمين.

يأتي هذا التفضيل لأربعة أمور أولها أنّ الله خصّهن بخلوة رسول الله وأنّ الوحي نزل بينهم، وثانيها أنّ الله اصطفاهن لرسوله الكريم زوجات في الآخرة وفي الدنيا، وثالثهما أنّ الله ضاعف لهنّ الثواب من الحسنات والعقاب من السيئات، ورابعها أنّ الله تعالى جعل نساء النبيّ أمهات للمؤمنين محرمات عليهم، فكان ذلك كلّه سببًا لكونهن أفضل نساء العالمين.

معاني المفردات في آية يا نساء النبي لستن كأحد من النساء

لا يمكن لأحدٍ أن يُشكّك أنّ مفردات القرآن الكريم جميعها اختيرت بعناية إلهية وحكمةٍ بالغةٍ بالغة، فهي في ترتيبها وتنسيقها معجزة للعرب بكلّ ما يملكونه من فصاحة وبلاغة وتحكم بحبال اللغة والكلام، وفيما يأتي معاني المفردات في الآية الكريمة يا نساء النبي لستن كأحدٍ من النساء إن اتقيتن:

    • نساء: اسم، وهي جمع كلمة امرأة، وفي حال أضيفت كلمة النساء إلى كلمة النبي لتصبح “نساء النبيّ” فهنّ زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمهات المؤمنين.
    • النبي: هو إنسان يصطفيه اللهُ من خلقه ليوحى إليه بشريعة أو دين سواء كُلِّف بالإبلاغ أم لا.
  • اتقيتن: اسم من اتقى ويقال ذاك شخص شديد التقوى أي؛ شديدَ التنسك وَالعبادة وَمخافَة اللَّه وَاحترام الشريعة.

 

فوائد آية يا نساء النبي لستن كأحد من النساء

  • وضّحت الآية الكريمة فضل ومكانة نساء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وشرفهن، فهنّ أمهات المؤمنين وزوجات رسول الله خير الأنبياء والمرسلين، وليس كمثلهنَّ أحد من النساء أو الرجال أو أيّ أحد إطلاقًا.
  • أمر الله تعالى نساء النبي بالتقوى وعدم الخضوع بالقول أمام الرجال الأجانب على الرغم من طهارة نساء الرسول الكريم وطهارة المجتمع الإسلامي في ذلك الوقت، وذلك كلّه في سبيل صلاح المجتمع.
  • إنّ الأمر الإلهي ليس خاصًّا بزوجات رسول الله، بل هو معمم على كل نساء المسلمين، وذلك بالنهي عن مخاطبة الرجال بصوت فيه لين أو خضوع قد يثير شهوة الرجال ويقوم بتحريك غرائزهم فيطمع من كان في قلبهم مرض ويهيج فيه الرغبات.
  • لا شكّ بأنَّ نساء النبي هنّ أهل الشرف والتقوى ولكن جاء هذا النهي للتنبيه على مزيد من التقوى فسيكون لنساء النبي عليه الصلاة والسلام دورٌ مهمّ في تبليغ تعاليم الشريعة الإسلامية بعد رسول الله حيث يقول الله عزّ وجل: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ}.
  • تعدّ هذه الآية الكريمة من إحدى الآيات التي خاطب الله تعالى فيها نساء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعبارات لطيفة ومناسبة في سبيل إرشادهنَّ لأمر أو نهيهنَّ عن أمر آخر، فبيّن أولًا مكانتهنَّ الرفيعة بين جميع الناس ثم نهاهنَّ عن فعل منكر لا يصح القيام به، وذلك تربية لهنَّ ولكل نساء المسلمين.
السابق
معنى آية حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج
التالي
تفسير سورة الاخلاص واسباب نزولها

اترك تعليقاً