معنى آية منسوخة

معنى آية منسوخة

معنى آية منسوخة

معنى آية منسوخة

 

يُقصد بالنسخ في اللغة العربية التحويل والنقل، ومن ذلك نسخ الكتاب، والمُراد تحويله من كتاب إلى كتاب، كما يُراد بالنسخ أيضًا الرفع، ومن ذلك نسخت الشمس الظل أي ذهبت به وأبطتله، ويكثر استعمال لفظ النسخ للآيات القرآنية؛ لذلك يتساءل الكثيرون عن معنى آية منسوخة وتفسيرات العلماء لآية النسخ الواردة في القرآن الكريم.

معنى آية منسوخة

 

إن معنى آية منسوخة أي تبديل حكم بحكم آخر أو تبديل آية من آيات القرآن الكريم بغيرها من الآيات أو حديث من الأحاديث النبوية بآية قرآنية، فالنسخ على عدة وجوه، وقد كان النسخ في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك من خلال الوحي الذي يتنزل عليه، بينما لا يجوز نسخ الآيات والأحاديث النبوية بالعقل والاجتهاد أبدًا.

النسخ هو إلغاء لأحد الأحكام الشرعية، والحكم الشرعي الذي يُلغى يُسمى بالمنسوخ، بينما النص الشرعي الذي يلغيه يُسمى بالناسخ، ويكون النسخ في الأوامر والنواهي فقط، بينما أمور العقيدة والعبادات والأصول الدينية، فلا يقع فيها النسخ إطلاقًا.

يقول الله تعالى في سورة البقرة: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، والمقصود من الآية الكريمة أن الله تعالى إذا رفع حكمًا شرعيًا سواء بالإبطال أو بالإنساء من القلوب من خلال نسخ الآية التي جاءت بالحكم الشرعي، فإن الله يأت بخير منها من حيث كونها أفضل وأيسر وأنفع للمسلمين.

كما قد يُراد بالآية أن الله يأت بمثلها من حيث الأجر والمنفعة، وقد اختُتمت الآيات ببيان قدرة الله تعالى على النسخ والتبديل، فيقول عز وجل: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.

تجدر الإشارة في هذا المقام إلى ذكر عدة أقوال للعلماء في تفسير آية النسخ:

    • الطبري: إن الله تعالى يُحرم أمرًا كان حلالًا أو يُبيح ويُحلّل أمرًا كان محرمًا، وذلك من خلال نسخ الآيات، حيث ينقل حكم الآية إلى حكم آخر ينزله بآية لاحقة، ولا يكون هذا النسخ سوى في الأوامر والنواهي والمباحات فحسب، فلا يكون في غير ذلك من العقائد والأصول، فضلًا عن أخبار الأمم السابقة التي ذُكرت في القرآن أو الأخبار الغيبية التي ستقع حتمًا في المستقبل، فلا يمكن أن يقع النسخ في مثل هذه الأمور.
    • القرطبي: إنَّ معنى آية منسوخة في قول الله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}، هو الإبطال والإزالة وإقامة أمر آخر مقامه، ويُمكن القول أن معنى الآية هنا أن الله -عز وجل- ما يبطل ويزيل من حكم آية ما إلا ويقيم مقامها ما هو أفضل منها أو مثلها.

  • البيضاوي: يُبيّن الله تعالى أنه ينسخ الآيات ويرفعها أو يُنسئها ويُذهبها من القلوب وبذلك ينتهي التعبد بها أو يسقط العمل بما جاءت به من أحكام، أو الأمرين معًا، وعندما يحصل النسخ، فإن الله يأت للمسلمين بما هو أفضل من الآية المنسوخة من حيث تخفيف الأحكام عليهم أو زيادة المنفعة لهم، وقد تكون الآية الناسخة مثل الآية المنسوخة في الأجر والمنفعة، ويُعد النسخ من دلائل قدرة الله تعالى أيضًا وفقًا لرأي الإمام البيضاوي.

أقسام الآيات المنسوخة

 

تنقسم الآيات المنسوخة في القرآن الكريم إلى ثلاثة أقسام، وفيما يأتي تفصيل ذلك:

  • قسم رُفع حكمه وبقيت تلاوته: حيث يرتفع حكم الآية، ويأتي الله تعالى بآية أخرى تشتمل على حكم بديل عنها، ومن الأمثلة على ذلك تغير عدة المرأة المتوفى عنها زوجها من حول كامل إلى أربعة أشهر وعشرة أيام فقط.
  • قسم رُفع حكمه وتلاوته: حيث يرتفع حكم الآية وتلاوتها بعدما يأتي الله بآية أخرى تشتمل على حكم بديل عنها، وذلك مثلما حدث في حكم التحريم بالرضاعة من عشر رضعات إلى خمس رضاعات فحسب.
  • قسم رفعت تلاوته وبقى حكمه: ويشتمل هذا القسم على الآيات التي رُفعت تلاوتها وبقى حكمها والتعبد بها، وذلك مثل آية الرجم للشيخ والشيخة الثيبان من القرآن الكريم، رغم أن عقوبة الرجم لا تزال باقية حتى الآن ولم تتغير.

ويتنّوع النسخ إلى عدة أنواع، ومن ذلك نسخ القرآن بالقرآن، ونسخ القرآن بالسنة النبوية، وهناك اختلاف بين العلماء في صحة نسخ القرآن بالسنة، كما فرّق العلماء بين نسخ القرآن الكريم بالسنة المتواترة، والنسخ بالسنة الآحاد.

يرى بعض العلماء والأئمة أن نسخ القرآن بالسنة المتواترة أمرًا جائزًا، وعلى ذلك الإمام مالك رحمه الله، والحنفية، إضافةً إلى لفيف من أهل العلم، حيث يعتقدون أنه ليس هناك من الموانع الشرعية ولا العقلية التي تمنع جواز ذلك، وذلك لأن كلًا من القرآن الكريم والسنة النبوية وحي من الله تعالى، وفي القرآن الكريم:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “ألا إني أوتيتُ القرآنَ ومثلَه معه”. [1]

قال بعض العلماء بعدم جواز نسخ القرآن الكريم بالسنة النبوية، ومن أبرزهم الإمام الشافعي، والإمام أحمد بن حنبل، كما ذُكر في إحدى الروايات عنه وكثير من أهل الظاهر مستندين في ذلك إلى كثير من الأدلة التي ساقوها في هذا المجال.

أما عن نسخ القرآن الكريم بالسنة الآحاد، فقد وقع خلاف كبير بين العلماء في جواز ذلك من عدمه، والراجح جواز نسخ القرآن بالسنة حتى الآحاد منها، وذلك لما ثبت وقوعه من نسخ آية خمس رضعات تلاوة فقط، ونسخ سورة الحفد وسورة الخلع بالسنة المتواترة، إضافةً إلى نسخ حكم آية الوصية وبقاء تلاوتها بالسنة الآحاد.

 

السابق
لماذا سميت الفاتحة
التالي
كيف نواجه الفتن

اترك تعليقاً