معنى آية حتى يلج الجمل في سم الخياط

معنى آية حتى يلج الجمل في سم الخياط

 

 

يقول الله تعالى في الآية الأربعين من سورة الأعراف: {إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ }، ويتساءل الكثير من المسلمين عن معنى آية يلج الجمل في سم الخياط والثمرات المستفادة من الآية الكريمة.

 

معنى آية يلج الجمل في سم الخياط

 

هناك اختلاف بين علماء التفسير في معنى آية يلج الجمل في سم الخياط ويتمثل هذا الخلاف حول معنى الجمل، وذلك بحسب قراءته، فقد قرأ بعض العلماء الجَمَل بفتح الجيم والميم، والمقصود به زوج الناقة، وهو المعنى الأشهر، بينما قرأ آخرون الجُمَّل بضم الجيم وتشديد الميم المفتوحة، كما قرأ البعض الجُمْل بضم الجيم وتسكين الميم، ويُراد به الحبل الثخين.

يميل الكثير من المفسرين إلى أن القراءة الثانية هي الأقرب، وذلك لما في الحبل الثخين والخيط المذكور في الآية من تقارب، حيث أن الحبل الثخين يستحيل أن يدخل في سم الخياط، وقد قال تعالى: {وكذلك نجزي المجرمين} أي أن هذا الجزاء للمجرمين وهم أنفسهم الكافرين، وذلك لإنكارهم لآيات الله تعالى وتكذيبهم بالدلائل الكونية، واستكبارهم في الأرض.

ذُكر في التفسير الكبير في تأويل قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا}، أي الذين كذبوا بالآيات والدلائل التي تؤكد على وحدانية الله تعالى وألوهيته، وما شرعه من أصول الدين، فكل فئة من هذه الفئات الكافرة تُنكر قضية من أصول الدين، ويجتمعون في الاتصاف بالاستكبار الذي هو تغطرس وترفع عن الحق.

من اللطائف القرآنية أن لفظ التكبر عندما يأتي في وصف البشر، فإنه من الأوصاف الذميمة، فقد اتصف فرعون بالاستكبار في قوله تعالى: {وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ}، بينما اتصاف الله بالتكبر يكون على سبيل المدح، وذلك لأنه تكبر عن صفات المخلوقات فلا يلحقه نقص، وتكبر بربوبيته فلا شيء مثله.

في قوله تعالى: {لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ}، خلاف بين العلماء، حيث قالوا لا تُفتح لأعمالهم ولا لأقوالهم، ولا لما قدموه من طاعات، بينما فسّر البعض الآية على أنهم لن يصلوا إلى السماء، ولن تُفتح لهم أبواب السماء حتى لا يدخلوا الجنة، كما قيل أيضًا لا تُفتح لهم أبواب السماء فلا تنزل عليهم الخيرات.

قال تعالى: {وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} ويُراد بذلك أن الذين ترفعوا عن الإيمان بآيات الله ورسله وشرائعه، ليس لهم أن يدخلوا الجنة، ولا أن يشموا ريحها، حتى يدخل الجمل في ثقب الإبرة، وهذا من المستحيل عقلًا؛ وذلك لأن الله أعد الجنة لعباده الأخيار الأطهار، لا المستكبرين عن الحق والمنحرفين عنه إلى الباطل والضلال.

معاني المفردات في آية حتى يلج الجمل في سم الخياط

يُسهم البحث في معاني المفردات الواردة في الآيات القرآنية في تسهيل فهمها، وفيما يأتي معاني المفردات في آية: حتى يلج الجمل في سم الخياط:

    • اسْتَكْبَرُوا: يُقال تكبّر على أو تكبّر عن، والمتُكبر هو المتعالي والمترفع والمتعاظم، واستكبر أي استعظم، وغالبًا ما يُستعمل هذا اللفظ في الامتناع عن قبول الحق على سبيل العناد، ومن ذلك قوله تعالى: {فَما يَكونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها}.
    • يَلِجَ: يُقال ولج، يلج، لِج، ولوجًا، فهو والجٌ، وهي والجةٌ، والمفعول منه مولوج، ويُقصد به الدخول في الشيء، والغياب في باطنه.
  • سَمِّ: اسم مفرد يُجمع على سموم، والسّم هو المادة السامة، كما يُراد به أيضًا الثقب الضيق مثل ثقب الإبرة، وثقب العين، وثقب الأذن.
  • الخِياط: الخِياط هي آلة الخياط، وسم الخياط أي ثقبه.
  • الْمُجْرِمِينَ: المُجرم اسم فاعل من الفعل أجرم، ويُجمع على مجرمون في حالة الرفع، ومجرمين في حالتي النصب والجر، ويُراد بالمجرم من ارتكب الجرم الذي يستحق عليه الجزاء والعقاب.

الثمرات المستفادة من آية حتى يلج الجمل في سم الخياط

 

عند تدبر معنى آية حتى يلج الجمل في سم الخياط، فيُمكن استخلاص العديد من الثمرات والفوائد من هذه الآية الكريمة مثل:

  • ذم الله تعالى لصفة الاستكبار؛ لأن الإنسان المتكبر هو من يترفع بالباطل ويرفض الاعتراف بالحق، وفي ذلك من أسباب الشر الكثير.
  • وضع الله جزاءًا للاستكبار من جنس العمل، فمن استكبر عن قبول الحق بفتح قلبه للإيمان، فإن جزائه في الآخرة أيضًا ألا يُسمح له بأن تنفذ روحه من السماء إلى الله تعالى وما أعده من جنان لعباده المؤمنين، فعندها ستُغلق أبواب السماء دونهم، وذلك نتاج طبيعي لاستكبارهم وتغطرسهم.
  • اتصاف المتكبرين على آيات الله تعالى بالكفر والإجرام.
  • تُفتّح أبواب الجنة للمؤمنين الذين انقادوا لله تعالى بالإيمان والأعمال الصالحة، فقد كانوا مصدقين بالآيات، متواضعين لجلال الله تعالى، ففي الآخرة تعرج أرواحهم إلى الله، وتسعد بالاقتراب من جلاله، وتحظى برضوانه، وليس هناك ثواب أعظم من ذلك.
السابق
معنى آية الا من اتى الله بقلب سليم
التالي
ما هي اعراض المحسود

اترك تعليقاً