معنى آية الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا

معنى آية الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا

 

 

المُراد بالصبر هو الالتزام بحسن الأدب وقت نزول البلاء، ومنع الإنسان نفسه عن الجزع، ومسك اللسان عن الشكوى، والسيطرة على الجوارح من إبراز ما سكن في القلب من أحزان، وهناك العديد من الآيات القرآنية التي تتحدث عن الصبر، ويتساءل الكثير عن تفسير هذه الآيات، ومن ذلك معنى آية الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون.

معنى آية الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا

 

قال الإمام الواحدي في كتابه الوجيز في تفسير الكتاب العزيز عن معنى آية الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أَيْ: من أصابتهم مصيبة من مصائب الدهر، قالوا نحن وأموالنا لله تعالى، ونحن لسنا سوى عبيده، فله أن يفعل بنا ما شاء، وقد وعدهم الله المغفرة على هذا القول الذي يدل على الثبات وقوة الإيمان.

تناول الشيخ محمد متولي الشعراوي في خواطره معنى آية الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون، فقال عن المصيبة هي الأمر الذي يُصيب الإنسان فيتسبب في إصابته بالمشقة والألم، وقد أُخذت المصيبة من إصابة الهدف، فكأنها رُميت على الإنسان وأصابته.

إذا كان العبد مؤمنًا، فإنه يستقبل المصيبة بثقة وثبات، وعلى قدر ما تكون هذه المصيبة مؤلمة، فإنه يُثاب عليها؛ ولذلك عندما شعر الكفار بالفرح الشديد عند إصابة المسلمين في بعض المعارك قال تعالى: {قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلاَّ مَا كَتَبَ الله لَنَا}. [1]

والمقصود بالآية أي قولوا أيها المؤمنون لهؤلاء الحمقى من الكفار والمشركين: لن نُصاب بأي أذى، ولن يحدث لنا أي شيء من خير أو شر إلا ما كتبه الله لنا، وعندما ننظر للتعبير القرآن العظيم سنجد أن المسألة التي تقع ستكون لحسابنا وفي صالحنا، وسنأخذ عليها الثواب من الله؛ ولذلك لم يقل الله “كتب الله علينا” لأنها لو كانت كذلك لكان المقصود الجزاء والعقاب من الله.

في قوله تعالى {إِنَّا للَّهِ وَإِنَّآ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} دلالة على أننا مملوكون لله وراجعون إليه، حتى وإذا كنا نتعرض لبعض المصائب في الدنيا، فإننا سننال عوضًا عن ذلك، وقد علمنا الرسول أن نقول عند إصابة المصيبة: {إِنَّا للَّهِ وَإِنَّآ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}، كما أن زادنا أيضًا أن نقول: (اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها) وما قالها الإنسان إلا إذا وجد بعد ذلك ما هو خير مما أصابه في الدنيا والآخرة، ولذلك أعقب الله تعالى الآية بقوله: {أولئك عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ}.

وهناك قصة عن أم سلمة رضي الله عنها؛ حيث تقول: سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يقولُ: ما مِن عَبْدٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ، فيَقولُ: {إنَّا لِلَّهِ وإنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة:156]، اللَّهُمَّ أْجُرْنِي في مُصِيبَتِي، وَأَخْلِفْ لي خَيْرًا منها، إلَّا أَجَرَهُ اللَّهُ في مُصِيبَتِهِ، وَأَخْلَفَ له خَيْرًا منها. قالَتْ: فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ، قُلتُ: كما أَمَرَنِي رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فأخْلَفَ اللَّهُ لي خَيْرًا منه، رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ. الراوي : أم سلمة أم المؤمنين | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 918 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] [2]

فوائد من آية الذين اذا اصابتهم مصيبة

 

تدل الآية الكريمة على أنه لا يصح للإنسان أن يجزع وذلك لأن أي أمر يُصيب الإنسان، إما أن يكون بسبب أمر فعله، وعند ذلك لا يحق له أن يألم أو يجزع؛ لأنه كان المؤلم لنفسه، أما إذا كانت المصيبة التي تُصيبه خارجة عند إرادته، ولا دخل له بها، فعليه أن يبحث عن سببها، فإما أن تكون عدلًا أو ظلمًا، فلو كانت عدلًا، فقد جبرت ذنبًا أصابه، أما إذا كانت ظلمًا، فإن الله سيكتب له ثوابًا على ذلك ويقتص من الظالم، وفي كلتا الحالتين، فإن المؤمن رابح.

يجب على المؤمن أن يستقبل كل مُصيبة تُصيبه وهو متوقع أنها ستأتي له بالخير، كما يجب على المؤمن أن يُقيم نفسه تقييمًا حقيقيًا، وذلك بأن يقول هل لي على الله حق؟ لا، أنا مملوك لله تعالى، وليس لي حق عنده، فما يُجريه عليّ، إنما يُجريه في ملكه هو، وإذا لم يُعجبه ذلك، فله أن يتأب على المصائب، فيقول لها “لا تُصيبني” ولكنه لا يستطيع بذلك درء المصائب، فما دمنا لا نستطيع أن نرد المصائب عن أنفسنا، فلنقبلها كمؤمنين محتسبين.

من فوائد قوله تعالى: {إِنَّا للَّهِ وَإِنَّآ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} أن الله تعالى يريد أن ينسبنا إليه، وفي ذلك من العز والشرف الكثير، فإننا ننسب ملكيتنا إلى الله، ونتقبل ما نتعرض له من أهوال، وإذا كنا ملكًا لله، فهل الإنسان يُفسد ملكه؟ أبدًا؛ ولله المثل، فإنه لا يُفسدنا بتعريضنًا للمصائب أيضًا؛ لأن صاحب الملك يفعل كل ما يؤدي إلى صلاح ملكه، وربما يرى الإنسان في ظاهر الأمر فسادًا وضررًا، بينما جوهر الأمر ينطوي على الصلاح والخير والمنفعة.

السابق
معنى آية وهدوا إلى الطيب من القول
التالي
تفسير سورة محمد

اترك تعليقاً