ما هو مفهوم العبادة وأثرها

ما هو مفهوم العبادة وأثرها

ما هو مفهوم العبادة وأثرها … ان عبادة الانسان لله تعالى هي فرض علي، لان الانسان خلق لعبادة الله وحده لا شريك له، وأن يؤدي عبادته بطريقة صحيحة

 

العبادة لغة

هي الخضوع والتذلّل للغير بقصد التعظيم، وهو غير جائزٍ إلّا لله تعالى كما تُستعمل العبادة بمعنى الطاعة، وقال الراغب الأصفهاني إنّ العبودية تطلق على إظهار التذلّل والخضوع، أمّا العبادة فهي أبلغ منها، فالعبادة هي الغاية في التذلّل.

العبادة اصطلاحاً

تعرّف العبادة الشرعية بأنّها الانقياد والخضوع لله تعالى، مع التقرّب إليه وما شُرع من محبته، وعرّف شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- العبادة بأنّها اسمٌ جامعٌ لكلّ ما يحبه الله -تعالى- ويرضاه من الأقوال والأفعال، سواءً كان القول أو الفعل ظاهراً أم باطناً.

ومثال العبادة الظاهرة: الصلاة، والزكاة، والحجّ، والدعاء، والذكر، إضافة إلى بِرّ الوالدين، والجهاد، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والإحسان إلى الخَلق، وغير ذلك من الأعمال والأقوال، ومثال العبادة الباطنة: حُبّ الله ورسوله، والخوف من عذابه ، والرجاء لرحمته، والتوكُّل عليه، وشكره، والصبر على أحكامه، والرضا بقضائه.

وعبادة الله تشمل كلّ ما يتعلّق بالدين؛ حيث تشمل أركانَ الإيمان، وأركان الإسلام، ويدخل فيها معنى الإحسان، ويأتي الأصل اللغوي لكلمة العبادة متوافقاً مع المقصود بلفظ (الدين)؛ أي بمعنى: الخضوع، والطاعة؛ فعبادة الله والدينونة له تجمع الخضوع لله -تعالى-، إلى جانب حُبّه -تبارك وتعالى-، فهو يدينُ لله، ويخضع له؛ طاعةً، ورغبةً، وحُبّاً، وبهذَين الشرطَين تتحقّق العبودية له.

وعلى الرغم من أنّ أذهان الكثيرين تنصرف إلى الطقوس والشعائر والصلوات بشكل خاصّ إذا ذُكِرت كلمة (عبادة)، إلّا أنّ الإسلام أكّد على أنّ حياة الإنسان كلّها عبادة لله، يقول الله -تعالى-: (قُل إِنَّ صَلاتي وَنُسُكي وَمَحيايَ وَمَماتي لِلَّـهِ رَبِّ العالَمينَ)؛فالصلاة، والمناسك تُعَدّ لوناً واحداً من ألوان العبادة، إلّا أنّ العبادة تأتي بمعنى أكثر شموليّة من ذلك.

وذلك لأنّها تستغرق حياة الإنسان كلّها، وبناءً عليه؛ فإنّ كلّ ما يقوم به المسلم في حياته هي عبادة لله -تعالى-، ممّا يعطي حياته معنىً، وغايةً، وهدفاً يُعَدّ كُلٌّ منها مُتَّصِلاً بالله -سبحانه وتعالى-.

أنواع العبادة ومجالاتها

تشتمل عبادة الله -تعالى- على العديد من الأنواع، والصور التي لا تُحصى، ومنها:

  • العبادات الاعتقاديّة أو القلبيّة

وهي تتّصل بكلّ ما يعتقده الإنسان بالله؛ من أنّه الأحد، وهو القادر على الضرّ، والنفع، وهي تفيد توجُّه القلب إلى الله بالحبّ، والرغبة، والرجاء، والخوف، والتوكُّل عليه، وغيرها.

  • العبادات اللسانيّة

وعلى رأسها تلفُّظ المسلم بالشهادتَين، وتشمل كذلك تلاوة القرآن، وذِكر الله -تعالى-، والنصيحة للناس، وغيرها.

  • العبادات البدنيّة

وأشكالها كثيرة جدّاً، وأهمّها: الصلاة، والصوم، والحجّ، والجهاد في سبيل الله، وغيرها.

  • العبادات الماليّة

وذلك من خلال إنفاق المال في وجهه المشروع، وأداء حقّ الله فيه، كالزكاة مثلاً، وغيرها.

  • العبادات المركّبة

وهي التي تتكوّن من أكثر من نوع من أنواع العبادات، كالحجّ مثلاً، وغيرها.

والعبادات باعتبار نفعها:

  • عبادة ذاتيّة

ومثالٌ عليها: قراءة القرآن والأذكار.

  • عبادة متعديّة

ومثالٌ عليها: الزكاة؛ حيث يخرج المسلم جزءاً من ماله ويقدمه إلى الفقير.

والعبادات باعتبار التذلل الاختياري والاضطراري لله:

  • عبادة كونيّة

تعني الخضوع لأمر الله تعالى الكوني، وهي شاملة لجميع الخلائق مؤمنهم وكافرهم، قال تعالى: (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً).

  • عبادة شرعيّة

تعني الخضوع لأمر الله تعالى الشرعي، وهذه العبادة خاصة بمن اتبع الرسل، وأطاع ربه جل وعلا، قال تعالى: (وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا).

علاقة العبادة بالإيمان

بالتّعرف على مفهوم الإيمان تتّضح العلاقة بينه وبين العبادة؛ ويعرّف أهل السنة الإيمان بأنه قولٌ وعملٌ؛ أي قول القلب؛ وهو التصديق، وقول اللسان؛ وهو النطق بالشهادتين، وقراءة القرآن، والتسبيح، والدعوة إلى الله، وغيرها، أما العمل فهو كذلك عمل القلب؛ ويكون بالتوكّل على الله سبحانه، ومحبته، ورجائه، والخوف منه، والإنابة إليه، وغير ذلك من الأعمال القلبيّة، وعمل الجوارح؛ كالصلاة، والصيام، والحج، والزكاة، وغيرها.

لذلك نجد أن العبادة هي الإيمان تماماً، فكما تبيّن سابقاً في تعريف العبادة أنها اسمٌ جامع لما يحبّه الله من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة، وهي تشمل أعمال القلب، والجوارح، وقول اللسان، فالعلاقة بين العبادة والإيمان علاقة وثيقة الصلة، حيث إن العبادة هي حقيقة الإيمان.

الحَثّ على العبادة في القرآن والسنّة

وردت كلمة العبادة ومُشتَقّاتها كثيراً في القرآن الكريم؛ فقد ذكر القرآن أمر الرُّسل في دعوتهم لأقوامهم لعبادة الله وحده، ونَبذ الشرك، قال -تعالى- على لسان نبيّه: (وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).

وفي السنّة النبويّة الكثير من الشواهد التي تُؤكّد أنّ النبيّ- صلّى الله عليه وسلّم- حَثّ الصحابة على الاجتهاد في الطاعة، والاستزادة من العبادة، والحرص على أنواع الطاعات، والقُربات، ومن ذلك أنّه طرق الباب على عليّ وابنته فاطمة- رضي الله عنهما- وقال لهما: (ألا تصليّان)؛ وفي ذلك حَثٌّ لهما على صلاة القيام.

أثر العبادة وفضلها

استحقّ الله -تبارك وتعالى- العبادة؛ لأنّه هو الخالق الوحيد، وبهذا يتجلّى مقصد العبادة، والغاية من خلق الإنسان، ومع ذلك فإنّ الله -تبارك وتعالى- غنيٌّ عن العالَمين، ولو أنّ أهل الأرض جميعاً عبدوه ما زاد ذلك في مُلكه شيئاً، ولو أنّهم كلّهم أعرضوا عن عبادته، فإن ذلك لا يُنقص من مُلكه شيئاً.

وعلى الرغم من غنى الله -تبارك وتعالى- عن عبادة الناس له، إلّا أنّ إفرادهم إيّاه بالعبادة حقٌّ له عليهم؛ ففي الحديث الشريف أنّ النبيّ – صلّى الله عليه وسلّم- سأل معاذ بن جبل- رضي الله عنه- فقال: (هلْ تَدْرِي ما حَقُّ اللَّهِ علَى عِبادِهِ؟ قُلتُ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: حَقُّ اللَّهِ علَى عِبادِهِ أنْ يَعْبُدُوهُ ولا يُشْرِكُوا به شيئًا ثُمَّ سارَ ساعَةً، ثُمَّ قالَ: يا مُعاذُ بنَ جَبَلٍ قُلتُ: لَبَّيْكَ رَسولَ اللَّهِ وسَعْدَيْكَ، قالَ: هلْ تَدْرِي ما حَقُّ العِبادِ علَى اللَّهِ إذا فَعَلُوهُ قُلتُ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: حَقُّ العِبادِ علَى اللَّهِ أنْ لا يُعَذِّبَهُمْ).

وتعود العبادة على الإنسان نفسه بثمراتها، ولا تتمثّل هذه الثمرات بالنجاة من عذاب الله وناره، ودخوله الجنة، وحصوله على رضا الرحمن فقط، بل إنّ إفراد الإنسان ربَّه بالعبادة، وأداءه لحَقّ الله عليه، يُحقِّق له الانسجام مع مفردات الكون الذي اختار أن يطيع الله، ويخضع له، قال -تعالى-: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ)،

أفضل العبادة

تشتمل العبادات على أنواع كثيرة يستحيل إحصاؤها، أو الإلمام بها، وعلى الرغم من أنّ الأفضليّة في العبادة يصعب تحديدها، إلّا أنّه من الممكن ذِكر بعض أفضل هذه العبادات، وذلك على النحو الآتي:

  • إتيان الفرائض، والانتهاء عن المُحرّمات: فقد فرض الله -تعالى- هذه الفرائض؛ ليقرّبَ عباده منه، قال -تعالى-: (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب).
  • قراءة القرآن الكريم: فقد نصّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- على أنّ تلاوة القرآن هي أفضل عبادة، وذلك في قوله: (أفضلُ عبادةِ أمتي قراءةُ القرآنِ)، والاشتغال بالقرآن من أفضل الأعمال والأذكار إلّا ما كان واجب الوقت يفرضه، كالترديد مع المُؤذِّن، أو التلبية في الحجّ، وقد أوصى أهل العلم كلّ طالب عِلم أن يبدأ بحفظ كتاب الله، ثمّ الاشتغال بتفسيره، فإذا انتقل إلى غيره من العلوم فعليه أن يتنبّه إلى ألّا يشغله ذلك عن تعاهُد دراسة القرآن.
  • الدعاء: فقد قال النبيّ- صلّى الله عليه وسلّم-: (أفضلُ العبادةِ الدعاءُ)؛

 

أركان العبادة وشروطها

قبول الله لعبادة مُعيَّنة تعني أن يرضى بها، ويُثيب صاحبها عليها، وأن يُحبَّها الله من العبد، ويرضى عليه بسببها،

ولقبول العبادة شروط وأركان أساسيّة، وهي:

  • الإخلاص

فقد قال الله -تعالى-: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّـهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ)؛ويُعَدّ الإخلاص جوهر العبادة، وروحها، ومعناه: التوجُّه إلى الله -تبارك وتعالى- بالعبادة، وابتغاء وجهه الكريم بها، والإخلاص في النيّة محلّه القلب.

إذ يُشترَط مع أيّ عبادة أن يقصد بها صاحبها وجهَ الله، لا أن يبتغي بها مدح الناس، أو الخوف من ذمّهم، أو ابتغاء التقرُّب منهم والحصول على حبّهم؛ أي أن لا يؤدّي العبادة بهدف الرياء، يقول -تعالى-: (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا)؛ فالقصد يكون لله، أمّا إذا كان رياءً، فإنّ العمل يكون هباءً منثوراً.

للمزيد من التفاصيل عن الإخلاص لله -تعالى- الاطّلاع على مقالة: ((كيف تحقق الإخلاص لله)).

  • عبادة الله كما شَرع

وهذا شرط لصلاح العبادة، وقبولها، قال -تعالى-: (وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّـهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ)[٣٣]،[٣٤] فيلتزم الإنسان بالعبادة كما وردت في القَدْر، والسبب، والكيفيّة، وفي زمنها، ومكانها، وغير ذلك؛ فعلى سبيل المثال لا يجوز لمسلم أن يُصلّيَ الظهر ستّ ركعات مثلاً.

  • الصدق

ويُقصد بذلك الصدق بالعزيمة؛ حيث يجتهد الإنسان بامتثال أوامر الله سبحانه، والابتعاد عمّا نهى وحرّم، فيترك الكسل والعجز عن طاعة الله عز وجل.

  • كمال المحبّة والخضوع

يقول ابن تيمية -رحمه الله-: “والعبادة تجمع كمال المحبة وكمال الذل”، ويقول: “وكل ما أمر الله أن يحب ويعظم فإنما محبته وتعظيمه لله”، والدليل على أن كمال المحبة والخضوع ركنٌ في العبادة قول الله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّـهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّـهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّـهِ)، وشرط صحة هذه المحبة؛ اتّباع النبي -صلى الله عليه وسلّم- والتي تشمل الصدق والإخلاص، يقول الله -عز وجل-: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ).

خصائص العبادة

للعبادة في الإسلام مجموعة من الخصائص، والتي منها:

  • يُسر العبادة

أشار القرآن الكريم إلى أنّ الدين الذي ارتضاه الله للبشريّة ليس فيه حَرج، ولا مَشقّة على الناس، قال -تعالى-: (مَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ)، فمثلاً أباح الله الفِطر في السفر للصائم، قال -تعالى-: (يُرِيدُ اللَّـهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ).

وقد أكّد النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- على مبدأ اليُسر في العبادة في الكثير من المواقف العملية، تقول السيدة عائشة- رضي الله عنها-: (ما خُيِّرَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بيْنَ أَمْرَيْنِ، أَحَدُهُما أَيْسَرُ مِنَ الآخَرِ، إلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا، ما لَمْ يَكُنْ إثْمًا، فإنْ كانَ إثْمًا، كانَ أَبْعَدَ النَّاسِ منه)، ومثال على ذلك أنّه كان يُفطر في السفر مع قدرته على الصيام، وكان يُصلّي من الليل وينام، فلا يقومه كلّه.

كما أنّه شدّد في نَهي المُغالين في العبادة، ومن ذلك أنّه لمّا أسلم أعرابيّ، ثمّ جاءه في العام الذي يليه وقد تغيّر، فلم يعرفه، ولمّا عرفه سأله عن حاله، فأخبره أنّه كان يصوم، ويقوم الليل بشكل دائم، فنهاه عن ذلك؛ لأنّ فيه إنهاكاً للنفس.

 

  • التوازن في العبادة

وهو يعني أن لا يطغى جانب على جانب في العبادة؛ فلا يقتصر المسلم على العبادات البدنيّة من صلاة، وحَجّ -مع أهميّتها-، وإنّما يُؤدّي عبادات أخرى مهمّة، كتعليم الناس الخيرَ، والدعوة إلى الله، والنصيحة للمسلمين، ويُلاحَظ أنّ نَفْع هذه العبادات يتعدّى صاحبها إلى غيره.

  • الشمول

يمكن القول إنّ عبوديّة الله تشمل العبادات القلبيّة من مَحبّة، وتعظيم، وغيرها، والعبادات القوليّة، مثل: النصيحة، وذكر الله، وغيرها، كما تشمل الشعائر التعبُّدية من صلاة، وصيام، وغيرها من الطاعات.

وتشمل الشرائع من اجتناب المُحرَّمات، وإقامة الحدود، وفِعل الواجبات، والمندوبات، وهكذا فإنّ العبادة تشمل علاقة الإنسان بربّه، وعلاقته بغيره من البشر، كما تشمل حياة الإنسان في الدنيا، والقبر، والآخرة.

الغاية من وجود الإنسان

بيّن الله -تعالى- للإنسان المقصد من خلقه، وفسّر له سرّ وجوده في هذه الحياة، فقال: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ)؛ فقد أودع الله في الإنسان العقل، وفضّله به على سائر المخلوقات في الأرض، وترك له حُرّية الاختيار.

وهذا ما أهّله ليكون خليفة الله في الأرض، وأوّل واجبات هذا الخليفة أن يعرفَ ربّه، فيُقرّ له بأنّه خالقه، ورازقه، وأنّه المُستحِقّ وحده للعبادة، قال -تعالى-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)،وعليه فإنّ الهدف الأصيل من اختيار الله للإنسان خليفة له في الأرض أن يعبدَ الله كما يحبّ ويرضى -سبحانه-.

كما أنّ إرادة الله اقتضت أن يكون الإنسان سيّدَ المخلوقات الأخرى جميعها في الأرض، بل إنّ أجراماً أكبر من الأرض، كالشمس، والنجوم، سخّرها الله؛ لتسهيل حياة الإنسان، وصلاحها على الأرض؛ حتى يؤدّي واجب الخلافة، فلا ينبغي بعد ذلك أن يقع الإنسان في الضلال؛ فيعبدَ المخلوقات التي سخرّها الله لخدمته.

واجب الإنسان أن يوجّه العبادة إلى الله؛ خالقه، ومُستخلِفه في الأرض، وقد بيّن الله المنهج والطريق الذي يجب أن يسلكه الإنسان، فأرسل إليه الرُّسُل المُؤيَّدين بالمعجزات، وأرسل معهم الكُتب التي فيها البيان الشافي، وقد كشف القرآن الكريم أنّ جوهر رسالة الأنبياء جميعهم هي الدعوة إلى عبادة الله وحده، قال -تعالى-: (وَلَقَد بَعَثنا في كُلِّ أُمَّةٍ رَسولًا أَنِ اعبُدُوا اللَّـهَ وَاجتَنِبُوا الطّاغوتَ)

السابق
ما هي أحكام اجهاض الجنين
التالي
كيفية التشهد في صلاة السنة

اترك تعليقاً