ما معني الحديث المرسل

ما معني الحديث المرسل

ما معني الحديث المرسل

ما معني الحديث المرسل … للحديث الشريف مكانة عظيمة في التشريع الاسلامي، فهو ركن أساسي لا يمكن الاستغناء عنه، ولا يمكن أن يستقيم استنباط أحكام الشريعة الإسلامية دون الرجوع إليه، فالسنة النبوية تعتبر المصدر الثاني من مصادر التشريع بعد القرآن الكريم

 

تعريف الحديث المرسل عند المحدثين

يعرّف المرسل في اللغة بالإطلاق، فكأن المرسل؛ إطلاق الإسناد من غير تقيّيدٍ براوٍ محدد، أو من غير تقييدٍ لِجميع الرّواة
وفي الاصطلاح هو الحديث الذي سقط من آخر إسناده ما بعد التابعيّ؛ وهو الصحابيّ، وصورته: أن يقول التابعيّ؛ سواءً كان صغيراً أو كبيراً:
“قال، أو فعل، أو فعل بحضرة النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- كذا وكذا”، ومثاله؛ ما ورد في صحيح مسلم في البيوع، من حديث سعيد بن المسيّب وهو من كِبار التابعين: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ نَهَى عن بَيْعِ المُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ)
ويشمل الحديث المُرسل ما رفعه التابعيّ إلى النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- مع إسقاطٍ بعض الرّجال من آخر السّند، من غير معرفة عددهم أو أحوالهم.

وتعدّدت الآراء في قول مَن هو دون التابعيّ؛ فقال الحاكم: إنّه ليس من المراسيل، وفي حال كان السّاقط واحداً
فالحديث يسمّى بالمنقطع، وإن كان ما فوق الاثنين؛ فيسمّى معضلاً ومنقطعاً
وصورة الحديث المرسل المتّفق عليها؛ هي حديث كِبار التّابعين الذين لقوا بعض الصّحابة الكِرام، وجلسوا معهم، كسعيد بن المسيّب
وعبيد الله بن عدي بن الخيار، والمشهور من ذلك التّسوية بين جميع التابعين.

 

تعريف الحديث المرسل عند الفقهاء والأصوليّين

ذهب الفقهاء في تعريفهم للحديث المرسل: أنّه كل انقطاعٍ في الحديث من أيّ وجه، فيكون أعمّ من تعريف المحدّثين
حيث يشمل الحديث المرسل: المنقطع والمعضل عند المحدّثين، فعندهم كلّ حديثٍ لم يتّصل سنده فهو مرسل، وصورته:
أن يقول التابعي أو مَن هو دونه: “قال النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- كذا، أو فعل كذا”، ولكن غلب الاستعمال في رواية التّابعي
وهذا ما ذهب إليه الخطيب كذلك وقطع به، وجاء في تعريف الأُصوليّين للحديث المُرسل: أن يقول الرّاوي الذي لم يلتقِ بالنبيّ -عليه الصّلاة والسّلام
سواءً كان من التابعين أو من غيرهم أنّه قال كذا، ومن أشهر المُصنّفات في الحديث المُرسل ما يأتي:

  • كتاب المراسيل؛ لأبي داود، ويتكوّن من جزءٍ واحد، ومرتّبٌ على الأبواب.
  • وكتاب المراسيل؛ لابن أبي حاتم، ورتّبه على الأبواب، وذكر في أوّله أنّ الأحاديث المرسلة لا يقوم بها الحجّة.
  • كتاب جامع التّحصيل لأحكام المراسيل؛ للعلائيّ، ورتّبه على ستّة أبواب.

 

مرسل الصحابي وحكمه

يقصد بمرسل الصّحابيّ ما يخبر به الصّحابي عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- من قولٍ أو فعلٍ
ولكنّه لم يسمع أو يشاهد ذلك؛ لتأخّره في الإسلام، أو لِصغره، أو لِغيابه، وفي العادة يكون هذا النوع من الحديث لِصغار الصحابة
كابن الزبير، وابن عِباس -رضيَ الله عنهم-
وكذلك تعدّ رواية الصّغار غير المُميّزين من الصّحابة؛ كمحمد بن أبي بكر الصّديق
وذهب ابن الصّلاح إلى أنّ مراسيل الصّحابة لها حُكم الموصول وليس المراسيل، وذكر الحنفيّة في كتِبهم أنّه لا خلاف في الاحتجاج به،
وذهب جمهور العلماء في المشهور والصّحيح عندهم بالاحتجاج به؛ لأنّ رواية الصّحابة عن التّابعين قليلة، وفي حال حصل شيء من ذلك بيّنوها.

 

حجية الحديث المرسل

يعدّ الحديث المرسل في أصله من الأحاديث الضّعيفة؛ وذلك لفقده أحد شروط الحديث المقبول؛ وهو اتّصال السّند
بالإضافة إلى جهالة حال الرّاوي المحذوف، لاحتمالية أن يكون الرّاوي المحذوف من غير الصّحابة
وقد تعدّدت آراء المحدّثين في حكمه والاحتجاج به؛ لأنّ انقطاعه يكون في الصّحابة، والصّحابة كلّهم عدول، وجاءت أقوالهم كما يأتي:

  • القول الأول: أنّه ضعيف مردود: وهو قول جمهور المُحدّثين، وأكثر الفقهاء والأصوليّين؛ للجهل بحال الراوي، فقد يكون من غير الصّحابة.
  • القول الثانيّ: أنّه صحيح، ويجوز الاحتجاج به، وهو قول أبي حنيفة، ومالك، وأحمد، وبعض العلماء
    بشرط أن يكون المرسِل ثقة، ولا يرسل إلّا عن ثقة، لاستحالة تجرّؤ التّابعي الثّقة نسب قولٍ إلى النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- إلّا أن يكون قد سمعه عن ثقةٍ مثله
    ويقوم الحنفيّة بترجيحه على الأحاديث المسندة المُتعارضة.
  • القول الثالث: أنّه مقبولٌ بِشروط: وهو قول الشافعيّ، وبعض العلماء، وهذه الشروط هي كما يأتي:
    • أن يكون المرسل أحد كِبار التّابعين، وأن يعرف من أرسل عنه، وأن يكون ثقة.
    • أن يوافقه الرّواة الضّابطون على روايته، وأن يكون هو تامّ الضّبط.
    • أنّه إذا سئل عن الرّاوي المحذوف ذكر راوٍ ثقة.
    • أن ينضم إلى الشروط السّابقة أحد الشُروط الآتية، وهي: أن يُروى الحديث من حديثٍ آخر مسنداً
      أو أن يوافق قولاً لِصحابيّ، أو أن يروى الحديث من وجه آخر مرسلاً من غير رِجال المرسل الأول
      أو أن يفتي به أكثر العلماء، وفي حال تَحقق هذه الشروط يظهر صحة مَخرج المرسل وما عضده، وأنّهمما صحيحان
      وفي حال تعارضهما مع حديثٍ صحيحٍ نقل بطريق آحاد، يرجّحان عليه؛ لِتعدد طرقه وذلك في حال تعذر الجمع بينهُما، وبيان ما سبق كما يأتي:

      • حديث مرسل + حديث مسند = صحيح.
      • وحديث مرسل + حديث مرسل = صحيح.
      • حديث مرسل + قول صحابي = صحيح.
      • وحديث مرسل + فتوى أكثر العلماء = صحيح.
وتوجد العديد من الأقوال الأُخرى عن العلماء، وبيانها فيما يأتي:
  • القول الرّابع: قبول الحديث المُرسل من الصّحابة، وردّ غيره من المراسيل، وهو قول أئمة الحديث.
  • والقول الخامس: ردّ جميع الأحاديث المُرسلة، وهو ما ذهب إليه أبو إسحاق الإسفراييني.
  • القول السّادس: قبول المُرسل في جميع العُصور والأمصار، وذكر العلائيّ أنّ هذا من التّوسع غير المُرضي.
  • والقول السّابع: قبول المُرسل من الشّخص الذي يُعرف عنه ومن عادته الرّواية عن الثّقة.
السابق
دعاء قنوت التراويح .. ” اللهم اهدنا فيمن هديت “
التالي
ما هي صفات المنافق

اترك تعليقاً