ما حكم إسقاط الجنين

ما حكم إسقاط الجنين

ما حكم إسقاط الجنين, الجنين لغةً مشتق من كلمة جنَّ، أي استتر، وبما أن الطفل موجودٌ داخل الرحم، فإنه جنين، أي مستتر داخل أغشية الرحم والبطن للأم، كما وصفه الله في كتابه: {يَخْلُقُكُمْ فِي بطُونِ أمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِّن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظلُمَاتٍ ثَلَاثٍ} [الزمر: ٦]، [المصباح المنير للفيومي ص: 62]، والجنين اصطلاحاً: هو الذي يستقر في رحم المرأة من أول لحظة التلقيح إلى أن يولد ويخرج [المسؤولية الجنائية للأطباء، الخولي، محمد عبد الوهاب ص: 106].

تعريف الإجهاض

استخدم العرب قديماً مصطلح الإجهاض، وذلك كقولهم: أجهضت الناقة، أي ألقت الولد لغير تمام، أو إسقاطه ناقص الخَلْق، سواءٌ كان هذا الإسقاط بفعل فاعلٍ، أو من تلقاء نفسه، وكذلك إجهاض الجنين عند بني آدم، أي إسقاطه قبل أن تكتمل فترة الحمل، إما تلقائياً، أو بفعل فاعل كالطبيب مثلاً، أو بفعل أمه [المعجم الوسيط، استانبول، مادة جهض، ١\١٤٣].

أنواع الإجهاض وتقسيماته

يتم تقسيم الإجهاض وأنواعه على حسب الفئة من الناس، فتقسيم العامة للإجهاض ليس كتقسيم الأطباء، أو الفقهاء.

أنواع الإجهاض عند عامة الناس

قسم عوام الناس الإجهاض إلى ثلاثة أقسام، أولها الإجهاض العفوي، وهو الذي يكون من تلقاء نفسه، من غير أي تدخل خارجي، والثاني هو الإجهاض الاجتماعي، وهو الإجهاض الذي يقوم به أشخاص غي متخصصين، كشرب الأم لدواء للإجهاض، أو استخدام أدوات حادة تدخل في الرحم من أجل قتل الجنين، ويكون ذلك بسبب أن المرأة حملت من طريق غير شرعي -زنا، اعتصاب، زنا محار-، وأما القسم الأخير هو الإجهاض العلاجي، وهو الإجهاض الذي يقوم به الطبيب المتخصص والموثوق بدينه وعلمه، ذلك بسبب أن هذ الحمل يكون مهدداً لصحة الأم، أو مشكلاً خطراً على حياتها [الإجهاض، دراسة فقهية مقاصدية للدكتورة فريدة زوزو ص: 11-12]

أنواع الإجهاض عند الأطباء

  • الإجهاض المهدد أو المنذر: يكون بسبب نزيف في الرحم، ويكون هذا في العشرين أسبوع الأولى.
  • ثم الإجهاض الحتمي: هو عندما يموت الجنين في الرحم، فينزل تلقائياً بسبب انقباض الرحم.

    إسقاط

  • الإجهاض المفقود: يكون حين بموت الجنين،
  • ولكنه يبقى متعلقاً بالرحم.
  • الإجهاض المعتاد: يحدث عندما تكون هناك تشوهات بالرحم، أو بسبب فقدان عنق الرحم القدرة على الانغلاق والإمساك بالجنين.
  • الإجهاض العفن: يكون بسبب إلتهابات شديدة بالرحم.

حكم وتقسيم الإجهاض عند الفقهاء 

الإجهاض قبل نفخ الروح

الأساس الذي اعتمد عليه أكابر الفقهاء في مسألة إجهاض الجنين هو مسألة نفخ الروح، حيث إنهم قسموا حياة الجنين الأساسية إلى قسمين رئيسيين، وهما حياته ما قبل نفخ الروح، وحياته ما بعد نفخ الروح، ثم تفرَّعوا في المسائل الثانوية من هذين القسمين، كمرحلة النطفة، والعلقة، والمضغة، إلى آخره..

ذهب بعض العلماء من المذاهب وغيرهم إلى أن الإجهاض قبل الأربعين يوماً جائزٌ،

وهذا رأي بعض الحنفية [البحر الرائق لابن نجيم 3\215، حاشية ابن عابدين 3\176]،

والشافعية [الغرر البهية لزكريا الأنصاري 5\331]، وبعض الحنابلة [شرح منتهى

الإرادات للبهوتي 1\121، مطالب أولي النُّهى للرحيباني 1\267]، حيث

قال الرملي بأنه جائزٌ إن كان قبل نفخ الروح، أي قبل المائة والعشرين يوماً،

ومحرمٌ بعد ذلك بالإجماع [نهاية المحتاج 8\443]، وقال الشيخ ابن باز رحمه الله

بأنه جائزٌ إذا اقتضت الحاجة لذلك [فتاوى نورٌ على الدرب لابن باز 21\430]،

وقال الشيخ ابن عثيمين بجواز الإجهاض قبل نفخ الروح لأنه ما زال جماداً ولم

يصر إنساناً فيه الروح يحرم قتله [اللقاء الشهري لابن عثيمين، اللقاء رقم 38]،

إلا أن البعض الآخر حرَّم ذلك كالمالكية، والإمام الغزالي، واشترط البعض الآخر أن

لا يكون الجنين قد تَخَلَّق منه شيء، أي أنه لم تظهر عليه أي أعضاء ظاهرة، كالعينين

، أو الأذنين، أو غيرها، والراجح أنه جائز إسقاط الجنين قبل الأربعين يوماً إذا كان هناك

سبب لذلك، ويضعف هذا الجواز كلما اقتربنا من مرحلة التَّخلُّق والنفخ للروح في الجسد [1] [2].

الإجهاض بعد نفخ الروح

الإجهاض للجنين بعد نفخ الروح في جسده مُحرَّمٌ باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة، الحنفية [البحر الرائق لابن نجيم 3\215، حاشية ابن عابدين 3\176]، المالكية [الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي 2\266]، والشافعية [الغرر البهية لزكريا الأنصاري 5\331]، والحنابلة [مطالب أولي النُّهى للرحيباني 1\267]، حيث إنهم استدلوا بالآيات التي ذكرناها سابقاً من سورة المؤمنين، والحديث الذي رواه عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: “إنَّ أحَدَكم يجمَعُ خَلْقُه في بَطنِ أمِّه أربعينَ يَومًا، ثمَّ يكونُ عَلَقةً مِثلَ ذلك، ثمَّ يكون مُضغةً مِثلَ ذلك، ثمَّ يَبعَثُ اللهُ مَلَكًا، فيؤمَرُ بأربَعِ كَلِماتٍ، ويقالُ له: اكتُبْ عَمَلَه، ورِزْقَه، وأجَلَه، وشَقيٌّ أو سعيدٌ، ثمَّ ينفَخُ فيه الرُّوحُ؛ فإنَّ الرَّجلَ منكم لَيَعمَلُ حتى ما يكونُ بينه وبينَ الجنَّةِ إلَّا ذِراعٌ، فيَسبِقُ عليه كِتابُه، فيَعمَلُ بعَمَلِ أهلِ النَّارِ، ويَعمَلُ حتى ما يكونُ بينه وبين النَّارِ إلَّا ذِراعٌ، فيَسبِقُ عليه الكِتابُ، فيَعمَلُ بعَمَلِ أهلِ الجنَّةِ” [البخاري واللفظ له 3208، مسلم 2643]، طبعاً هذا التحريم لا يشمل حال أن الحمل يشكل خطراً على صحةِ الأم أو حياتها [3]

مراحل تكون الجنين داخل الرحم 

بيَّن الله سبحانه وتعالى للأمة مراحل تكون الجنين مرحلة مرحلة إلى أن يكتمل خلْقه، حيث قال سبحانه: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سلَالَةٍ مِّن طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ (13) ثمَّ خَلَقْنَا النطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: ١٢-١٤]، كما أن النبي عليه الصلاة والسلام بين ذلك في الحديث: “إنَّ أحدكم يُجمع خَلْقه في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون عَلَقةً مثل ذلك، ثم يكون مُضْغَةً مثل ذلك، ثم يبعث الله مَلَكاً يُؤْمَرُ بأربع كلمات، ويُقال له: اكتب عمله، ورزقه، وشقيٌّ أو سعيد، ثم ينفخ فيه الرُّوح” [البخاري: ٣٢٠٨]، وهذا الحديث دليلٌ على أن نفخ الروح في الجنين لن يكون إلا بعد ١٢٠ يوماً، أي أربعة أشهرٍ من بداية الحمل، حيث إن كل أربعين يوماً يُعَدُّ طوراً، فتنتج ثلاثة أطوارٍ مختلفة [أطوار الجنين ونفخ الروح لعبد المجيد الزنداني، الإسلام اليوم 19\5\2002].

النطفة

النطفة الأمشاج هي خليطٌ ينتج من اجتماع الحيوان المنوي الذكري بالبويضة الأنثوي داخل الرحم، والتي تكون كقطرة الماء، والتي بدورها تلتصق وتعلق بجدار الرحم، وبهذا تنتهي هذه المرحلة ليأتي بعدها مرحلة العلقة [الوجيز في علم الأجنة القرآني ص 10].

العلقة

سُمِّي هذا الطور بهذ الاسم لأن الجنين في هذه المرحلة يكون شبيهاً بالعلقة، والعلقة هي دودةٌ تعيش في البِرَك المائية، وتعلق بالحيوانات التي هي بداخل هذه البرك لتمتصَّ منها الدماء لتتغذى عليه، حيثُ إن الجنين يفعل نفس الشء تقريباً، إذ إنه يعلق بجدار رحم الأم، ويتغذى على الغذاء الذي يصله عبر الدم [الإنسان هذا المخلوق العجيب لتاج الدين محمود الجاعوني 1\131].

المضغة

المضغة مرحلةٌ تبدأ فيها الكتل البدنية بالظهور على شكل أثر أسنان، وهذا يكون في نهايات الشهر الأول، حيث إن بعض الأعضاء الداخلية تبدأ بالظهور كالرئتين، والقلب، والجهاز العصبي، وحويصلات السمع والبصر، ومولدات العضلات، والغضروف، والجهاز البولي التناسلي، وهكذا تستمر هذه المرحلة إلى المضغة غير المخلقة، ثم المضغة المخلقة حتى نهاية الأسبوع السادس [أطوار الجنين ونفخ الروح للصاوي ص: 4، الإجهاض بين الفقه والطب والقانون للسباعي ص:37].

مرحلة العظام واللحم

تبدأ العظام بالتكوُّن داخل تلك المضغة، ثم يبدأ اللحم بكسو العظام، فكساء اللحم للعظم ينتهي في الأسبوع الثامن لينتقل الجنين إلى المرحلة النهائية [التحرير والتنوير لابن عاشور 18\24]

مرحلة النشأة الأُخرى

تبدأ هذه المرحلة بعد تكوّن اللحم على العظم بشكل كامل، حيث يصبح الجنين في هذه المرحلة إنساناً كاملاً وقادراً على الاستقلال والانفصال عن أمه، لأن أعضاءه قد اكتملت، والروح قد نفِخت، وهذا كله بين الشهر الرابع والسادس، إلا أنه يبقى لفترةٍ تُسمى فترة الحضانة للجنين حتى يأتي موعده للولادة [أطوار الجنين ونفخ الروح ص:3].

السابق
هل يجوز أن أصلي قيام الليل بعد الوتر
التالي
ما حكم إفطار رمضان

اترك تعليقاً