كان حسن الصوت بالقرآن

كان حسن الصوت بالقرآن

كان النبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّم يأمر الصحابة رضوان الله عليهم بحفظ كتاب الله تعالى ومدارسته؛ لذلك فالصحابة هم أحفظ الناس للقرآن الكريم وأكثرهم تعلقاً به، حيث كانوا يتلونه تلاوة صحيحة، وهناك من الصحابة من كان حسن الصوت بالقرآن الكريم.

كان حسن الصوت بالقرآن

 

إن الصحابي الذي اشتهر بأنه كان حسن الصوت بالقرآن وتميز بالصوت العذب الجميل هو الصحابي الجليل أبو موسى الأشعري، والدليل على ذلك ما رواه بريدة بن الحصيب الأسلمي : أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دَخَلَ المًسجِدَ، فأخَذَ بيَدَيَّ فدَخَلتُ معه، فإذا رَجُلٌ يَقرَأُ ويُصلِّي، قال: لقد أُوتيَ هذا مِزمارًا مِن مَزاميرِ آلِ داودَ، وإذا هو عبدُ اللهِ بنُ قَيسٍ أبو موسى الأشعريُّ، قال: قُلتُ: يا رسولَ اللهِ، فأُخبِرُه؟ قال: فأخَبْرتُه، فقال: لم تَزَلْ لي صَديقًا. [1]

استعان أبو موسي الأشعريّ رضي الله عنه بصوته العذب وقراءته الندية، حيث كان يجمع طلّاب العلم حوله في مسجد البصرة، ويقسّمهم إلى مجموعات وحلقات، ويطوف عليهم ليُسمعهم ويستمع إليهم، ويصحّح لهم قراءاتهم.

وعُرف الأشعريّ بالعلم، والعبادة، والورع، والحياء، وعزّة النفس، والزهد في الدنيا، والثبات على الإسلام، وحُسن الصوت، وقد كان أكثر أهل البصرة قراءةً وفقهاً.

أبو موسى الأشعري

هو عبد الله بن قيس بن حضّار بن حرب، وُلد في اليمن، إمامٌ كبير وصاحبٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذهب أبو موسى إلى مكّة وحالف سعيد بن العاص وأسلم هناك بين يديّ رسول الله، ثمّ هاجر إلى أرض الحبشة، ووفقاً لبعض الروايات فقد عاد إلى بلده ليدعو إلى الله. واشتهر الأشعريّ باتخاذه التجارة عملاً، وحسن المعاملة.

تعتبر غزوة خيبر هي أول المعارك التي شهدها أبو موسى الأشعري مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم، كما أنّه شارك في أوطاس التي بعثها النبي محمد بعد غزوة حنين والتي قادها أبو عامر الأشعري عم أبي موسى لقتال فلول هوازن بقيادة دريد بن الصمة، والتي قُتل فيها أبا عامر، وقد قتل أبو موسى قاتله، وعن ذلك روى أبو موسى الأشعرى: أنّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دَعَا بمَاءٍ فَتَوَضَّأَ به، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أبِي عَامِرٍ ورَأَيْتُ بَيَاضَ إبْطَيْهِ، فَقالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ يَومَ القِيَامَةِ فَوْقَ كَثِيرٍ مِن خَلْقِكَ مِنَ النَّاسِ. [2]

ويشار إلى أنه بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، شارك أبو موسى في الفتح الإسلامي للشام، كما أنّه قد شهد وفاة أبو عبيدة بن الجراح، وخطبة عمر بن الخطاب بالجابية التي كانت سنة 17هـ، إضافةً إلى ذلك فقد شارك في فتح كلٍ من تستر، والرُها، وسميساط وما حولهم.

 

أبو موسى الأشعري في عهد الخلفاء الراشدين

كان أبو موسى الأشعريّ أحد أعمدة الدولة في عهد عمر، وقائداً للجيوش في فتح قم وقاثان وموقعة تستر، وكان أحد مؤسسي المدرسة البصرية في عهد الفاروق، ومن أعلم الصحابة، وقد عدّه الشعبيّ من أكثر أربعة قضاة شهرةً في الأمّة، حيث ذكر أنّهم: عمر، وعليّ، وزيد بن ثابت، وأبو موسى.

تلقى الأشعريّ من كبار الصحابة، مثل: عمر، وعليّ، وأبيّ بن كعب، وعبد الله بن مسعود، وتأثر بشكل خاصّ بعمر بن الخطاب، حيث كانت بينهما مراسلات، وكان يختصه عمر بالوصايا والكتب أثناء ولايته على البصرة، وكان يحرص على مجالسة عمر رضي الله عنه، وقد ذهب إليه يوماً بعد العشاء، فسأله عمر عن سبب مجيئه في ذلك الوقت المتأخر، فأجابه أنّه جاءه ليتفقه فجلس وتحدثا طويلاً، وعند مجيء موعد الصلاة قال أبو موسى إنّها الصلاة فأجابه عمر بأنّهما في صلاة.

عندما استُخلف عثمان بن عفان بعد مقتل عمر بن الخطاب، عزل عثمان بن عفان أبا موسى عن البصرة، وتولّى مكانه عبد الله بن عامر بن كريز، وقد خرج أبو موسى من البصرة وما معه سوى 600 درهم عطاء عياله، ثم انتقل إلى الكوفة، وأقام بها حتى أُخرج سعيد بن العاص منها، وقد طلب أهل الكوفة من عثمان أن يستعمل أبا موسى عليهم، فاستعمله، وبقي والياً عليها حتى قُتل عثمان.

فيما بعد عزله علي بن أبي طالب عن مدينة الكوفة، وعند اندلاع فتنة مقتل عثمان، اختار أبو موسى الانضمام إلى حزب علي بن أبي طالب، الذي اختاره ليكون مُحكّمًا في جلسة التحكيم التي لجأ إليها الفريقان بعد وقعة صفين.

وفاة أبي موسى الأشعري

تختلف الروايات التي تحدثت عن وفاة أبي موسى، حيث قيل بإنّه مات سنة 42 هـ، وقد قيل أيضاً أنّه مات في سنة 44 هـ، إضافة إلى وجود خلاف حول مكان وفاته، حيث قيل مات بالثوية على ميل من الكوفة، وقيل مات في مكة

السابق
تفسير آية الكرسي
التالي
من هو الصحابي الذي تسلم عليه الملائكة وتزوره

اترك تعليقاً