قصة موسى عليه السلام وفرعون
قصة موسى عليه السلام وفرعون … من القصص التي وردت في القرآن الكريم قصة سيدنا موسى وفرعون، ونتعلم منها الكثير من الحكم في كيفية معاملة الكفار ودعوتهم إلى عبادة الله عز وجل
مواجهة موسى لفرعونَ
وصل موسى إلى أرض مِصْر، والتقى بأخيه هارون، واتّجها إلى قَصْر فرعون الذي أَذِن لهما بالدخول
وبدأ موسى يدعوه إلى توحيد الله، والخضوع له وحده، والتوقف عن ظلم بني إسرائيل، وإرسال بني إسرائيل معهما، فرفض فرعون ذلك، واستخفّ بقَوْل موسى -عليه السلام-، واستصغرَه، وذكّرَه بتربيته ورعايته له
وأنّه قابل ذلك بقَتْل القِبطيّ، فكان ردّ موسى عليه أنّ ذلك لم يكن عن قَصْدٍ
وبيّنَ له أنّه رسول الله إليه مع أخيه هارون، فسألهما عن ربّهما، فأجاباه أنّه الله مالك الملك
وخالق كلّ شيءٍ، فاستخفّ فرعون بجوابهما، واستهان بما قالاه، والتفت إلى قومه؛ مكذِّباً قَوْل موسى
ومتَّهِماً إيّاه بالجنون، فكان ردّ موسى أنّ الله خالقهم، وخالق آبائهم
وأظهرَ لهم المعجزات التي أيّده الله بها
لتكون دليلاً على صِدقه، فتعجّبَ فرعون ممّا رأى، وطلب رأي قومه ومشورتهم
فأخبروه أنّ موسى وهارون ساحران يريدان الاستحواذ على ملكه، وإبعاده عن أرضه، وأرشدوه إلى جَمع السَّحَرة، وإبطال سِحرهما.
مُواجهة موسى للسَّحَرة
اجتمع فرعون بالسَّحرة، وأخبرهم بما رآه من معجزات موسى، وسألهم عمّا يمكنهم فِعْله
لإبطال ما جاء به موسى، فأخبروه بأنّهم سيغلبونه بسِحْرهم، وطلبوا منه الأجر
فأكّدَ لهم أنّهم سيكونون مقرَّبين منه، ومأجورين، فلمّا أتى موسى، ورمى عصاه، لم يلبث السَّحرة كثيراً
حتى آمنوا بربّ موسى وهارون؛ لأنّهم عرفوا أنّ ما كان من موسى ليس سحراً
ولا يفعله إلّا نبي، فغضب فرعون غضباً شديداً منهم، وادّعى أنّ موسى -عليه السلام- مَن عَلّمَهم السِّحر
وأنّهم تابعون له، فأمر بصَلْب السَّحَرة، واستمرَّ فرعون في إنكار ما جاء به موسى -عليه السلام-، فأمرَ وزيره هامان أن يبنيَ له قصراً عالياً شاهقاً؛ ليصل به إلى أبواب السماء، ويرى إله موسى
وكان قد أسلم مع موسى وهارون بنو إسرائيل، فأمرهم الله -تعالى- أن يسكنوا بيوتاً في مصر
وأمره أن يَعِظ مَن آمن معه، ويبشّرَهم بما ينتظرهم من نَعيمٍ في الآخرة
ثمّ همَّ فرعون بقَتْل نبيّ الله موسى؛ مدّعِياً الخوف عليهم من أن يخرجهم من دينهم
وينشرَ في الأرض الفساد، إلّا أنّ مؤمناً من آل فرعون كان يخفي إيمانه استنكر ذلك
وقال إنّ موسى جاء بالبيّنات من ربّه؛ فإن كان صادقاً فإنّ الشرَّ سيصيبهم
وإن كان كاذباً فسيظهر الله كذبَه، ولن يضرَّهم ذلك
قال -تعالى-: (وَقَالَ رَجل مؤْمِن مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتم إِيمَانَه أَتَقْتلُونَ رَجلًا أَن يَقولَ رَبِّيَ اللَّه وَقَدْ جَاءَكم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ ۖ وَإِن يَك كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبهُ ۖ وَإِن يَك صَادِقًا يصِبْكم بَعْض الَّذِي يَعِدكمْ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هوَ مسْرِفٌ كَذَّاب)
فتراجع فرعون عن قَتْل موسى -عليه السلام-، إلّا أنّه استمرّ في تخويف أتباع موسى -عليه السلام-، وظلمهم.
طلب موسى -عليه السلام- من قومه أن يصبروا، ويتمسّكوا بحبل الله؛ فهو القادر على أن يهلك فرعون، وقومه
إلّا أنّ فرعون تجاوز الحدَّ في ظلمه، وطغيانه؛ فدعا موسى وهارون على فرعون وأعوانه
بأن يبدّدَ أموالهم، ويطبعَ على قلوبهم؛ فلا يؤمنوا حتى يَرَوا العذاب الأليم
ثم استجاب الله لدعائهم، إلّا أنّ فرعون زاد في إصراره على الظلم، والاستكبار بغير الحقّ
فابتلاهم الله باحتباس المَطر، ونَقص المحاصيل، ولم يزدادوا إلّا تكبراً ورَفْضاً لرسالة الحقّ
ثم أرسل الله -تعالى- عليهم الطوفان، والجراد، والقمّل، والضفادع، والدم، وكانت تأتيهم آيات العذاب متتالِيةً.
خروج موسى وبنو إسرائيل من مِصْر
أمرَ الله -تعالى- موسى -عليه السلام- بالخروج من مِصْر ليلاً مع مَن آمن برسالته
ثم علم بذلك فرعون، وغضب غضباً شديداً، فلحق به مع جنده من كلّ مكانٍ
ليمنعَهم من الهروب من مِصْر، وأدركوا موسى ومَن معه، وكانوا قد وصلوا إلى البحر
ثم فزع قوم موسى؛ لأنّهم غير قادرين على هزيمة فرعون وأعوانه
ولا يستطيعون الهرب عن طريق البحر، إلّا أنّ موسى -عليه السلام- طمأنهم؛ وذلك أنّ الله معهم، ولن يتركهم.
حادثة شَقّ البحر وغرق فرعون
أوحى الله إلى موسى أن يضربَ بعصاه البحر؛ فانقسم البحر، وانفلق، حتى ظهرت يابسة يحيط بها الماء
من اليمين والشمال، ثمّ أمره أن يترك البحر على حاله، ويمضي مع قومه
ثم مَضوا في طريقهم، وكان آل فرعون وراءهم يكادون يدركونهم، فاستكبر فرعون ومضى خلفهم
مستخِفّاً بما ينتظره، فأغرقه الله ومَن معه جميعاً، ولم يبقِ على أحدٍ منهم، وأنجى موسى وقومه.