قصة احداث غزوة بدر

قصة احداث غزوة بدر

قصة احداث غزوة بدر

قصة احداث غزوة بدر … يوجد الكثير من الغزوات التي حدثت في أيام الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذه الغزوات تعتبر فخرا للمسلمين لما فيها من معجزات

 

أحداث غزوة بدر

تسمّى غزوة بدر بغزوة الفرقان، وغزوة بدر الكبرى
“فبعد أن هاجر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إلى المدينة المُنوّرة، وبدأ بإنشاء دولته
حرص على تحقيق ما يضمن الاستقرار نوعاً ما من معاهدات أبرمها مع بعض القبائل المحيطة بالمدينة
إلّا أنّ ذلك لم يضمن الاستقرار الكافي للمسلمين، سواء داخل المدينة، أو خارجها
فاليهود وبعض المشركين يعيشون بينهم، وعلاقة قريش بالقبائل المجاورة قويّة
كما أنّ القتال كان لا يزال ممنوعاً على المسلمين، ومنهاجهم الإعراض عن المشركين، فنزل قوله تعالى: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّـهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ).

ثمّ تغيّر الوضع من كفٍّ وإعراضٍ عن المشركين إلى السماح بقتالهم، وقد سمع رسول الله
باقتراب قافلة قريش العائدة من الشام ويرأسها أبو سفيان، فقرّر مهاجمتها
إذ إنّ هذه القافلة كانت مُحمَّلة بأموالٍ لقريش، وخرج مع ثلاثمئة وبضعة عشر رجلاً
وكان معهم من البعير والخيل سبعون بعيراً، وفَرَسان؛ فالأوّل للزبير، والثاني للمقداد بن الأسود
آخذين بعين الاعتبار أنّ ذلك سيكون ضربة لاقتصاد قريش؛ حيث لم يكن يحمي القافلة سوى أربعون رجلاً، أو نحو ذلك.

 

تحضير الرسول عليه الصلاة والسلام للمسلمين

بدأ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بالإعداد التربوي، والنفسي لأصحابه بأنّ قتالهم
لا يكون إلّا في سبيل الله -عزّ وجلّ-؛ لتظلّ روح الجهاد عالية
ورأى أنّ مهاجمة قوافل قريش المُتّجِهة إلى الشام هو الحلّ الأنسب للقوّة الإسلاميّة من حيث العدد والعدّة
وضمان الرجوع السريع إلى المدينة؛ نظراً لأنّ هذه القوافل تَمُرّ بالقُرب منها.

 

المشاورة وتنظيم الجيش الإسلامي

عقد النبي -صلى الله عليه وسلم- مجلساً للشورى مع صحابته الكرام ليستشيرهم
بالخروج لاعتراض عير أبي سفيان، فقام أبو بكر -رضي الله عنه- موافقاً ومؤيّداً ذلك
وقام بعده عمر بن الخطاب والمقداد بن عمرو -رضي الله عنهم- مؤكّدين على الموافقة
حتى قال المقداد بن عمرو كلاماً رائعاً: “يَا رَسولَ اللَّهِ، امْضِ لِمَا أَرَاكَ اللَّهُ فَنَحْن مَعَكَ
وَاللَّهِ لاَ نَقول لَكَ كَمَا قَالَتْ بَنو إِسْرَائِيلَ لِموسَى:
اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبكَ فَقَاتِلاَ إِنَّا هَا هنَا قَاعِدونَ، وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبكَ فَقَاتِلاَ إِنَّا مَعَكمَا مقَاتِلونَ، فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَوْ سِرْتَ بِنَا إِلَى بَرْكِ الْغِمَادِ لَجَالَدْنَا مَعَكَ مِنْ دونِهِ حَتَّى تَبْلغَه”.

ولا زال النبي يتشيرهم حتى قام سعد بن معاذ -رضي الله عنه- وقال كلاماً بليغاً
ومن كلامه المشهور: “لكأنك تريدنا يا رسول الله؟ … فَوالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لَوِ اسْتَعْرَضْتَ بِنَا هَذَا الْبَحْرَ فَخضتَه لَخُضْنَاه مَعَكَ، مَا تَخَلَّفَ مِنَّا رَجل وَاحِد … فَسِرْ عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ”
وعندئذٍ قام -صلى الله عليه وسلم- مبشّراً أصحابه ورافعاً لعزائمهم، ولِكونه -صلّى الله عليه وسلّم- القائد الأعلى للجيش الإسلامي، اهتمّ بالاستعداد للمواجهة؛ وذلك بتنظيم الجيش، وإرسال العيون؛ لاستطلاع الأخبار، ثمّ توزيع المَهامّ على أصحابه على النحو الآتي:

  • استخلف ابنَ أم مكتوم على المدينة، وعلى الصلاة بداية
    ثمّ أعاد أبا لبابة بن المنذر إلى المدينة، واستخلفه عليها عندما وصل إلى الروحاء.
  • عَيّن مصعبَ بن عمير قائداً للواء المسلمين، وكانت راية اللواء بيضاء اللون.
  • قسّم جيشَه إلى كتيبتَين: مهاجرين، وأنصار، وكلّف عليّاً بن أبي طالب بحمل علم المهاجرين
    وسعداً بن معاذ بحمل علم الأنصار.
  • عَيّن الزبيرَ بن العوّام قائداً لميمنة الجيش، والمقدادَ قائداً لميسرته.

 

تحرك الجيش الإسلاميّ

بدأ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بالمسير مع جيشه على الطريق الرئيسيّ المؤدّي إلى مكّة المكرّمة
ثمّ انحرف إلى اليمين باتِّجاه منطقة النازية؛ قاصداً مياه بدر، وقبل وصوله إليها
في منطقة الصفراء بَعث بسبس بن عمرو الجهنيّ، وعديّ بن أبي الزغباء الجهنيّ إلى بدر يتحسّسان أخبار القافلة، ووصلت الأخبار إلى أبي سفيان بأنّ رسول الله خرج مع أصحابه
للإيقاع بالقافلة، فبعث ضمضم بن عمرو إلى مكة يستصرخ أهلها؛ لحماية القافلة.

إلّا أنّ أبا سفيان لم ينتظر وصول المَدد من أهل مكة، بل بذل أقصى ما لديه من دهاء وحنكة؛ للهروب من جيش الرسول -عليه السلام-؛ فعندما اقتربت قافلته من بدر سَبَقها، ولَقِيَ مجدي بن عمر وعَلِم منه بمرور راكبين بالقُرب من بدر، فسارع أبو سفيان بأخذ بعض فضلات بعيرَيهما، ووجد فيها نوى التمر، فعَلِم أنّ جيش النبيّ قريب من بدر؛ لأنّه علف أهل المدينة، ممّا جعله يسارع إلى القافلة مُغيِّراً اتّجاهها تاركاً بدراً يساره، فنجت القافلة.

قصة احداث غزوة بدر

استعداد المشركين للغزوة

سمع أهل مكّة بما جاء به رسول أبي سفيان ضمضم، وسرعان ما تجهّزوا
ثم خرجوا إليه في ما يقارب الأَلْف مقاتل، منهم ستمئة يلبسون الدروع، أمّا البعير والخيل فكان معهم منها سبعمئة بعير، ومئة فرس، بالإضافة إلى القِيان معهم يغنِّين بذَمّ المسلمين
وعلى الرغم من أنّ أبا سفيان أرسل إليهم خبر نجاة القافلة، وأخبرهم بالرجوع، إلّا أنّ أبا جهل رفض الرجوع، وعزم على المسير بالجيش إلى أن يصل بدراً
فيقيمون هناك ثلاثة أيام يأكلون، ويشربون، ويغنّون؛ حتى تسمع بهم قبائل العرب جميعها؛ بهدف فرض السيطرة والهَيبة لقريش، وتدعيم مكانتها.

 

التطوُّر المُفاجئ في الأحداث

عَلم رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بخبر تغيير القافلة مسارَها، وأنّ جيش مكّة خرج وواصل مسيره بالرغم من نجاة قافلتهم، ورأى أنّ الرجوع يَدعم المكانة العسكريّة لقريش في المنطقة، ويُضعِف كلمة المسلمين، وليس هناك ما يَمنع المشركين من مواصلة مسيرهم إلى المدينة وغَزو المسلمين فيها، فسارع إلى عقد مجلس عسكريّ طارئ مع أصحابه.

ثم قد بيّن لهم خطورة المَوقف؛ إذ إنّهم مُقدِمون على أمر لم يستعدّوا له كامل الاستعداد
حيث كانوا قد خرجوا لأمر بسيط، ولكنّهم وُضِعوا في موقفٍ صعب، فلم يكن من المسلمين؛ مهاجرين
وأنصار إلّا أن وقفوا وِقفة رجل واحد إلى جانب رسول الله -عليه الصلاة والسلام-، فقال لهم مبَشّراً:
(سيروا على بركةِ اللهِ وأبشروا، فإنَّ اللهَ قد وعدني إحدَى الطَّائفتين، واللهِ لكأنِّي الآن أنظر إلى مصارعِ القومِ).

 

خطّة المسلمين في الغزوة

أراد رسول الله أن يصل أوّلاً إلى مياه بدر؛ ليمنعَ المشركين من الاستيلاء عليها، وبعد أن اقترب من أدنى ماء من بدر
نزل بها، وكان قد علم الحبّاب بن منذر من رسول الله أنّ المَنزل الذي نزله الجيش هو من باب الحرب
وليس أمراً من الله لا يُمكن تجاوزه، فأشار عليه بخُطّة مُحكَمة مَفادها أن ينزل الجيش بأدنى ماء من المشركين
ويبنى عليه حوض يُملَأ بالماء ليشرب المسلمون منه دون المشركين، فأخذ رسول الله بمشورته.

ثم نزل الجيش الإسلاميّ المَنزل الذي أشار إليه الحبّاب بن منذر، وتَحسباً للطوارئ اقترح سعد بن معاذ بناءَ مَقرٍّ للقيادة
بهدف الحفاظ على حياة الرسول برجوعه إلى أصحابه في المدينة فيما لو هزِم المسلمون
ونال اقتراحه التأييد والثناء من رسول الله -عليه الصلاة والسلام-، فتَمّ بناؤه على تَلٍّ مُرتفع يُطِلّ على ساحة المعركة، وتَكفّل سعد بن معاذ مع شباب من الأنصار بحمايته.

قصة احداث غزوة بدر

نزول المطر

بات المسلمون ليلتهم وقد امتلأت قلوبهم بالثقة، والاستبشار بعطاء الله، وكان رسول الله متفَقِّداً لأصحابه، ومنظِّماً لصفوفهم، ومُذكِّراً لهم بالله، واليوم الآخر، ومتضرِّعاً لله -جلّ جلاله- يدعوه بقوله: (اللهمَّ أين ما وعَدتَني؟ اللهمَّ أنجِزْ ما وعَدتَني، اللهمَّ إنْ تَهلِكْ هذه العِصابة مِن أهلِ الإسلامِ فلا تعبَد في الأرضِ أبدًا)
ثم أنزل الله تلك الليلة مطراً خفيفاً يثبِّت به القلوب، ويطهّرها من وساوس الشيطان، ويثبّت به الأقدام؛ حيث إنّ الرمل تماسك، وتلبّد بماء المطر، فسَهل المسير عليه؛ فقد قال الله تعالى:
(إِذ يُغَشّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيكُم مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذهِبَ عَنكُم رِجزَ الشَّيطانِ وَلِيَربِطَ عَلى قُلوبِكُم وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقدامَ).

 

التقاء الجمعان

كان اليوم السابع عشر من رمضان من السنة الثانية للهجرة هو اليوم الذي التقى فيه الجيشان، وبدأ المشركون بالهجوم عن طريق الأسود بن عبدالأسد الذي حلف أن يشرب من حوض المسلمين، فإن لم يتمكّن من ذلك هَدَمه، ثم تصدّى له حمزة بن عبد المطلب حتى قتله، واشتعلت نار المعركة، فخرج ثلاثة من أفضل فرسان قريش، وهم: عتبة وأخوه شيبة ابنا ربيعة، والوليد بن عتبة يطلبون المبارزة.

ثم خرج لهم ثلاثة من الأنصار، إلّا أنّ فرسان قريش طلبوا من رسول الله فرساناً من بني عمّهم لمبارزتهم
فأخرج لهم رسول الله عبيدة بن الحارث، وحمزة بن عبدالمطّلب، وعليّاً بن أبي طالب
كما قِيل إنّ رسول الله هو من أرجع الأنصار؛ حتى تكون عشيرته أوّل من يواجه العدو، فبدأ النزال،
وسرعان ما انهزم فرسان قريش.

 

ذروة القتال

بَلغ الغضب أَوجَه لدى المشركين لهذه البداية المُحبِطة؛ إذ فقدوا ثلاثة من أفضل فرسانهم، فهجموا هجمة رجل واحد على المسلمين
متّبِعين أسلوب الكَرّ والفَرّ في قتالهم؛ وهو أسلوب يتمثّل بهجوم جميع المقاتلين
مشاة، وفرسان، ونشّابة بالسيوف، والرماح على العدو، فإن صمد العدو فرّوا؛ لِيعيدوا تنظيمهم
ثمّ يعودوا ثانية إلى القتال، وهكذا إلى أن يَظفروا بالنصر، أو تلحق بهم الهزيمة.

أمّا المسلمون، فقد قاتلوا بأسلوب مختلف تماماً؛ حيث اهتمّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بترتيب المقاتلين صفوفاً؛ ثم جعل الصفوف الأمامية تقاتل بالرماح؛ لمواجهة فرسان العدو
أمّا بقيّة الصفوف فقد كانت ترمي العدوّ بالنِّبال، مع رباط الصفوف جميعها في مواقعها حتى يَفقِد المشركين الزخم في عددهم، فتتقدّم الصفوف كلّها مهاجمةً العدوَّ
وبذلك يكون رسول الله قد اتّبع أسلوباً جديداً في القتال يَصلح للدفاع والهجوم في آنٍ واحد، الأمر الذي مكّنه من إدارة قوّة جيشه، وتأمين قوّة احتياطية للطوارئ، على خِلاف أسلوب الكَرّ والفَرّ.

 

نزول الملائكة

تابع المسلمون قتالهم بحماس وشجاعة، واستمرَّ رسول الله بحَثِّهم وتشجيعهم على القتال؛ فالموقف صعب، ولا بدّ من الاستمرار برَفْع المعنويّات، فكان يُحفّزهم بقوله:
(قُومُوا إلى جَنَّةٍ عَرْضهَا السَّمَوَات وَالأرْض)،وواصل التّضرع لله والدعاء للمسلمين حتى أوحى الله إليه: (إِذ تَستَغيثونَ رَبَّكم فَاستَجابَ لَكُم أَنّي ممِدكم بِأَلفٍ مِنَ المَلائِكَةِ مردِفينَ)
وأمر الله ملائكته بقوله: (أَنّي مَعَكم فَثَبِّتوا الَّذينَ آمَنوا سَألقي في قلوبِ الَّذينَ كَفَروا الرعبَ فَاضرِبوا فَوقَ الأَعناقِ وَاضرِبوا مِنهم كلَّ بَنانٍ).

فكان المَدد من الله أعداداً من الملائكة، وليس مَلَكاً واحداً على الرغم من كفايته
وذلك بشارة للمسلمين؛ إذ قال -تعالى-: (وَما جَعَلَه اللَّـه إِلّا بشرى وَلِتَطمَئِنَّ بِهِ قلوبكم)
ولم يَتوقّف دور النبيّ على التشجيع، والدعاء فقط، بل قاتل مع أصحابه
حيث كان يهاجم العدوّ وهو يقول: (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ)
وأخذ حفنة من التراب، وألقاها على المشركين، فلم يَسلَم أحد من تلك الحفنة إلّا وقد أصابت عينه وفمه، وقد قال -تعالى-: (وَما رَمَيتَ إِذ رَمَيتَ وَلـكِنَّ اللَّـهَ رَمى)
وشارفت المعركة على النهاية إذ تزعزت صفوف المشركين واضطربت وبدأوا بالانسحاب والفرار وأخذ المسلمون بالقتل والأسر حتى ألحقوا الهزيمة الفادحة بالمشركين.

قصة احداث غزوة بدر

 

نتائج غزوة بدر

انتصار المسلمين

انتهت الغزوة بالنصر المؤزَّر للمسلمين، والهزيمة الساحقة للمشركين، قال -تعالى-: (وَلَقَدْ نَصَرَكم اللَّـه بِبَدْرٍ وَأَنتمْ أَذِلَّة فَاتَّقوا اللَّـهَ لَعَلَّكمْ تَشْكرونَ)
وقد سمّى الله يوم بدر بيوم الفرقان، وذلك في قوله: (يَومَ الفُرقانِ يَومَ التَقَى الجَمعانِ)
لأنّه فرّق فيه بين الحقّ واالباطل.

 

الغنائم

أقام رسول الله في بدر ثلاثة أيّام بعد انتهاء المعركة؛ لدفن الشهداء
والقضاء على أيّة محاولة يمكن أن تصدر عن المنهَزِمين، وليأخذ الجيش مقداراً كافياً من الراحة، إلى جانب جمع الغنائم
وقبل الرحيل من أرض المعركة كان المسلمون قد جمعوا الكثير من الغنائم
ولم يكن الشرع قد بيّن حكمها بعد، فأمرهم رسول الله بإعادة ما تمّ جَمعه منها.

ثمّ نزل قوله -تعالى-: (يَسأَلونَكَ عَنِ الأَنفالِ قلِ الأَنفال لِلَّـهِ وَالرَّسولِ فَاتَّقوا اللَّـهَ وَأَصلِحوا ذاتَ بَينِكم وَأَطيعوا اللَّـهَ وَرَسولَه إِن كنتم مؤمِنينَ)
ثمّ أنزل -تعالى- كيفيّة تقسيمها في قوله: (وَاعلَموا أَنَّما غَنِمتم مِن شَيءٍ فَأَنَّ لِلَّـهِ خمسَه وَلِلرَّسولِ وَلِذِي القربى وَاليَتامى وَالمَساكينِ وَابنِ السَّبيلِ إِن كنتم آمَنتم بِاللَّـهِ)
فقسّمها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على المسلمين بالتساوي بعد أخذ خمسها.

 

الأسرى

تحرّك رسول الله بجيشه نحو المدينة ومعه الأسرى من المشركين، وقد بلغ عددهم سبعين رجلاً
قتِل منهم اثنان مّمن عرِفوا بأذيّتهم الشديدة للمسلمين
وهما: النضر بن الحارث الذي كان حاملاً للواء المشركين في المعركة، وعقبة بن أبي معيط الذي حاول من قَبل خَنق رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بردائه.

وعندما وصل رسول الله إلى المدينة، استشار أصحابه في قضيّة الأسرى
فرأى أبو بكر -رضي الله عنه- أخذ الفدية منهم، ورأى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه
الحزم وقَتلهم؛ لأنّ إيذاءهم كان شديداً للمسلمين، وقد أخذ رسول الله بمشورة أبي بكر بأخذ الفدية منهم.

أمّا كيفية الفداء فكانت بأخذ ألف إلى أربعة آلاف درهم عن الأسير
فإن لم يجد ما يفدي به نفسه، علّم الكتابة لعشرةٍ من مسلِمي المدينة
وقد مَنّ رسول الله على عدد من الأسرى بإطلاق سراحهم دون الفداء، منهم: المطلب بن حنطب، وأبو العاص زوج ابنته زينب، والذي اشترط عليه تركها مقابل ذلك.

قصة احداث غزوة بدر

شهداء المسلمين وقتلى المشركين

كان عدد المسلمين الذين استشهِدوا في المعركة أربعة عشر رجلاً
ستّة من المهاجرين، وثمانية من الأنصار، أمّا قتلى المشركين فقد بلغ عددهم سبعين رجلاً معظمهم من قادة قريش
وكان أبو جهل واحداً منهم، فقد قتله شابّان من الأنصار، هما: معاذ بن عفراء، ومعاذ بن عمرو بن الجموح، إذ أصرّا على قتله؛ لأنّهما سمعا أنّه كان يَسبّ رسول الله -عليه الصلاة والسلام-

وكان ممّن قتِل من قادة قريش أيضاً أميّة بن خلف الذي قتله بلال بن رباح؛ لما عاناه من أشدّ أنواع العذاب، وأقساه في مكّة على يديه، قال -تعالى-: (قاتِلوهم يعَذِّبهم اللَّـه بِأَيديكم وَيخزِهِم وَيَنصركم عَلَيهِم وَيَشفِ صدورَ قَومٍ مؤمِنينَ*وَيذهِب غَيظَ قلوبِهِم وَيَتوب اللَّـه عَلى مَن يَشاء وَاللَّـه عَليم حَكيم).

ثم قد بيّنت نصوص القرآن الكريم السنة النبوية فضل الصحابة الذين شهدوا غزوة بدر، حيث قال الله سبحانه: (قَدْ كَانَ لَكمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَة تقَاتِل فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَأخْرَىٰ كَافِرَة يَرَوْنَهم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّـه يؤَيِّد بِنَصْرِهِ مَن يَشَاء إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الْأَبْصَارِ)
كما روى البخاري في صحيحه الحديث الذي يخاطب فيه جبريل عليه السلام الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما تعُدُّون أهلَ بدرٍ فيكم؟ قال: من أفضلِ المسلمين، أو كلمةً نحوَها، قال: وكذلك من شَهِد بدرًا من الملائكةِ).

 

 

السابق
صفات عثمان بن عفان
التالي
أحدث غزوة أحد

اترك تعليقاً