راى الاسلام فى هل يحق للزوجة طلب العمل لتحقيق ذاتها

راى الاسلام فى هل يحق للزوجة طلب العمل لتحقيق ذاتها

السؤال: سلام عليكم سؤال لو تكرمتم، زوجتي تريد النزول للعمل لإحساسها بالضيق من الوجود

المستمر في المنزل و رعاية الأبناء و تريد الإحساس بقيمتها المجتمعية و تحقيق ذاتها، مع العلم اننا

لسنا في حاجة مادية للعمل و أنا معترض على نزولها للعمل لغيرتي على أهل بيتي و حماية لها من

التواجد وسط مجتمع كثر فيه جوانب الفتن و الاختلاط الغير مرغوب فيه و خاصة أن زوجتي على قدر

كبير من الجمال و تتعرض لكثير من المعاكسات على الرغم من التزامها بالزي المناسب، فهل يحق لي

منعها أم يحق لها النزول. الإجابة: الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن

والاهُ، أمَّا بعدُ: فعمل المرأة في الإسلام إنما يجوز إن كانت هناك حاجة أو مصلحة راجحة تدعو إليه،

إن احتاجت المرأة أن تنفق على نفسها أو تنفق على أبنائها إن عجز الزوج عن النفقة، وحينئذ يجب

على المرأة الالتزام بالضوابط الشرعية، من عدم الاختلاط بالرجال إلا في أضيق الحدود، ولا تخلو برجل

أجنبي، وتلتزم بحجابها ووقارها، ولا تخضع بالقول حتى لا يطمع فيها ضعاف النفوس، ومرضى القلوب؛

قال – تعالى -: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى

أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب:59]. وقال – تعالى -:

{فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [الأحزاب:32]. فإن كانت المرأة

عندها من يكفلها من زوج أو أب وغيرهما، فلا تخرج للعمل، ولتبتعد عن تلك الفتن المستعرة،

فإن السلامة في الدين لا يعدلها شيء، وأن من ترك شيئًا لله، عَوَّضَهُ الله خيرًا منه؛ كما صح عن رسول

الله – صلى الله عليه وسلم – ولتقرَّ في بيتها، استجابة لقول الله – سبحانه وتعالى -:

{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} [الأحزاب:33]. في “حلية الأولياء وطبقات الأصفياء

(2/ 145) قال الحسن البصري: ” يا ابن آدم دينك دينك فإنه لحمك ودمك، إن يسلم لك دينك يسلم لك

لحمك ودمك، وإن تكن الأخرى فنعوذ بالله فإنها نار لا تطفأ، وجرح لا يبرأ وعذاب لا ينفد أبدًا، ونفس لا

تموت، يا ابن آدم إنك موقوف بين يدي ربك، ومرتهن بعملك، فخذ مما في يديك لما بين يديك، عند

الموت يأتيك الخبر إنك مسئول ولا تجد جوابًا، وإن العبد لا يزال بخير ما كان له واعظ من نفسه وكانت

المحاسبة من همه”. أما منعك لها من النزول للعمل فهو من حقك؛ بل هو من أخص حقوق الزوج؛

لأن الشارع الحكيم جعل الزوج هو رئيس البيت؛ قال الله تعالى:

{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة: 228]،

والمراد بالدرجة حق الرجل في القوامة، ولا قوامة بدون طاعة الزوجة لزوجها، وقال تعالى:

{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34].

فيجب على الزوجة أن تطيع زوجها إذا أمرها بعدم الخروج للعمل، لا سيما وكثير من النساء لا يسلمن

من المضايقات داخل العمل، والشارع الحكيم جعل حفظ دين الزوجة فرض في حق الرجال؛ كما قال

تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم: 6]، قال مجاهد: “أَوْصوا أنفسكم

وأهليكم بتقوى الله وأدِّبوهم”، وقال تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ

نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [طه: 132]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((كلكم راع ومسؤول عن رعيته،

فالإمام راع، وهو مسؤول عن رعيته، والرجل في أهله راع، وهو مسؤول عن رعيته))، الحديثَ،

وأولُ واجبات القِيَم وربِّ الأسرة هو أن يَحُول بينها وبين عذاب الله، وليس هذا بالأمر الهَيِّن،

بل هي تَبِعَة ثقيلة رهيبة. فالمنهجُ الإسلامي نظَّم البيوت، وأقامَها على أُسُس متينة، حَمَّلَ فيها

المؤمنين تَبِعة أهليهم، كما يُحمِّلهم تَبِعة أنفسِهم، وما يتطلَّبه مِن الجهد والاهتمام البالغ بتكوين

المسلمة كي تستطيعَ أن تُنشِئ البيت المسلم؛ فالأمُّ هي مَن تُربِّي الأجيال وليس الرجل. فاجتَهِدْ

في إقناعها بالحُسنى؛ ويجب عليها طاعتُك؛ فطاعة الزوجة زوجها من أوجب واجبات الشرع،

ما لم تكن في معصية الله تعالى، وهي مقدَّمة على طاعة كل أحد، حتى الوالدين، ولا يجوز لها

عصيان أمره، وصحّ عن الرسول – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: “لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد،

لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، ولا تؤدى المرأة حق الله عز وجل عليها كله حتى تؤدى حق زوجها

عليها كله، حتى لو سألها نفسها وهى على ظهر قتب لأعطتها إياه”؛ رواه أحمد وابن ماجه. والله تعالى

يجازي الزوجة على طاعته زوجها بالثواب الجزيل؛ كما في حديث عبد الرحمن بن عوف – رضي الله عنه

 

– قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت

زوجها، قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت”؛ رواه أحمد. وقال ابن قُدَامة في “المغني”:

“وللزَّوج مَنعُها من الخروج من منزله، إلَّا ما لها منه بُدٌّ، سواء أرادت زيارة والِدَيها، أو عيادتهما، أو حضورَ

جنازة أحدهما، قال أحمد – في امرأةٍ لها زوج وأم مريضة-: “طاعةُ زوجها أوجب عليها من أُمِّها، إلَّا أن

يَأذَن لها”. اهـ. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب “مجموع الفتاوى”: “فليس لها أن تَخرُج من

منزله إلا بإذنه، سواء أَمَرَها أبوها أو أمُّها أو غيرُ أبويها، باتِّفاق الأئمَّة”. اهـ. إذا تقرر هذا، فيجوز لك منع

زوجتك من الخروج للعمل،، والله أعلم

السابق
أحكام صلاة العيدين ومشروعيتها
التالي
ما هي مبطلات الصيام

اترك تعليقاً