حكم من لم يضحي وهو قادر

حكم من لم يضحي وهو قادر

 

 

الأضحية من الضحيَّة، وتعرّف بأنها ما يُذبح من النّعم بغاية التّقرّب إلى الله تعالى، ويبدأ وقتها يوم النَّحر أول أيام العيد، ويستمرّ إلى آخر أيام التشريق، أي إلى اليوم الثالث من أيام عيد الأضحى المبارك، وسُميِّت بالضَّحية، لأنَّها مقترنة بوقت الضَّحى، ويتساءل الكثير من المسلمين عن حكم من لم يضحي وهو قادر على التضحية إضافةً إلى شروط المضحي.

حكم من لم يضحي وهو قادر

 

إنّ الأضحية للمُقتدر عليها سُنّة مؤكّدة ويُكره له تركها، وهذا ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، وخالفهم في ذلك الحنفيّة الذّين يرون أنّها واجبة للمُقتدر على شرائها، ويتّضح بذلك أنّ القدرة أو الاستطاعة شرط للأضحية عند من يقول بوجوبها أو سُنّيتها، وبالتالي فإن حكم من لم يضحي وهو قادر عدم جواز ذلك، ودليل العلماء في ذلك قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَنْ وَجَد سَعَةً فلم يُضَحِّ فلا يَقْرَبَنَّ مُصَلاَّنا). [1]

يختلف تفسير الفقهاء لمعنى القُدرة على الأضحية على النّحو الآتي:

  • الحنفيّة: القادر هو من يملك مائتي درهم وهو نصاب الزّكاة، أو من يملك أثاثاً زائداً عن حاجته يُقدّر بهذا المبلغ.
  • المالكيّة: القادر هو من لا يحتاج المبلغ المُخصصّ للأضحية لشيءٍ ضروري، وإن كان باستطاعته أن يأخذ ديناً فليستدين.
  • الشّافعية: القُدرة عندهم هو أن يملك المرء مالاً زائداً عن حاجته وحاجة أهله.
  • الحنابلة: كلّ من يستطيع الحصول على ثمنها ولو بالدّين فهو مُقتدر على الأضحية.

شروط المضحي

اشترط العلماء للمُضحّي عدّة شروط، وبيانها فيما يأتي:

  • الإسلام: تصحّ الأضحية من كلّ مسلم حُرٍّ، ولا تصحّ من غيره، وقد اختصّت عبادة الأضحية بالمسلم؛ لأنّها قُربة إلى الله -تعالى- يتعبّد له بها.
  • البلوغ: يُشترَط أن يكون المُضحّي بالغاً، وذهب المالكيّة إلى كونها سُنّة في حقّ الصغير، ورأى الحنفية أنّها واجبّة في حقّ الصغير إن كان ذا مال، ويُضحّي عنه أبوه، أو وصيّه، ويُسَنّ له أن يأكل من أضحيته، وذهب بعضهم إلى أنّها لا تجب على الصغير من ماله، وهي غير مسنونة للصغير عند الشافعية، والحنابلة.
  • المقدرة الماليّة: يرى الحنفية أنّ المقدرة الماليّة شرط من شروط المُضحّي غير الحاج، وتسقط عن العبد دون الحُرّ؛ لأنّ العبد لا يملك شيئاً، والمقدرة المقصودة هنا أن يمتلك الذي ينوي الأضحية النِّصاب الزائد عن حاجته اليوميّة.
  • غير حاجّ: يشترط المالكية ألّا يكون المُضحّي حاجّاً؛ إذ إنّ السنّة للحاجّ الهَدْي وليس الأضحية، وقد انفرد المالكيّة بذلك الشرط عن باقي الفقهاء.
  • الإقامة: اشترط جمهور الفقهاء الأضحية على المُسافر كالمُقيم، في حين انفرد الحنفية في سقوطها عن المُسافر فلا تجب عليه؛ أي أنّهم اشترطوا أن يكون الشخص مُقيماً؛ والسبب في عدم وجوبها على المسافر عندهم أنّه يشقّ على المسافر تحصيل أسباب الأضحية.

مشروعية الأضحية وفضائلها

 

وردت مشروعيّة الأضحية في القرآن الكريم؛ إذ قال -تعالى-: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)، كما ذُكِرت مشروعيّتها في السنّة النبويّة؛ فعن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: (ضَحَّى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بكَبْشينِ أمْلَحَيْنِ أقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُما بيَدِهِ، وسَمَّى وكَبَّرَ، ووَضَعَ رِجْلَهُ علَى صِفَاحِهِمَا) [2] وقد أجمع المسلمون على مشروعيّتها، وشرع الله -تعالى- الأضحية لحِكمٍ عظيمة، منها ما يأتي:

  • اتِّباع هَدي نبيّ الله إبراهيم -عليه السلام-؛ إذ أمر الله -تعالى- النبيّ محمد -صلّى الله عليه وسلّم- بذلك، فقال: (ثُمَّ أَوحَينا إِلَيكَ أَنِ اتَّبِع مِلَّةَ إِبراهيمَ حَنيفًا وَما كانَ مِنَ المُشرِكينَ).
  • تربية نفس المسلم على التحمُّل، والصبر، واتِّباع أوامر الله -تعالى-؛ ففي قصّة نبيّ الله إبراهيم- عليه السلام- مع ولده إسماعيل- عليه السلام- دَرسٌ في امتثال أوامر الله -تعالى-، والثبات عليها، والصَّبر على طاعته.
  • زيادة المَودّة، والمَحبّة بين المسلمين؛ لِما في الأضحية من توسعة على الأقارب، وصِلة للأرحام، كما فيها إدخال للسرور على الفقراء والمحتاجين؛ بمشاركتهم الأضحية.
  • إظهار الشُّكر، والحَمد لله -تعالى- على نِعَمه الكثيرة، وفضائله العظيمة؛ فشُكر النِّعَم سببٌ لبقائها، ودوامها.

تشتمل التضحية في أيّام النَّحر على العديد من الفضائل، ومنها ما يأتي:

  • اعتبار أنّ أحبّ الأعمال إلى الله -تعالى- في أيّام النَّحر ذَبْح الأضاحي لوجهه الكريم؛ قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (ما عملَ آدميٌّ منْ عملٍ يومَ النحرِ، أحبَّ إلى اللهِ منْ إهراقِ الدمِ). [3]
  • إتيان الأضحية يوم القيامة على الهيئة التي ذُبِحت عليها، ووقوع دَمها بمكان قبوله قبل وقوعه على الأرض؛ قال -عليه الصلاة والسلام- عن الأضحية: (إنها لتأتي يومَ القيامةِ بقرونِها، و أشعارِها، و أظلافِها، و إنَّ الدمَ ليقعَ من اللهِ بمكانٍ، قبلَ أن يقعَ على الأرضِ، فطيبُوا بها نفسًا). [3]
  • نَيل المسلم الأجرَ العظيمَ؛ فله بكلّ شَعرة من أضحيته حَسنة، وقد ورد في هذا حديث ضعيف عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-.
  • اعتبارها من شعائر الله -تعالى- التي يدلّ تعظيمها على حصول التقوى في قلب المسلم؛ قال -تعالى-: (وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ).

 

السابق
تفسير ومعني تلد الامة ربتها
التالي
هل يجوز اعطاء الجزار من الاضحية

اترك تعليقاً