حسن الظن بالله عبادة قلبية ترفعك في درجات الجنان

حسن الظن بالله عبادة قلبية ترفعك في درجات الجنان

حسن الظن بالله عبادة قلبية ترفعك في درجات الجنان

حسن الظن بالله عبادة قلبية ترفعك في درجات الجنانحسن الظن بالله عبادة قلبية

ترفعك في درجات الجنان

,  حسن الظن بالله من العبادات القلبية التي ترفع مقام العبد

عند ربه، وتجعله يحيا حياةً طيبة راضيًا بما قدّر وقَسم، وقد

حث عليها القرآن الكريم والسنة المطهرة في آيات وأحاديث كثيرة،

 

حسن الظن بالله

جاءت لفظة الظن في القرآن تحمل معانٍ مختلفة، مثل: الشك، كما في قوله تعالى:

{إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} [الأحزاب:10].

وجاءت بمعنى اليقين كما في قوله:

{وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ* الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 46]

فيوم القيامة ليس في وقوعه شكًا.

وحسن الظن بالله: من معانيه توقع كل ما يسر النفس من الله، وقال فيه ابن العربي-رحمه الله- الظن: «تجويز أمرين في النفس لأحدهما ترجيح على الآخر».

 

حسن الظن في القرآن الكريم

لقد جاء ذكر حسن الظن بالله وبالمؤمنين في مواطن عدة من كتاب الله، ترغيبًا فيه، ومدحًا لأهله، كما في قوله تعالى:

{لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ}[النور: 12].

وفي قوله: {وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن نُّعجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَبًا}[الجن:12]

وفي قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ *إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ}[الحاقة: 19: 20].

حسن الظن بالله في السنة النبوية

تعددت الأحاديث النبوية التي حث فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- على حسن الظن بالله، وقد تجلى في حياته حسن ظنه بربه وتصديقه لموعده ورجاءه فيما عنده، مما يدل على قدر تلك العبادة عند الله، ومن تلك الأحاديث ما يلي:

يقول ابن مسعود رضي الله عنه: “والذي لا إله غيره ما أعطي عبد مؤمن شيئا خيرًا من حسن الظن بالله تعالى، والذي لا إله غيره لا يحسن عبد بالله الظن إلا أعطاه الله عز وجل ظنه، ذلك بأن الخير في يده “.

عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«إن الله عز وجل قال: أنا عند ظن عبدي بي، إنْ ظن بي خيراً فله، وإن ظن شراً فله».

الأنبياء وحسن الظن بالله

حسن الظن بالله كان دين الأنبياء جميعهم صلوات الله وسلامه عليهم على كل أحوالهم، فهم أعرف الخلق به وبرحمته.

وكلما اشتدت بهم الكروب أو أصابهم الأذى من أقوامهم لجئوا إليه وكانوا على يقين بأن من أرسلهم لم يكن ليضيعهم، فكانوا قدوة ومثل في حسن الظن بالله كما سيتضح لكم في التالي:

موسى عليه السلام

  • لما قال له قومه: {إِنَّا لَمُدْرَكُونْ} [61]

  • قال بكل ثقة وثبات: {كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [ الشعراء: 62].

لم يهتز لشدة الموقف وقرب الهلاك، لأنه يعلم أن الله أقرب إليه منه، حتى وإن انقطعت أسباب الأرض وأضحت النجاة مستحيلة فالله لا يُخيب من يلوذ به، ويعتصم ويحسن الظن به سبحانه.

زكريا عليه السلام

  • وقد بلغ من الكبر عتيا كما قال عن نفسه، ولم يمنعه ذلك من الدعاء وحسن الظن أن ربه سيرزقه الولد الذي يريد وتَقر عينه به، فوهبه ربه يحيى عليه السلام.

يونس عليه السلام

فقد كان ربه ملاذه الأخير حين ألقي في البحر، وانقطعت به السُبل ولا طريق للخروج، ولا بشر قد يصلهم صوته:

{فَناَدَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَاْ إِلَٰهَ إِلَّا أَنْتَ سبْحَانَكَ إِنِّي كنْتُ مِنَ الظَّالِمِينْ}[ الأنبياء: 87].

فاستجاب له ربه وأنجاه مما كان فيه.

يعقوب عليه السلام

لم تنسه الأيام ذكرى يوسف، أحب أحبابه إليه، وظل محسنًا الظن بربه أنه سيجمعه به وقد قال:

﴿قالَ بَل سَوَّلَت لَكُم أَنفُسُكُم أَمرًا فَصَبرٌ جَميلٌ عَسَى اللَّهُ أَن يَأتِيَني بِهِم جَميعًا إِنَّهُ هُوَ العَليمُ الحَكيمُ﴾ [يوسف: 83].

المصطفى صلى الله عليه وسلم

وفي لجة المحنة، وفي رحلة الهجرة كان قلب المصطفى يقطر يقين وحسن ظن أن الله ناصره ومؤيده، فعن أبي بكر رضي الله عنه قال:

(قلت للنبي صلى الله عليه وسلم وأنا في الغار: لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما؟)

فكان الغوث الإلهي

{فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[ التوبة: 40].

هكذا كانوا يحسنون الظن بربهم، فتتلاشى أمامهم المخاوفوالمهالك والآلام ويتبدد الضيق وتغمرهم السكينة، إنهم يستنزلون الفرج بالصبر وحسن الظن بالله.

آثار حسن الظن بالله

من آثار حسن الظن بالله ما يلي:

  • آتاه الله مراده كما جاء في الحديث النبوي: “فمن ظن أن الله سيغفر له وعده الله بالمغفرة”.
  • نال رحمته، لأن اليأس من رحمة الله سوء ظنٍ به سبحانه.
  • اطمأن قلبه، وثبت فؤاده، وانجلت كربته.

مواطن حسن الظن بالله

في كل وقت وعلى كل حال ينبغي أن يكون قلب المؤمن متعلقًا بربه محسنًا الظن به، لكن هناك مواطن فاصلة هنيئًا لِمن وُجد فيها محسنًا الظن بربه، ومنها:

  • عند الاحتضار: في تلك اللحظات تنجلي الحُجب ويرى القلب حقيقة دنياه، لكن من كانت حياته يغمرها حسن الظن بالله، لم يكن عسيرًا عليه أن يُحسن الظن بربه عند موته، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: [لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل] رواه مسلم. عبادة قلبية
  • عند الدعاء: فمتى ما ألهم العبد رفع يده بالدعاء يجب أن يوقن أنه سيستجيب وإن تأخرت الإجابة، فلا يتعجل أو يترك الدعاء فربه أعلم بما يصلحه، وما هو خير له في دينه ودنياه.

كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: “إني لا أحمل هم الإجابة ولكن أحمل هم الدعاء، فإذا ألهِمت الدعاء فإن الإجابة معه”.

    • عند الشدائد والمصائب: فالله سبحانه وتعالى يبتلي عباده ليختبر إيمانهم وصدق يقينهم، ومدى صبرهم.
    • عند ضيق العيش وغلبة الديون: ففي الحديث الشريف يقول النبي صلى الله عليه وسلم: [من نزلت به فاقة فأنزلها بالله يوشك الله له برزق عاجل أو آجل].
  • عند التوبة: فمن عاد منيبًا إلى ربه مقرًا بتقصيره وذنبه الله أكرم من أن يرده عن أعتابه، أو يغلق دونه بابه؛ فليوقن بأن الله سيقبله ويتوب عليه ويقيل عثراته.

في يوم عرفة جاء الفضيل بن عياض إلى سفيان الثوري وقال له: من أسوأ الناس حالًا في هذا اليوم؟ قال: من ظن أن الله لا يغفر لهم.

كيف نحسن الظن بالله؟

يكون حسن الظن بالله كما يلي:

  • من عرف ربه بأسمائه وصفاته، وعلم قدرته، وأدرك أن له حكمة
  • في كل ما يصيب الإنسان من خيرٍ وشر؛ استسلم لمراد الله فيه وأحسن الظن به على كل حال.
  • باجتناب ما نهى الله عنه من معاصي وآثام، فمن يعمل
  • بالمعصية ويستمر عليها ويقول إن الله سيغفر لي فما أحسن الظن بربه، فحسن العمل من إحسان الظن به.
  • بالصبر على ما أمر الله به، وما نهى عنه، والصبر على البلايا
  • والمصائب، مع رجاء الأجر من الله تعالى. عبادة قلبية

والتوكل متلازمان، فالعبد يدعو موقنًا بالإجابة، ويصبر على البلاء موقنًا بزواله، ويصبر على ضيق الرزق موقنًا بسعته عن قريب، ويتوب إلى الله موقنًا بأنه سيتوب عليه، وهو في كل ذلك يسعى بكل ما يستطيع معلقًا قلبه بالله وحده، فهو الحكيم القادر.

السابق
انواع الشرك وعقوبته| أهم الآيات والأحاديث الدالة على ذلك
التالي
أهم المعلومات عن الصحابي سراقة بن مالك

اترك تعليقاً