تفسير سورة مريم وفضلها

تفسير سورة مريم وفضلها

تفسير سورة مريم وفضلها ... هي إحدى سور القرآن الكريم التي نزلت في مكة المكرمة، يبلغ عدد آياتها ثماني وتسعين آية، وقد جاءت في الجزء السادس عشر، وبالتحديد بعد سورة الكهف، وبناء على ذلك فهي السورة التاسعة عشر بحسب ترتيب المصحف العثماني، أما بحسب ترتيب النزول فقد نزلت سورة مريم بعد سورة فاطر

تفسير سورة مريم وفضلها … هي إحدى سور القرآن الكريم التي نزلت في مكة المكرمة، يبلغ عدد آياتها ثماني وتسعين آية، وقد جاءت في الجزء السادس عشر، وبالتحديد بعد سورة الكهف، وبناء على ذلك فهي السورة التاسعة عشر بحسب ترتيب المصحف العثماني، أما بحسب ترتيب النزول فقد نزلت سورة مريم بعد سورة فاطر

 

أسباب نزول سورة مريم

لقد ورد في السنة النبوية بعضٌ من الأحاديث النبوية التي تبيِّن أسباب نزولِ بعض آياتِ سورة مريم، وفيما يأتي بيان ذلك:

  • الآية الرابعة والستون
نزل قول الله -تعالى-: (وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ)
رداً على رسول الله -صلى الله :عليه وسلم- بعد أن سأل جبريل عن سبب عدم الإكثار من زيارته.
  • الآية السادسة والستون
نزل قول الله -تعالى-: (وَيَقُولُ الْإِنسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا)
في أُبيّ بن خلف حينَ أنكرَ البعثَ بعد الموتِ؛ حيث أخذ عظاماً بالية وفتَّها بينَ يديهِ، وقال: زعم محمّد أنّّا نُبعث بعد الموتِ.
  • الآية السابعة والسبعون
نزل قول الله -تعالى-: (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا)
في العاص بن وائل؛ إذ كان عليه :ديْنٌ للخبّابِ بن الأرتّ، فجاء الأخير يطلب دينه
فرفض العاص سدَّ الدينِ حتى يكفرَ الخباب بمحمّد، فردَّ الخبّاب أنَّه لن يكفر حتى يموت :العاص فيبعث، فردَّ العاص أنَّه إن ماتَ وبعث فسيكون له مال وحينها سيردَّ دينَ الخبّاب.

مناسبتها لما قبلها

إنَّ علاقةَ سورة مريم بسورة الكهف؛ أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- ذكر في السورتين عددًا من الخوارقَ العجيبة الدالة على قدرته
حيث ذكر في سورةَ الكهفِ قصة أصحاب الكهفِ، واستيقاظهم بعد ثلاثمائةِ عامٍ
وصاحبا الجنتينِ، والعبد الصالح، وقصة ذي القرنينِ وما أُجريَ على يديه.

وذكر في سورة مريم معجزة زكريا بإنجابه للولد برغم كبر سنِّه وعقمَ زوجته
كما أنَّها ذكرت معجزة ميلادِ عيسى.
كما أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- قال في كتابه الكريم: (قل لَّوْ كَانَ الْبَحْر مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْر قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَات رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا).

وفي هذه الآية مناسبة واضحة مع الآيات المذكورة في قصة مريم وولادتها لعيسى
إذ إنَّ عيسى يعد كلمةً من كلماتِ الله -عزَّ وجلَّ- التي لا تنفد.

تفسير سورة مريم وفضلها

فضل سورة مريم وأثرها في حياة المسلم

الحث على الدعاء واللجوء لله تعالى

جاء في سورة مريم العديد من الآيات التي تحثّ على الدعاء والإيمان بالله واليقين به، نورد أهمّ النقاط فيما يأتي:

  • الرغبة إلى الله -تعالى-، وعدم اليأس من رحمته، والالتجاء إليه بالدعاء؛ فهو القادر على كلِّ شيءٍ، والأمل بالله -تعالى
    وبرحمته من أكبر الأسباب التي تدفع المسلم للسعي والدُعاء على الرغم من قِلَّة الأسباب
    وهذا يؤخذ من قصة مريم -عليها السلام- مع زكريا -عليه السلام-، فقد رزقها الله -تعالى
    وأعطاها من فضله من غير حاجةٍ إلى أحدٍ من البشر، وهنا طَمِعَ زكريا -عليه السلام- برحمة الله -تعالى
    حتى يرزقه الولد؛ على الرغم من كِبَر سِنِّه وكون زوجته لا تنجب، قال -تعالى-:
    (قالَ رَبِّ إِنّي وَهَنَ العَظمُ مِنّي وَاشتَعَلَ الرَّأسُ شَيبًا وَلَم أَكُن بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا* وَإِنّي خِفتُ المَوالِيَ مِن وَرائي وَكانَتِ امرَأَتي عاقِرًا فَهَب لي مِن لَدُنكَ وَلِيًّا)
     وذلك بعد أن رأى عندها فاكهة الصيف في الشتاء، وفاكهة الشتاء في فصل الصيف
    فدعا زكريا -عليه السلام- ربَّه بيقينٍ بالرّغم من انقطاع الأسباب.
  • تعزيز الإيمان بالله -تعالى- وبقدرته، حيث استجاب الله -تعالى- لزكريا -عليه السلام- دعاءه
    قال -تعالى- واصفاً ذلك على لسان زكريا: (قالَ رَبِّ أَنّى يَكون لي غلام وَكانَتِ امرَأَتي عاقِرًا وَقَد بَلَغت مِنَ الكِبَرِ عِتِيًّا* قالَ كَذلِكَ قالَ رَبكَ هوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَد خَلَقتكَ مِن قَبل وَلَم تَك شَيئًا)
    وقد ورد عن ابن عباس -رضي الله عنه- أنَّ زكريا -عليه السلام- كان يبلغ من العمر مئةً وعشرين سنة
    وأمّا امرأته فكانت تبلُغ ثمانيةً وتسعين سنة، ومثلها في العادة لا تلد، فبيّن الله -تعالى- له أنَّ هذه من الأمور هيّنة وسهلة عليه
    وذكر بعض المفسرين أنَّه عندما تحقَّق لزكريا -عليه السلام- البشارة بالولد، تعجّب من ذلك فرحاً لا من باب الاستبعاد
    فبيّن الله -تعالى- له أنَّه قادر على كلِّ شيءٍ، ولا يعجزه شيء
    كما ذكر الله -تعالى- في سورة مريم عظيم قدرته بِأَن رَزَق مريم -عليها السلام- ولد من غير أن يكون لها زوج.

 

 

الحثّ على الصلاح بيان أثره العظيم في حياة المسلم

جاء في سورة مريم العديد من الآيات التي تحثّ على الصلاح والتقوى والرّفق واللين في الدعوة وبر الوالدين
ولذلك أثر عظيم في حياة المسلم، نورد أهمّ النقاط فيما يأتي:

  • حثّ الإنسان على البِرَّ بوالديه حتى وإن كانا غير مسلمين، فقد كان إبراهيم -عليه السلام
    يتلطّف بالنداء مع أبيه بالرغم من كوْنه مشركاً، قال -تعالى-: (يا أَبَتِ لا تَعبدِ الشَّيطانَ إِنَّ الشَّيطانَ كانَ لِلرَّحمـنِ عَصِيًّا)
    كما أنَّه لم يصفه بالجهل ولم يدَّعي لنفسه العلم المفرط، بل راعى في نصحه اللين والرفق
    وطلب منه تنبيهه على أخطائه مع تبيين السبب له
    وكان إبراهيم -عليه السلام- ينادي أبيه بقوله: “يا أبتِ”، وهذا من الأدب في خطابه له
    وتكرّرت هذه الكلمة في ندائه أربع مرات.
  • الترغيب بأهمِّية الصلاح وعظيم أجره في الآخرة، فقد ذكر الله -تعالى- في هذه السورة أنَّ العبد الطائع لربِّه
    الموفي لعهده، الواصل لأمر الله، يكون له عهد عند الله بالشفاعة، ويكفي بالصلاح مجرَّد الإيمان
    فيجمع الله -تعالى- المؤمنين المتقين؛ وهم الذي يخافون سوء الحساب، ويبتعدون عن المعاصي، ويؤدّوا العبادات
    فيجمعهم الله -تعالى- يوم القيامة رُكباناً على الإبل حتى الجنة، ويذهب بمن عصاه إلى النار، لِقولهِ تعالى:
    (يَومَ نَحشُرُ المُتَّقينَ إِلَى الرَّحمـنِ وَفدًا* وَنَسوقُ المُجرِمينَ إِلى جَهَنَّمَ وِردًا)
    وبيّنت السورة أنَّ المتقين الذين يُؤدون الفرائض ويبتعدون عن المعاصي ينجيهم الله -تعالى
    بعد ورودهم على النار فلا يدخلوها، لِقوله: (وَإِن مِنكُم إِلّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتمًا مَقضِيًّا* ثُمَّ نُنَجِّي الَّذينَ اتَّقَوا وَنَذَرُ الظّالِمينَ فيها جِثِيًّا)
    ثمّ يبقي فيها الظالمين جاثمين على ركبهم.

 

 

تحذير الناس من عذاب الله وبيان مصير بعض الأمم السابقة

جاءت بعض الآيات في سورة مريم تحذّر الناس من عذاب الله، وظهر ذلك من خلال الردِّ على اليهود فيما ادّعوه على مريم وابنها
وذكَّرت بحال المكذبين من الأمم السابقة، وأنَّ عبادتهم لغير الله -تعالى- لن تنفعهم يوم القيامة
وفيها وعد من الله -تعالى- لرُسله بالنصر على أعدائهم
وفيها بيانٌ لنجاة المُتّقين، وإبقاء الكافرين في النار بسبب كفرهم
كما أنَّها ذكرت الدلائل على حقيقة البعث وصحّته، وأجابت على شبه المنكرين له، وأنَّ الله -تعالى
سيأخذ من الكافر كلّ ما أعطاه إياه في الدنيا، ويأتي يوم القيامة وحده من غير مالٍ أو ولد، ثمّ بيّنت السورة تخلِّى الأصنام عن أصحابها، وتبرئِها منهم

السابق
اسماء سورة التوبة واسباب عدم البسملة فيها
التالي
من هم أبناء آدم وحواء؟

اترك تعليقاً