تفسير سورة الممتحنة

تفسير سورة الممتحنة

تفسير سورة الممتحنة … كل سورة من سور القرآن تحمل قصة مختلفة، لكي نتعلم منها
سورة الممتحنة، الممتحنة هي أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ، فعلى الرغم من ضلاله إلا أن الله قد أخرج من صلبه ابنته أم كلثوم الموحدة بالله ومؤمنة به.

كانت فتاه ذكية للغاية، وكانت تحب العلم والدراسة، في وقتا لم يكن للمرأة أي أهمية في العلم. فكانت أم كلثوم محبة بفطرتها لدين الله، وتعمدت أم كلثوم أن تكتم إيمانها عن أبوها وأخوتها عمارة والوليد، خوفا من إيذائهم لها

عندما أتى موعد الهجرة كان الرسول صلى الله عليه وسلم يهاجر إلى مكة، وفي نفس الوقت كانت ام كلثوم تريد أن تهاجر مع النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن الذي كان يخيفها هو ظلم وقسوة ابوها واخواتها، اذا علموا وفي نفس الوقت يتصادف معه موعد غزوة بدر ويبطل ويقتل أبوها ويموت على كفر .

وعندما اصبحت ام كلثوم تقارب من سن الزواج، تقدم لخطبتها أفضل شبان مكة، ولكن ام كلثوم كانت تصر على الرفض لأن حلمها هي أن تثبت على دين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأن تهاجر إليه.

فعندما بدا صلح الحديبية، كان من شروط ذلك الصلح هو أن لو أحد ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة حتى يسلم أو حتى يعتنق الاسلام فالنبي صلى الله عليه وسلم يرد الشخص ويرجعه إلى مكة مرة أخرى.

وتسمع أم كلثوم بتلك الشروط، فتعلم أنها من المستحيل أن  تهاجر للنبي صلى الله عليه وسلم، حتى إذا هاجرت فسوف يرجعها مرة أخرى إلى مكة.

وفي النهاية قررت أم كلثوم أن تهاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، حتى إذا أرجعها مره أخرى إلى مكة، وكانت في ذلك الوقت شابة يقارب عمرها 16 عاما،  فهاجرت بمفردها إلى المدينة المنورة، وفي الليل والطرقات كانت صعبة للغاية ما بين مكة والمدينة،

ومن الممكن أن النبي صلى الله عليه وسلم يرجعها مرة أخرى إلى مكة، وتصبح في علم الجميع أنها أصبحت مسلمة، وسوف ينالها الأذى من أخواتها، ولكن تشاء الاقدار وتهاجر أم كلثوم إلى المدينة، وتذهب للنبي صلى الله عليه وسلم، وعندما عرف بحالها الرسول كان في حيرة شديدة من أمره، وكان الصحابة يقولون له كيف لنا أن نرجعها مره أخرى إلى مكة وهي على دينك يا رسول الله

فظل النبي صامتا ينتظر امرا من الوحي في ذلك الوقت، وتشاء الاقدار وينزل الفرج من السماء من خلال سيدنا جبريل من فوق سبع سماوات في أمر أم كلثوم، وتنزل آيات سورة الممتحنة ألا وهي :-

“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ”

ومن خلال ذلك يقرر الرسول صلى الله عليه وسلم أن تظل ام كلثوم في المدينة، وتتزوج من اشراف المدينة في ذلك الوقت.

من هو أشقى القوم

كان أشقى القوم هو ” عقبة بن أبي معيط”، وكان من كفار قريش، المتربصين لعداء وقتل الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث أن كراهيته للرسول قد نتج عنها بعضا من الأفعال المشينة للرسول،

فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: “بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بفناء الكعبة، إذ أقبل عقبة بن أبي معيط فأخذ بمنكب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولوى ثوبه في عنقه فخنقه به خنقًا شديدًا، فأقبل أبو بكرٍ فأخذَ بمنكبِه ودفعَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: ﴿أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [غافر: 28]” رواه البخاري.

وفي موقف آخر قام عقبة بإحضار سلا الجزور، وهي مشيمة الناقة، وقام بوضعها على ظهره وهو يصلي. فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: “بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم ساجد وحوله ناس من قريش إذ جاء عقبة بن أبي معيط بسلا جزور، فقذفه على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يرفع رأسه، فجاءت فاطمة فأخذته عن ظهره، ودعت على مَن صنع ذلك.

فقال: «اللهُمَّ، عَلَيْكَ الْمَلَأَ مِنْ قُرَيْشٍ: أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ، وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَعُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ، وَشَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ …» قال: “فلقد رأيتهم قتلوا يوم بدر …” رواه مسلم، .

وقد نزلَ في شأنِ عقبةَ بنِ أبي مُعَيْطٍ قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً﴾ [الفرقان: 27 ، 28]، وعاقبه الله بأنه قد قتل في  يوم بدر على الكفر.

سبب تسمية سورة الممتحنة بهذا الاسم

وقد جاء في عدد من التفسيرات سبب التسمية بالممتحنة، وهي أن فيها آية امتحان إيمان النساء اللاتي قد دخلن في الاسلام، وجاءوا إلى الرسول طلبا لدخول الاسلام، ولكن قبل دخلوهن يقوم الصحابة بأمتحانهن عن ما هو سبب قدومهن، من مكة إلى المدينة، ويكمن ما يستفاد من سورة الممتحنة هو سبب تسميتها بهذا الاسم.

السابق
أحاديث نبوية عن صلاة الجماعة
التالي
تفسير سورة قريش

اترك تعليقاً