تفسير سورة الاحقاف

تفسير سورة الاحقاف

تفسير سورة الاحقاف … هذه السورة من السور المكية وتقع في الجزء السادس والعشرون، عدد آياتها خمس وثلاثون آية، تقع في الحزب الواحد والخمسين

تبدأ الآيات في سورة الأحقاف بالحديث عن القرآن الكريم وأنَّه من عند الله تعالى، وتشيرُ إلى الكون الفسيح مؤكدةً أنَّ الله حلقه بتدبير وإحكام، قال تعالى: “حم * تنزِيلُ الكتَابِ منَ اللَّه العزِيزِ الحكِيمِ * ما خلَقنَا السَّماوَاتِ والأَرْضَ ومَا بينَهُمَا إلَّا بالحقِّ وأجَلٍ مسمًّى والَّذينَ كفَروا عمَّا أنذِرُوا معرِضُونَ” ، وتستنكرُ الشركَ الذي وقعَ فيه المشركون دون علمٍ ولا برهانٍ، وتشيرُ أيضًا إلى بطلانِ عقيدةِ أولئك الكافرين وإنكار الحقِّ متمسِّكين بالباطل، وتشيرُ الآياتُ أيضًا إلى كتابِ موسَى -عليه السلام- الذي نزلَ قبلَ القرآن، فجاء القرآنُ مصدِّقًا لِمَا نُزِّل على موسى، قال تعالى: “ومِنْ قَبلِهِ كتَابُ موسَى إمامًا وَرحمَةً وهذَا كتَابٌ مصَدِّقٌ لسَانًا عربِيًّا ليُنذِرَ الَّذينَ ظلمُوا وبُشرَى للمُحسِنِينَ”.

وتتحدَّث الآيات بعد ذلك عن العقيدة وما يتعلق بها، من إحسانٍ إلى الأبوين، وتبيِّنُ أنَّ هناك نوعين من الأبناء، فمنهم المؤمنون الصادقون الذين سيتقبّل الله أعمالهم ويجزيهم جنات النعيم، وأمَّا النوع الثاني فهم الظالمون لأنفسهم الذين ينكرون فضل آبائهم وجزاؤهم العذاب والهلاك. ثمَّ تستعرضُ الآياتُ حالَ الكافرينَ يومَ القيامة مبيٍّنةً لهم غفلتهم واستكبارهم الذي كانوا فيه، قال تعالى: “ويَوْمَ يعرَضُ الَّذينَ كفَرُوا علَى النَّار أذهَبْتُمْ طيِّباتِكُمْ في حيَاتكُمُ الدُّنيَا واستَمتَعْتُمْ بهَا فاليَوْمَ تجزَوْنَ عذَابَ الهونِ بمَا كنتُمْ تستَكْبِرُونَ في الأَرْض بغَيرِ الحقِّ وبِمَا كنتُمْ تفسُقُونَ” .

وتذكرُ قصة عادٍ قوم هود -عليه السلام- وتبيِّنُ كيف كذّبوا بدعوته وسخروا بما جاءهم به فأتتهم الريح العقيم الباردة التي أهلكتهُم، قال تعالى: “واذْكُرْ أخَا عادٍ إذْ أنذَرَ قومَهُ بالأَحقافِ وقَد خلَتِ النُّذر منْ بينِ يديْهِ ومنْ خلفِهِ ألَّا تعبُدُوا إلَّا اللَّهَ إنِّي أخافُ علَيكُمْ عذابَ يومٍ عَظِيمٍ * قالُوا أجئتَنَا لتَأفِكَنَا عنْ آلهتِنَا فأتِنَا بمَا تعِدنَا إنْ كنْتَ منَ الصَّادقينَ” ، ومثلُ ذلك كانت نهاية ما حولَ النَّاسِ في مكة من القرى عندما كذَّبوا برسل الله، قال تعالى: “وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ” .

فضل سورة الأحقاف

سورة الأحقاف كالكثير من السور في القرآن الكريم لم ترِدْ في فضلها أحاديثُ خاصَّة بالسورةِ وحدها بل إنَّ كلَّ ما رودَ عبارة عن أحاديث ضعيفة أو موضوعةٍ لا أصلَ لها، كالحديث الذي رواه أبي بن كعب أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “مَنْ قرأَ الأَحقَاف أُعطِي مِن الأَجرِ بعددِ كلِّ رجُل في الدّنيا عشرَ حسَناتٍ، ومُحِيَ عنهُ عَشرُ سَيئات” ، ولكنَّ فضل سورة الأحقاف كفضلِ بقيَّة سورِ القرآن الكريم، ففي قراءتِها كما في قراءةِ القرآن الكريم كلِّه للمسلمِ في قراءتِه أجرٌ كبير وفضل عظيم لا يعلمه إلا الله.

كما ورد في الحديث الشريفِ الذي رواهُ عبد الله بن مسعود أنَّ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قالَ: “من قرَأ حَرفًا من كِتابِ اللهِ فلَه به حسَنةٌ، والحَسنةُ بعشْرِ أمثالِها، لا أقولُ {ألم} حرفٌ، ولكن ألفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ” ، وفضل سورة المؤمنين أيضًا في العملِ بما جاءت به من أحكام وأوامر كتبها الله تعالى على عباده المسلمين في كتابِه الكريم، وأخذ العبرةِ والعظةِ من آياتها الكريمة .

قوم عاد في التاريخ

يعدُّ قومُ عاد من العرب العاربة، وكانوا من أقوى الأمم في زمانهم لكنَّهم طغوا وتجبَّروا، ينتسبُ قوم عاد إلى عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح -عليه السلام- ويقال أنَّه أوَّل من عبدَ الأصنام بعد نوح -عليه السلام-، وقال تعالى فيهم على لسان النبيِّ هود: “واذكُروا إذْ جعَلَكم خلفَاءَ مِنْ بَعدِ قَومِ نوحٍ وزادَكُم في الخَلقِ بسطَة” ، وسمِّيت مدينتهم بإرم على اسم جدِّهم إرم بن عوص على حسب أحد الأقوال في إرم، ويقال أيضًا: إنَّ إرم إحدى قبائل قومِ عاد، وقد أهلكهم الله تعالى بريحٍ باردةٍ، قال تعالى: “فأمَّا عادٌ فاستَكبَرُوا في الأَرضِ بغَيرِ الحقِّ وقالُوا منْ أشدُّ منَّا قوَّةً أولَم يرَوْا أنَّ اللَّه الذِي خلقَهُم هوَ أشَدُّ منهُمْ قوةً وكانُوا بآياتِنَا يجحَدُونَ * فأَرسَلْنَا علَيهِمْ ريحًا صرصَرًا في أيامٍ نحسَاتٍ لنذيقَهُمْ عذَابَ الخِزيِ في الحيَاةِ الدُّنيَا ولعَذَابُ الآخرَةِ أخزَى وهُمْ لا ينصَرُونَ “

السابق
ماهي علامات الوقف في القرآن الكريم
التالي
تفسير رؤية الغرق في الحلم بالتفصيل

اترك تعليقاً