تفسير الآية: والصبح إذا تنفس

تفسير الآية: والصبح إذا تنفس

تفسير الآية: والصبح إذا تنفس

تفسير الآية: والصبح إذا تنفس … انزل الله عز وجل القرآن على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وهذه الآيات القرآنية يتعلم منها الانسان المسلم احكام الدين الاسلامي

 

يوجد العديد من المُفسِّرين الذين قاموا بتفسير الآية الكريمة: (وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ)
وتَبيين المعنى المُراد منها، وواحدٌ من هذه المعاني أنَّ الآية الكريمة يُقصد بها امتداد ضوء الصَّباح
وانتشاره بطُلوع الفجر وما يُصاحبه من الهَواء العليل والنَّسيم اللَّطيف، والذي يكون كالنَّفَس للصَّباح، فأشبه هذا عمليَّة التَّنفّس مَجازاً.
كما تعني الآيةُ أيضاً أنَّ الصَّباح امتدَّ حتى أصبح نهاراً واضحاً جليَّاً.

ويُعدُّ الصُّبح أحد الأمور التي أقسم الله -سبحانه وتعالى- بها، ويُعرف ذلك من خلال وجود واو القسم قبله،[٥] والقَسم بالتَّحديد جاء بالصَّباح إذا أضاء وانتشر نوره في الأرجاء، لِينقلب اللَّيل بعدها إلى نهارٍ واضح، أمَّا بالنِّسبة للمُقسَم عليه فقوله -تعالى-: (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ)
أي إنَّ القرآن الكريم هو كلام الله -سبحانه وتعالى- والذي أُنزل على الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- بواسطة الملك جِبريل.

إنَّ من المعاني المرادة بالآية الكريمة: (وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ)
أي الصَّباح إذا أسفر. كما تشمل الآية معانٍ أخرى عديدة، منها إقبال الصَّباح مع زوال عتمة اللَّيل وكُربته
فكأنَّ خُروج الصَّباح من بعد اللَّيل كان كمثل مَن نُفِّسَت عنه كُربةً من الكُربات وخرج منها سالماً، فكذلك الأمر بالصَّباح الذي خرج من جَوف اللَّيل وزال عنه الظلام.

 

دلالة قسم الله تعالى بآية (الصبح إذا تنفس)

أقسم الله -سبحانه وتعالى- بأمورٍ عديدة في القرآن الكريم، ومنها الصُّبح، حيث ورد القَسم بالصُّبح مرَّتين في القرآن الكريم، المرَّة الأولى في قوله -تعالى-: (وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ)
والمرَّة الثانية في قوله -تعالى-: (وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ)
ويلاحظ من الآيتين الكريمتين أنَّ قسم الله -تعالى- بالصّبح جاء مقيَّداً، ففي المرَّة الأولى قيِّد بحال إسفار الصَّباح
وقيِّد بالمرَّة الثانية في تنفس الصَّباح، وللكلمتين “تنفس” و”إسفار” معانٍ مشتركة تدل على الجَلاء والوضوح والانكشاف
لذلك سمِّي السَّفر سفراً لما يَكشفه من أخلاق النَّاس ومَعادنهم، كما أنَّ كلمة “تَنفس” تدل في الحقيقة على خروج النَّفس من جسد الكائن الحيّ، ولكنَّه استعمل هنا مجازاً ليدُلَّ على خروج الضُّوء من عتمة اللِّيل.

وقيل أيضاً إنَّ الشَّبه بين لفظ “تنفّس” الوارد في الآية الكريمة وبين التَّنفّس لما يرافق الصبح من هواءٍ عليلٍ ونسيمٍ لطيف
فأشبه هذا النَّسيم الأنفاس، وأشبه الصَّباح الكائن الذي يتنفَّس هذه الأنفاس.
والحكمة من إيراد هذا القسم هو تشبيه خروج الضِّياء من العتمة كخروج الأموات من قبورهم ونشورهم بعد الموت.
ولم يقتصر قَسم الله -سبحانه وتعالى- في القرآن الكريم على الصبح
بل يحق لله -سبحانه وتعالى- أن يقسم بما شاء من مخلوقاته، وبالفعل أقسم الله تعالى بالعديد من الأمور
وكل هذه الأمور التي أقسم الله -تعالى- بها تشترك بأنهَّا دالَّة على قدرته، ووحدانيَّته، وحكمته
ويقيم بها الله -تعالى- الحجَّة على من أنكر وجوده أو وحدانيَّته.

والقَسم بالصبح أيضاً فيه إيذان بقدومِ يومٍ جديد مع ما يحَمله من فرصٍ جديدةٍ
وآمالٍ عديدة، وفي هذا إحياء للأمل في النفوس.
وتجدر الإشارة إلى أنَّ القَسم الوارد في الآية الكريمة: (وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ)
يتكوَّن من أجزاءٍ عِدَّة، أوَّلها حرف الواو: وهو حرف القَسم، وكلمة الصبح:
مقسم به مَجرور بواو القَسم، وإذا: ظَرفٌ لما يستقبل من الزَّمان جرَّد عن معنى الشَّرط، وكلمة تنفس: فعل ماضٍ، والفاعل ضمير عائد على “والصبح”
والجملة في محل الجرِّ بإضافة “إذا” لها، والظَّرف متعلِّق بفعل القَسم المحذوف؛ أي أنَّ الله -سبحانه وتعالى
أقسم بالصبح وقت تنفسه.

 

البيان والبلاغة في آية (والصبح إذا تنفس)

احتوت الآية الكريمة: (وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ)
على العديد من جوانب البَيان والبلاغة، نورد أبرز ما جاء فيها من صور البلاغة والبيان على النَّحو اللآتي:

  • التَّشبيه البلاغي، حيث ورد ذلك في تشبيه انتشار ضوء الصَّباح بعملية التَّنفس التي تحدث في الكائنات الحيَّة.
  • تشبيه الهواء اللَّطيف والنَّسيم العَليل الذي يرافق أوّل طلوع الصبح بالأنفاس التي ترافق الكائنات الحيَّة.
  • تشبيه زوال عَتمة اللَّيل، وخروج الضِّياء من الظَّلام، بالكربة التي تَلحق بالإنسان فيخرج منها سالماً معافى.
  • الاستعمال المجازي لكملة “تنفس” بدلاً من معناها الحَقيقي.
  • الاستعارة التَّصريحيَّة، حيث تمَّ تشبيه طلوع الصَّباح وانتشار ضيائه بالهواء اللَّطيف الذي ينعش القلب، وتمَّت استعارة لفظ “التَّنفس” للدَّلالة على مجيء النَّهار بعد عتمة اللَّيل.

ومن الاستعمالات التي تَجوز أيضاً في كلمة “تنفس” النشقاق والانصداع
مثل: تنفَّس الإناء؛ أي نشقَّ وانصدع، فيكون المقصود هنا انشقاق الصَّباح وتَصدعه
ليكون استعمال كلمة “تنفس” في هذه الحالة على وجه الحقيقة لا المَجاز.

السابق
كيف يؤمن المسلم بالرسل
التالي
فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة

اترك تعليقاً