الهجرة الأولى لأصحاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم

الهجرة الأولى لأصحاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم

 

الهجرة الأولى لأصحاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم

بعد أن اشتدّ أذى مشركي قريش على المسلمين في مكة أشار عليهم النبي -عليه السلام- بالهجرة فراراً بدين الله -تعالى- وحماية لأنفسهم من بطش المشركين، وكانت هذه الهجرة أول هجرة من مكة في السنة الخامسة من البعثة، ويسأل الكثير من المسلمين عن تفاصيل هذه الهجرة، ومن أهم الأسئلة التي يجب الإجابة عنها: هاجر أصحاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم الهجرة الأولى الى أي مكان وما مراحلها وفضائلها.

 

هاجر أصحاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم الهجرة الأولى الى

 

لقد هاجر أصحاب النبي محمد صلى الله علية وسلم الهجرة الأولى إلى الحبشة، وهناك العديد من الأسباب التي دعت النبي إلى اختيار الهجرة إلى الحبشة  مثل فراغها من القبائل العربيّة؛ فعدم وجود القبائل فيها يُغلق الباب أمام قريش للتحالف معها، وتكوين قوة ضدّ المسلمين.

كان النجاشي ملك الحبشة معروفاً بعَدله؛ نتيجة عِلمه بالتوراة، والإنجيل، وقد عَرف أهل مكة عنه ذلك؛ بسبب حركة التجارة المُتبادلة فيما بينهم، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه عندما أشار عليهم بالهجرة للحبشة: (إنَّ بأرضِ الحَبَشةِ ملِكًا لا يُظلَمُ أحدٌ عندَه؛ فالحَقوا ببِلادِه حتى يَجعَلَ اللهُ لكم فَرَجًا ومَخرجًا. فخرَجْنا إليه أرسالًا، حتى اجتَمَعْنا، فنزَلْنا بخيرِ دارٍ إلى خيرِ جارٍ، أمِنَّا على دِينِنا). [1]

إلى جانب ما سبق، فهي أرض يعمُّها الأمان، والراحة، والطمأنينة ومع أنّ الحبشة بعيدة عن مكّة -وقد يُعدّ هذا عيباً- إلّا أنّه كان لصالح المسلمين؛ نظراً لكونه بعيداً عن قريش وامتداد نفوذها، كما أنّها بلد مُستقِلّة سياسيّاً ولا تخضع لأحد، ولها اسمها، وقوّتها، وتجارتها، واقتصادها الخاص والعظيم بين القبائل، إضافة إلى أنّ تبادُل الهدايا والمراسلات فيما بينهم كان ممّا ساعد على تأمين الحماية، وتوفيرها لهم، ولاستقرارهم هناك

مراحل الهجرة إلى الحبشة

 

 

بلغ عدد المهاجرين في الهجرة الأولى إلى الحبشة عشرة رجال وأربع نسوة، وكان منهم: عثمان بن عفان ومعه زوجته رقيّة بنت رسول الله عليه السلام، وأبو سلمة وزوجه أم سلمة، وعبد الرحمن بن عوف، وعثمان بن مظعون -رضي الله عنهم-، وغيرهم، حيث خرجوا خفية حتى وصلوا البحر؛ فركبوا السفينة باتجاه الحبشة، وعندما علمت قريش بخبرهم تبعتهم، لكنهم كانوا قد ساروا برعاية الله، ووصلوا الحبشة وأقاموا فيها آمنين بقية رجب وشعبان ورمضان.

وصلت للمسلمين في الحبشة أخبار أنّ أهل مكة قد أعلنوا إسلامهم؛ فطفقوا عائدين، وعند مشارف مكة تبيّن لهم أنّ الأمر ليس كذلك، وأنّ أذى المشركين يزداد على الدعوة ومن آمن بها؛ فاختار بعضم الدخول إلى مكة تسلّلاً، ودخل بعضهم بجوار أحد، واختار بقيّتهم العودة إلى الحبشة.

الهجرة الثانية إلى الحبشة

رجّح بعض المحققين المعاصرين أنّ أحداث الهجرة الثانية إلى الحبشة كانت في أواخر العام العاشر وبداية العام الحادي عشر من البعثة، وقد كانت قريش قد ضاعفت أذاها على المسلمين الممتحنين في دينهم وأنفسهم؛ فأمرهم النبيّ صلى الله عليه وسلم مجدّداً بالخروج إلى الحبشة؛ فخرج نحو بضعاً وثمانين رجلاً وثماني عشر امرأة، وكان من الرجال جعفر بن أبي طالب وزوجته أسماء بن عميس، وبعد خروجهم لم يبقَ مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا عدد قليل ممّن أسلموا معه في مكة.

كان جعفر -رضي الله عنه- أميرهم في هذه الهجرة، أمّا المهاجرون فكانوا بمجموعهم يشكّلون تنوّعاً لكل طبقات المجتمع المكي؛ ففيهم الغني والفقير، والرجال والنساء، والكهل والشباب؛ ممّا يعطي انطباعاً بقوة تأثير الدعوة على النّاس رغم كل ما واجهها من تحديات.

 

فضائل الهجرة إلى الحبشة

 

كانت الهجرة إلى الحبشة بمثابة حركة فتحت الآفاق للمستقبل أمام الدعوة الإسلامية، وخروجها من نطاق المدينة المنورة؛ فالداعية الذكيّ لا يحدّ دعوته زمان ولا مكان، وإن لم يستجب له المَدعُوّون، فإنّه يُغيِّر مكان دعوته، ولا يتوقّف عنها، كما ساعدت الهجرة المسلمين في الثبات على دينهم، ليس ذلك وحسب، بل ساعدتهم أيضاً على نشر الإسلام في مكان غير مكّة المُكرَّمة.

وللصحابة الذين هاجروا إلى الحبشة منزلة عظيمة عند الله -تعالى-، ويتّضح ذلك من خلال حوار أسماء بنت عميس؛ وهي من المهاجرات إلى الحبشة، وبين عمر بن الخطّاب حين كانت زائرة عند حفصة بنت عمر، فدخل عمر عليهما، ولمّا عرف أنّها أسماء، قال لها إنّهم أحقّ برسول الله من الذين هاجروا إلى الحبشة، فغضبت وقالت:

(كذَبْتَ يا عُمَرُ كَلَّا، وَاللَّهِ كُنْتُمْ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُطْعِمُ جَائِعَكُمْ، وَيَعِظُ جَاهِلَكُمْ، وَكُنَّا في دَارِ، أَوْ في أَرْضِ البُعَدَاءِ البُغَضَاءِ في الحَبَشَةِ، وَذلكَ في اللهِ وفي رَسولِهِ)، وأخبرت رسول الله بما دار بينهما من الحديث، فقال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ليسَ بأَحَقَّ بي مِنكُمْ، وَلَهُ وَلأَصْحَابِهِ هِجْرَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَكُمْ أَنْتُمْ، أَهْلَ السَّفِينَةِ، هِجْرَتَانِ) [2] فزاد الفرح في قلوبهم.

السابق
من صفات الخليفة عمر بن الخطاب
التالي
دعاء التحصين من كورونا دعاء رفع البلاء

اترك تعليقاً