الأشهر الحرم وعددها وأسماءها

الأشهر الحرم وعددها وأسماءها

الأشهر الحرم وعددها وأسماءها

الأشهر الحرم وعددها وأسماءها … ان لهذه الاشهر مكانة عظيمة، وذلك لأنها من أكثر الشهور التي يقبل فيها الله عز وجل الأعمال الصالحة ويضاعف الحسنات فيها، كما أن الله سبحانه وتعالى حرم فيها فعل المعاصي، ولابد من الحرص فيها على الإكثار من أعمال الخير وتجنب المعاصي.

 

 

في التراث العربي قبل الإسلام وفي الدين الإسلامي فإن أربع أشهر من التقويم العربي وهي ذو القعدة، وذو الحجة، والمُحرَّم، ورجب تسمى “الأشهر الحرم”، وهذه الأشهر الحُرُم يوضع فيها القتال –إلا ردًّا للعدوان– وتُضاعف فيه الحسنةُ كما تُضاعف السيئةُ. وذهب الشافعي وكثير من العلماء إلى تغليظِ دِيةِ القتيلِ في الأشهر الحُرُم. وكان الهدف من هذا التقليد عندهم هو تمكين الحجاج والتجار والراغبين في الشراء من الوصول آمنين إلى أماكن العبادة والأسواق والعودة بسلام.

الأشهر الحرم قبل الإسلام
كانت الأشهر الحرم معظمة في شريعة إبراهيم،
واستمر ذلك باقيًا، فكان العرب قبل الإسلام يعظمونها ويحرمون القتال فيها، حتى بدأ العرب باستخدام النسيء في تقويمهم، مما أدى إلى تأجيل الأشهر الحرام في بعض السنوات أو تعجيلها. وقد ذُكر هذا التقويم في القرآن بصيغة الاستنكار والتحريم: ﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ [9:37].
التزم العرب في الجزيرة بعدم القتال في الأشهر الحرم وشذت عن ذلك قبائل بنو خثعم وبنو طي إذ كانوا يستحلون في تلك الشهور الحروب.

الأشهر الحرم في الإسلام
حفظ الإسلام لهذه الأشهر حرمتها ونهي المسلمون عن انتهاكها.

في السنة النبوية
بيَّنَها النبي محمد في الحديث «إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم؛ ثلاث متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مُضَر الذي بين جمادى وشعبان».

في القرآن
ذكرت الأشهر الحرم في القرآن:﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾ [9:36].
وجاء في كتب التفسير عند الآية “فَلاَ تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أنْفُسَكُمْ” قال قتادة: إن الظلم في الأشهر الحُرُم أعظم خطيئةٍ ووِزْرًا من الظلم فيما سواها وإن كان الظلم على كل حال عظيماً، ولكن الله يعظم من أمره ما يشاء. وقال: “إن الله اصطفى صفايا من خلقه، اصطفى من الملائكة رُسلا ومن الناس رُسلا، واصطفى من الكلام ذكره، واصطفى من الأرض المساجدَ، واصطفى من الشهور رمضانَ والأشهرَ الحرمَ، واصطفى من الأيام يومَ الجمعةِ، واصطفى من الليالي ليلةَ القدرِ فعَظِّموا ما عظَّم الله.

سبب تسمية الأشهر الحرم
سميت الأشهر الحرم بهذا الاسم بسبب تحريم القتال فيها، إلا ما كان فيه رد عدوان على النفس، وتكمن الحكمة من تحريم القتال حفظ أرواح الحجاج، والتجار، والتأمين على حياتهم، بحيث يكون في إمكانهم التنقل، والحج، والذهاب إلى الأسواق، والتجول في كل مكان بدون خوف أو توجس وبأمان واطمئنان، والعودة من حيث جاؤوا باطمئنان وسلام أيضا، وقد أكد جمهور العلماء على تغليظ دية القتيل في هذه الأشهر الأربعة على وجه الخصوص، ويجدر بالذكر أن هذه الأشهر الأربعة كانت على زمن سيدنا إبراهيم عليه السلام، واستمر تحريمها ساريا إلى الآن.

معاني أسماء الأشهر الحرم
لأسماء الشهور الحرم معان معينة وترتبط بالتحريم وبالاشتقاق الكلامي، كالتالي:
-ذو الحجة: وهو الشهر الثاني عشر من العام الهجري، وسمي بهذا الاسم لأن العرب كانوا يحجون فيه إلى البيت الحرام.

-ذو القعدة: هو الشهر ما قبل الأخير من الأشهر الهجرية، وسمي بهذا الاسم لأن العرب كانت تقعد فتمتنع عن القتال فيه.
محرم: هو الشهر الأول من أشهر التقويم الهجري، وسمي هذا بهذا الاسم؛ لأن العرب جعلوا من القتال في هذا الشهر محرما وذلك قبل الإسلام.
-رجب: وهو الشهر السابع في السنة الهجرية، وسمي هذا الشهر بهذا الاسم؛ لأن العرب كانوا يمتنعون عن قتال بعضهم فيه، وقد اشتق من رجب بمعنى الشيء المهاب والعظيم.
مميزات الأشهر الحرم
للأشهر الحرم الأربعة خصائص معينة ميزتها عن غيرها من شهور السنة، ونذكر منها ما يلي:
تتفرد هذه الأشهر بوجود العبادات المختلفة مثل الحج، والليالي العشر، ويوم عرفة في شهر ذي الحجة.
تحريم الظلم فيها.
تحريم القتال فيها.
الحكمة من تحريم الأشهر الحرم
إنّ الأشهر الحرم كانت تعظّم على عهد سيدنا إبراهيم وإسماعيل عليهما السّلام، وقد استمرّ العرب من بعدهم على هذا التّحريم، ثمّ نسخ ذلك فيما بعد. وقال صاحب التفسير المنير:” وكان القتال محرّمًا في هذه الأشهر الأربعة على لسان إبراهيم وإسماعيل عليهما السّلام، واستمرّ العرب على ذلك، ثمّ نسخت حرمتها “.
وأمّا الحكمة من تحريم القتال فيها، فقد أوردها ابن كثير في تفسيره، حيث قال:” وإنّما كانت الأشهر المحرّمة أربعةً: ثلاثة سرد، وواحد فرد، لأجل مناسك الحجّ والعمرة، فحرّم قبل شهر الحجّ شهر وهو ذو القعدة، لأنّهم يقعدون فيه عن القتال، وحرّم شهر ذي الحجّة لأنّهم يوقعون فيه الحجّ، ويشتغلون فيه بأداء المناسك، وحرّم بعده شهر آخر وهو المحرّم، ليرجعوا فيه إلى أقصى بلادهم آمنين، وحرّم رجب في وسط الحول لأجل زيارة البيت والاعتمار به لمن يقدم إليه من أقصى جزيرة العرب، فيزوره ثمّ يعود إلى وطنه آمناً “.
عدد الأشهُر الحُرُم
ورد ذكر الأشهر الحرم في القرآن الكريم والسنّة النبويّة الشّريفة في العديد من المواضع

وقد جاء كذلك ذكر عددها مجمَلاً في كتاب الله عزَّ وجلّ ومفصَّلاً في سنّة رسوله صلّى الله عليه وسلّم؛ حيث جاء ذكر عدد الأشهر الحرم في سورة التّوبة في قوله تعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشهورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حرمٌ)،فيكون عدد الأشهر بنصِّ كتاب الله اثنا عشر شهراً، ومن تلك الأشهر أربعة حرم.
ذكرت السنّة النبويّة تفصيل الأشهر الحرم كما أُشير سابقاً، وذلك فيما رواه البخاريّ في صحيحه عن أبي بكرة نفيع بن الحارث الثقفيّ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: (إنَّ الزّمانَ قد استدارَ كهيئتِه يومَ خلقَ الله السماواتِ والأرضَ، السّنة اثنا عشرَ شهرًا، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات
: ذو القَعدةِ، وذو الحَجةِ، والمحرَم، ورجب مضرَ الذي بين جمادى وشعبانَ). وقد اختلف العلماء في المقصود بالأشهر الحرم، ولهم في ذلك قولان، هما:

ذهب الجمهور إلى أنّ المقصود بالأشهر الحرم هو ما مرَّ ذِكرها في الحديث
وهي: رجب، وذو القعدة، وذو الحجّة، ومحرم، ثلاثةٌ متوالية وواحد منفرد.
ذهب التابعي الجليل الإمام الحسن البصريّ إلى أنّ المقصود بالأشهر الحرم الأربعة الأشهر
التي جعلها الله تعالى للمشركين أن يسيحوا فيها آمنين، وهي آخر عشرين يوماً من ذي الحجّة
والمحرم، وصفر، وشهر ربيع الأوّل، وأول عشرة أيّامٍ من شهر ربيع الآخر.

أسماء الأشهر الحرم وكناها
مرَّ أنَّ الأشهرَ الحرمَ أربعة أشهر، وأنّ منها ثلاثة متوالية وواحد منفرد هو شهر رجب، أمّا سبب انفراد الرّابع فقيل:
إنّ العرب في الجاهليّة كانت تعتقد حرمة الأشهر الحرم وتعظيمها
وكانوا حينها يقتاتون في الغالب ممّا ينتجه الصّيد والإغارة على القبائل فيما بينهم
وكان يشق عليهم إيقاف الصّيد والقتال ثلاثة أشهرٍ متواليةٍ
وربّما وقعت حروبٌ في بعض الأشهر الحرم
فكانوا يكرهون تأخيرَ حروبهم إلى الأشهر الحلال، فأخَّروا تحريم شهرٍ إلى شهرٍ آخر
وممّا ورد في أسماء وكُنى الأشهُر الحُرُم وسبب تسميتها ما يأتي:

رجب المحرَّم
شهر رجب أحد الأشهر الحرم، ويقال عنه أيضاً مضَر، ومن ذلك قول المصطفى صلّى الله عليه وسلّم:
(إنَّ الزمانَ قد استدارَ كهيئتِه يومَ خلقَ اللهُ السماواتِ والأرضَ، السنة اثنا عشرَ شهرًا، منها أربعةٌ حرمٌ
ثلاث متواليات: ذو القَعدةِ، وذو الحَجةِ، والمحرَم، ورجب مضرَ الذي بين جمادى وشعبانَ)
أمّا سبب تعليله بقوله: (شهر مضر الذي بين جمادى وشعبان)؛ فذلك لأنَّ قبيلة ربيعة قبل البعثة
كانوا يحرِّمونَ من الأشهر غير الثّلاثةِ الماضيةِ شهرَ رمضان
ويسمونه رجباً، وكانت قبيلة مُضَر تُحرِّمُ شهر رجب نفسه، ولهذا قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم
تِبياناً لرجب المختلَف فيه: (الذي بين جمادى وشعبان)
ليثبتَ صحّة ما ذهبت إليه مضر، حتّى أصبح يكنّى شهر رجب باسم قبيلتهم نسبةً لهم.

 ذو القعدة المحرَّم
سمِّي ذو القعدة بذلك لأنّ العرب كانوا يقعدون فيه عن القتال والتّرحال، وتلفَظ بالكسر قِعْدَة
وبالفتح ذو القََعْدَة، والجمع: ذوات القعدات، والمثنّى منه: ذوا القَعْدة، وقيل جمْعه: ذوات القَعدة
وقيل: لقعودهم فيه عن رِحالهم وأوطانهم، وهو الشّهر الحادي عشر من السّنة الهجريّة، وهو أحد أشهر الحجّ.

 ذي الحجّة المُحرم
شهر ذي الحجّة هو آخر أشهر السّنة الهجريّة؛ فهو الشهر الثاني عشر في السنة الهجريّة، وقد سمِّي بذلك لوقوع مناسك الحجّ فيه

المحرَّم
شهر المحرَّم أو محرَّم هو أوّل الأشهر في السّنة الهجريّة، فيكون ترتيب الشّهور حسب مكانها في السنة: محرَّم، ثمّ رجب، ثمّ ذو القعدة، ثمّ ذو الحجّة
وحسب ابتداء التّحريم كما مرَّ في الحديث: ذو القعدة، ثمّ ذو الحجّة، ثمّ محرّم، ثمّ رجب
ويقال: إنّ الاسم القديم لشهر المحرَّم هو صَفَر
كما ينسَب لعلماء التأريخ، فقد كان يعرف عند العرب قبل الإسلام بصفر الأوّل، وذلك تمييزاً له عن صفر الذي يليه -الشّهر الثاني من السّنة الهجريّة
ولذلك أطلقوا على هذين الشّهرين (صفر الأوّل الذي هو محرَم، وصفر الثّاني) اسم الصَّفَرَيْن
ثمّ قيل له: المحَرَّم؛ كونه من الأشهر الحرم، وربّما ترجع هذه التّسمية الجديدة -أي المحرَم- لصفر الأوّل إلى ما بعد ظهور الإسلام
وذهب بعض علماء اللّغة إلى أنّ المحرَم كان اسمه (موجب)، فلم يكن شهر المحرَّم يعرَف بذلك
وإنّما جاءت تلك التّسمية من صفته لحرمته وحرمة القتال والصيد فيه
ثمّ غلبت عليه فصارت بمنزلة الاسم العلم عليه.

السابق
ما هو القدر وأحكامه
التالي
شرح دعاء ” اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني

اترك تعليقاً