أهم أحداث غزوة الخندق

أهم أحداث غزوة الخندق

غزوة الخندق هي إحدى غزوات المسلمين التي غيّرت مجرى التاريخ الإسلامي بأكمله،

وقعت هذه الغزوة العظيمة في شهر شوال من السنة الخامسة للهجرة،

أي عام 627م وكانت بين المسلمين الذين كانوا بقيادة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- مع الأحزاب

وهم مجموعة من القبائل العربية التي اتحدتْ للهجوم على المدينة المنورة وغزوها والقضاء على

المسلمين فيها، وكان من بين القبائل قبيلة قريش وغطفان وبنو أسد وسليم،

والتحقَ إلى حلفهم يهود

بني قريظة بعد أن نقضوا عهدهم مع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-

وهذا المقال مخصصٌ للحديث

عن غزوة الخندق شكلٍّ تفصيليّ.

أسباب غزوة الخندق في الفترة التي خرجَ فيها يهود بني النضير إلى

خيبر، كانوا لم يزالوا يكنّون الحقد والبغض على المسلمين، ويتحيّنون الفرص للانتقام منهم شر انتقام،

فما لبثوا أن استقرّوا في خيبر حتّى بدؤوا يخططون للانتقام، فقاموا بمقابلة زعماء القبائل العربية

وحرضوهم على قتال المسلمين، فبعثوا منهم وفدًا إلى قريش ليحرضوهم على غزو المدينة،

ووعدوهم بالقتال والموالاة حلفاءً جنبًا إلى جنب، فوافقت قريش لأنها أرادت أن تُعيد مكانتها أمام

العرب، ووافقتْ قبيلة غطفان أيضًا أن تقاتل معهم، واستجاب لدعوات الوفد عددٌ من القبائل العربية

أيضًا، وبذلك نجح يهود بني النضير بتجميع عدد من القبائل في جيش واحد لمحاربة المسلمين في

المدينة المنورة، فوافقت قريش بقوّة وأعدت الجيوش والعتاد والخيول راغبة بفكِّ الحصار الاقتصادي

الذي قام به المسلمون على قريش بعد أن هاجموا طريق قوافلها إلى الشام، وأمَّا غطفان فقد وافقت

وعقدت اتفاقًا مع يهود بني النضير،

بنودُه على الشكل الآتي:

تدفع قبيلة غطفان جيشًا كامل العتاد قوامه ستة آلاف مقاتل.

يدفع يهود بني النضير مقابل هذا الجيش تمرَ خيبر لمدة عام كامل. وكان ما خطط له يهود بني النضير،

خرجَت الجيوش من الجنوب، وهي جيوش قريش وكنانة وكان قوامها أربعة آلاف مقاتل بقيادة صخر بن

حرب أبي سفيان، واتجهت جيوش قبائل غطفان وبنو مُرَّة وبنو أسد، وتجمعوا حول المدينة وتحزّبوا في

جيش قوامه عشرة آلاف مقاتل، أربعة آلاف من قريش وحلفائها، وستة آلاف من غطفان وحلفائها.

أهداف غزوة الخندق إنَّ الحديث عن أهداف أيّ غزوة هو حديث عن المُراد والمُبتغى الذي وضعه

الطرف الذي بدأ بالغزوة نصب عينيه قبل أن يبدأ الغزوة، ولأن غزوة الخندق بدأها وحرّض عليها وجمّع

العرب إليها يهود بني النضير فإنَّ أهداف الغزوة هي أهداف يهود بني النضير بداية، وأهداف من وافق

معهم على الغزو من القبائل العربية، وأمَّا أهداف يهود بني النضير فإنَّما هدفهم الرئيس كانَ الانتقام

من المسلمين، بسبب إخراجهم من المدينة المنورة، وأمَّا قريش التي وافقت كانَ هدفها أن تُطفئَ

لهيب الحصار الاقتصادي الذي فرضه المسلمون عليها بعد مهاجمتهم لقوافلها الراحلة إلى الشام

واليت تمرُّ من المدينة، وأمَّا قبيلة غطفان ومن معها فكانت طامعة بتمر خيبر وفقًا للمعاهدة التي

وقعتها مع يهود بني النضير وهي أن تشارك غطفان في الحرب على المدينة بجيش قوامه ستة آلاف

مقاتل مقابل أن تأخذ تمر خيبر من يهود بني النضير عامًا كاملًا.

موقع غزوة الخندق وتاريخها بعد ما وردَ سابقًا من حديث عن تعريف هذه الغزوة وحديث عن أسبابها

وأهدافها، وقبل الدخول في الفقرات اللاحقة التي ستختص بتجهيز الطرفين للمعركة،

فإنَّه لا بدَّ من المرور والحديث عن موقع غزوة الخندق وتاريخها، أي الموقع الذي دارت فيه هذه الغزوة

وعلا فيه صليل السيوف، والوقت الذي حصلت فيه، وفيما يتعلّق بالموقع فبعد أن وصلت جموع

المشركين وعسكرت بالقرب من المدينة المنورة، وحفر المسلمون خندقًا عظيمًا أحاط بالمدينة، كانت

المعارك تقتصر على النزالات الفردية بين المسلمين ومن يستطيع تجاوز الخندق من جيش المشركين،

فدرات أحداث الغزوة على أطراف المدينة وتحديدًا عند الخندق الذي بناه المسلمون،

وأمّا تاريخها فقد حدثت غزوة الخندق في شهر شوال من السنة الخامسة للهجرة، أي عام 627

للميلاد، والله تعالى أعلم.

أحداث غزوة الخندق إنَّ من الجدير بالذكر في هذا المقام، وتحديدًا بعد الحديث السابق عن تعريف هذه

الغزوة وأسبابها وأهدافها وموقعها وتاريخها،

فإنَّه لجدير بالذكر أن يتمَّ الحديث والتفصيل بأحداث هذه الغزوة وتسليط الضوء على تجهيزات الطرفين

للمعركة خاصّة المسلمين، إضافة إلى الحديث عن المعجزات النبوية التي حصلت أثناء حفر الخندق،

وسيكون هذا التفصيل على الشكل الآتي: تحضير المسلمين لغزوة الخندق عندما عرف المسلمون

بقيادة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بأمر الهجوم من قبل الأحزاب المتجمعة من القبائل العربية

المختلفة استشار رسول الله الصحابة الكرام في الامر، فأشار عليه صحابيٌّ جليل، هو الصحابي

سلمان الفارسي -رضي الله عنه- بأن يحفر خندقًا حول المدينة المنورة، كما كان يفعل أهل فارس،

فكما هو معروف إنَّ سلمان الفارسي من بلاد فارس جاء إلى بلاد العرب وأسلم وأصبح من خيرة

لملاقاة الأحزاب الذين بلغ عددهم عشرة آلاف مقاتل ولم يكن عند المسلمين القدرة على مواجهة

جيش بهذا العدد، فكان ما كان، وحفر المسلمون الخندق في وقت قياسي بعد أن بذلوا كلَّ جهدهم،

فحفروه في سّتة أيام فقط، وانتظروا خلفهُ محتمين به، وقاموا أيضًا بعقد صلح مع يهود بني قريظة

لحماية ظهورهم.

 معجزات الرسول -عليه السلام- عند حفر الخندق ظهرت الكثير من المعجزات النبوية أثناء حفر الخندق،

معجزات تشيب لها الولدان، وكان لهذه المعجزات التي أجراها الله -سبحانه وتعالى- على يد نبيّه أثرًا

في قلوب المسلمين الذين ازدادوا يقينًا فوق يقينهم، وازدادوا ثقة بالله سبحانه وبرسوله -عليه الصلاة

والسلام-، ومن هذه المعجزات: بُشرى رسول الله بالفتوحات: وردَ في السنة النبوية فيما رواه البراء بن

عازب -رضي الله عنه قال: “لمَّا أمرَنا رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- أن يُحفَرِ الخندق عرضَ لنا

حجَرٌ لا تأخُذُ فيهِ المعاولُ فاشتكينا ذلِكَ إلى رسولِ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- فجاءَ رسولُ اللَّهِ

-صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- فألقى ثوبَهُ، وأخذَ المعولَ وقالَ: بسمِ اللَّهِ، فضربَ ضربةً فَكسرَ ثلُثَ الصخرة،

ثم قال: اللَّهُ أَكبرُ، أعطيتُ مفاتيحَ الشَّامِ، واللَّهِ إنِّي لأبصِرُ إلى قصورِها الحمراءِ الآنَ من مكاني هذا،

قال: ثمَّ ضربَ أخرى وقال: بسمِ اللَّهِ، وكسر ثُلثًا آخرَ، وقالَ: اللَّهُ أَكبرُ، أعطيتُ مفاتيحَ فارسَ، واللَّهِ إنِّي

لأبصرُ قصرَ المدائنِ الأبيضَ، ثمَّ ضربَ الثَّالثةَ، وقالَ: بسمِ اللَّهِ، فقطعَ الحجر، وقالَ: اللَّهُ أَكبرُ، أعطيتُ

مفاتيحَ اليمنِ، واللَّهِ إنِّي لأبصر باب صنعاءَ” [٥]. البركة في تمر ابنة بشير: ‏وردَ في السنة النبوية

الشريفة فيما روته ابنة البشير بن سعد ما يلي: “عن ابنةٍ لبشيرِ بنِ سعدٍ أختِ النعمانِ بنِ بشيرٍ،

قالت: دعَتْني أمي عمرةُ بنتُ رواحةَ فأَعطتْني حفنةً من تمرٍ في ثوبي، ثم قالت: أي بنيةُ اذهبي إلى

أبيكِ وخالِك عبدِ اللهِ بنِ رَواحةَ بغدائهما، قالت: فأخذتُها وانطلقتُ بها، فمررتُ برسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ

عليه وسلَّمَ- وأنا ألتمسُ أبي وخالي، فقال: تعالَي يا بُنيَّةُ، ما هذا معك؟ قالت: قلتُ: يا رسولَ اللهِ هذا

تمرٌ بعثَتْني به أمي إلى أبي بشيرِ بنِ سعدٍ وخالي عبدِ اللهِ بنِ رواحةَ يتغدَّيانه،

فقال: هاتِيه، قالت: فصبَبتُه في كَفَّيْ رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- فماملأتْهما،

ثم أمر بثوب فبُسِطَ له، ثم دحا بالتمرِ عليه فتبدَّدَ فوق الثوبِ، ثم قال لإنسانٍ عنده:

اصرُخْ في أهلِ الخندقِ أن هَلُمَّ إلى الغداءِ، فاجتمع أهلُ الخندقِ عليه،

فجعلوا يأكلون منه وجعل يزيدُ حتى صدَرَ أهلُ الخندقِ عنه وإنه لَيسقطُ من أطرافِ الثوبِ”

  بدء غزوة الخندق عسكرت قرش ومن معها من جيوش الأحزاب والتي بلغ تعدادهم عشرة آلاف جندي

في مجتمع الأسيال من رُوْمة، بينما عسكرت غطفان ومن معها من أهل نجد في منطقة تُدعى ذنب

نُقمى وهي منطقة قريبة من جبل أُحد، وعسكر المسلمون الذين كانَ قوامهم ثلاثة آلاف مقاتل خلف

الخندق، حيث يقع الخندق بين جيش الأحزاب وجيش المسلمين المتحصّن في المدينة، وبدأ جيش

الأحزاب الهجوم على المدينة فتعجَّبَتْ جيوش الأحزاب من هذه الخطة الدفاعية التي لم تعرفْها العرب

من قبل، وأخذوا يحاولون عبثًا عبورَ الخندق ولكنّهم فشلوا بسبب ضخامة الخندق، ويقظة المسلمين

في الجهة الأخرى، حيث كان المسلمون يستقبلون من يستطيع من جيش المشركين القفز فوق

الخندق، كأحد فرسان قريش وهو عمرو بن عبدود الذي قتله علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- بعد

مبارزة عنيفة. واستمر الحال على ما هو عليه حتّى اُجبرَت جيوش الأحزاب بالتراجع والانسحاب، بعد

فشلهم بالدخول إلى المدينة المنورة واجتياز الخندق الذي حفره المسلمون، وعاد المشركون وفرضوا

حصارًا آخرًا على المدينة، وعندما طال الحصار ساق الله تعالى الفرج للمسلمين، فأتى رجل من بني

غطفان اسمُهُ نعيم بن مسعود الغطفاني وأعلن إسلامه، وذهب إلى بني قريظة الذين غدروا برسول

الله من قبل وأقنعهم أن يأخذوا رهائن من قريش ومن معها تحسُّبًا لأي انسحاب يقلب أحوال الحرب

ليضمن بنو قريظة استمرار الحرب، ثمّ ذهب هذا الرجل إلى الأحزاب وأخبرهم أن يهود بني قريظة

ندموا على فعلتهم بنقض عهدهم مع رسول الله،

وأبلغهم أن بني قريظة أخبروا محمدًا بن عبد الله أنهم سيطلبون من قريش رهائن تضمن لهم استمرار

الحرب وأنهم سيدفعون بالرهائن إلى محمد ليظهروا له حسن نيتهم، وهكذا زرع هذا الرجل الغطفاني

الشك في صدور الاحزاب ومن معهم من يهود بني قريظة، إضافة إلى فشلهم في اجتياز الخندق،

وإضافة إلى ما بعث الله تعالى على خيام الأحزاب من البرد والريح، كلُّ هذه الأسباب أدّت إلى انتصار

المسلمين على جيوش الكافرين وتحقيق وعد الله الذي وعده لعباده الصالحين

نتائج غزوة الخندق بعد ما وردَ من حدثي طويل عن أحداث تفصيلية لغزوة الخندق،

إنَّه لجدير الذكر أن يتم المرور على نتائج غزوة الخندق والتي كانت على الشكل الآتي:

النتيجة الأولى: انتصار عظيم للإسلام والمسلمين رغم قلّة عدد المسلمين وعتادهم،

إلَّا أن تأييد الله عباده والحنكة العسكرية التي أبداها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أدّت إلى

انتصار المسلمين على الأحزاب انتصارًا كبيرًا، قال تعالى في القرآن الكريم:

{وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا ۚ وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا}

  النتيجة الثانية: كسر شوكة القبائل العربية وخاصة قبيلة قريش،

وإظهار قوّة المسلمين وهيبتهم بين القبائل العربية. النتيجة الثالثة:

أدّت غزوة الخندق إلى استقرار الوضع الأمني والاقتصادي في مدينة رسول الله،

واطمأنَّ رسول الله بعد غزوة الخندق وطمأنَ أصحابه حين قال لهم بعد غزوة الأحزاب أو غزوة الخندق:

“الآنَ نغزُوهم ولا يغزُونا

السابق
ماهو تفسير حلم المطر
التالي
نبذة عن قصة النبي إلياس عليه السلام

اترك تعليقاً