من لقب بأمين الأمة

من لقب بأمين الأمة

من لقب بأمين الأمة

من لقب بأمين الأمة … هو من الشخصيات المشهورة في الاسلام، وقد اطلق النببي صلى الله عليه وسلم هذا الاسم، هو عامر بن عبدالله بن الجراح بين هلال الفهري القرشي، يكنى بأمين الأمة، وأمير الأمراء، وفاتح الديار الشامية

 

أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح الفهري القرشي (40 ق هـ/584م – 18هـ/639م) صحابي وقائد مسلم، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن السابقين الأولين إلى الإسلام، لقَّبَهُ النّبيُّ محمدٌ بأمين الأمة حيث قال: «إن لكل أمّة أميناً، وإن أميننا أيتها الأمة: أبو عبيدة بن الجراح» وقال له أبو بكر الصديق يوم سقيفة بني ساعدة: «قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين: عمر بن الخطاب، وأبو عبيدة بن الجراح».
أسلم أبو عبيدة في مرحلة مبكرة من الدعوة الإسلامية، وهاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة المنورة، وشهد مع النبي محمد غزوة بدر والمشاهد كلها، وكان من الذين ثبتوا في ميدان المعركة عندما بُوغت المسلمون بهجوم المشركين يوم أُحُد. وفي عهد أبي بكر الصديق، كان أبو عبيدة أحد القادة الأربعة الذين عيَّنهم أبو بكر لفتح بلاد الشام، ثم أمر أبو بكر خالداً بنَ الوليد أن يسير من العراق إلى الشام لقيادة الجيوش الإسلامية فيها، فلما ولي عمر بن الخطاب الخلافةَ عَزَلَ خالداً بنَ الوليد، واستعمل أبا عبيدة، فقال خالد: «وَلِيَ عليكم أمينُ هذه الأمة»،وقد نجح أبو عبيدة في فتح دمشق وغيرِها من مُدُنِ الشامِ وقُراها. وفي عام 18هـ الموافق 639م توفي أبو عبيدة بسبب طاعون عمواس في غور الأردن ودُفن فيه.

 

من لقب بأمين الأمة

أخلاقه وصفاته

أمين الأمة
روى البخاري والمسلم عن أنس بن مالك أن النبي محمداً قال: «إن لكل أمة أميناً، وإن أميننا أيتها الأمة: أبو عبيدة بن الجراح». وقال ابن حجر العسقلاني: «والأمين هو الثقة الرضي، وهذه الصفة وإن كانت مشتركة بينه وبين غيره لكنَّ السياقَ يشعر بأن له مزيداً في ذلك، لكن خَصَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم كلَّ واحد من الكبار بفضيلة ووصفه بها، فأشعر بقدر زائد فيها على غيره، كالحياء لعثمان، والقضاء لعلي ونحو ذلك».
مناسبة هذا اللقب كما رواها البخاري: أن العاقبَ والسيدَ صاحبي نجران قدِما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدان أن يلاعناه، فقال أحدهما لصاحبه: «لا تفعلْ، فوالله لئن كان نبياً فلاعننا لا نفلح نحن ولا عقبُنا من بعدنا»، قالا: «نعطيك ما سألتنا، وابعث معنا رجلاً أميناً، ولا تبعث معنا إلا أميناً»، فقال: «لأبعثنَّ معكم رجلاً أميناً حقَّ أمين»، فاستشرف له أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «قُمْ يا أبا عبيدة بن الجراح»، فلما قام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا أمين هذه الأمة». وروى مسلم عن أنس: أن أهل اليمن قدموا على رسول الله فقالوا: «ابعث معنا رجلاً يعلمنا السنة والإسلام»، قال: فأخذ بيد أبي عبيدة فقال: «هذا أمين هذه الأمة».
زهده
روى جمعٌ من الرواة قالوا: قدم عمرُ الشام، فتلقاه الأمراءُ والعظماءُ فقال: «أين أخي أبو عبيدة؟»، قالوا: «يأتيك الآن»، فجاء على ناقة مخطومة بحبل، فسلَّم عليه ثم قال للناس: «انصرفوا عنا»، فسار معه حتى أتى منزله، فنزل عليه، فلم يَرَ في بيته إلا سيفه وتُرسه ورحله، فقال له عمر: «لو اتَّخذتَ متاعاً، أو قال: شيئاً»، فقال: «يا أمير المؤمنين، إن هذا سيبلغنا المقيل».
وفي المعنى نفسه برواية أخرى: أن عمر حين قدم الشام قال لأبي عبيدة: «اذهب بنا إلى منزلك»، قال: «وما تصنعُ عندي؟ ما تريد إلا أن تعصر عينيك عليّ»، فدخل فلم يرَ شيئاً، قال: «أين متاعك؟ لا أرى إلا لِبداً (الصوف المتلبد) وصَحْفةً (وعاء الطعام) وشنَّاً (القربة من الجلد)، وأنت أمير، أعندك طعام؟»، فقام أبو عبيدة إلى جَوْنةٍ (وعاء يشبه السلة أو الجرة يوضع فيه الخبز) فأخذ منها كسيرات، فبكى عمر، فقال له أبو عبيدة: «قد قلت لك: إنك ستعصر عينيك عليّ، يا أمير المؤمنين، يكفيك ما يبلغك المقيل»، قال عمر: «غيَّرتنا الدنيا كلَّنا غيرَك يا أبا عبيدة». قال الذهبي: أخرجه أبو داود في سننه وقال: «وهذا والله هو الزهد الخالص، لا زهدَ مَن كان فقيراً مُعدَماً».
وروى ابن سعد عن مالك أن عمر أرسل إلى أبي عبيدة بأربعة آلاف أو بأربعمئة دينار، وقال للرسول: «انظر ما يصنع بها»، قال: فقسمها أبو عبيدة، قال: ثم أرسل إلى معاذ بمثلها، فقسمها إلا شيئاً قالت له امرأته نحتاج إليه، فلما أخبر الرسول عمر قال: «الحمد لله الذي جعل في الإسلام من يصنع هذا».
مهنته
يُروى أن أبا عبيدة كان يعمل في حفر القبور، فقد أخرج أحمد وابن سعد والبيهقي عن ابن عباس قال: لما أرادوا أن يحفروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم كان بالمدينة رجلان: أبو عبيدة يضرح وأبو طلحة يلحد، فدعا العباس رجلين، فأرسل أحدهما إلى أبي عبيدة والآخر إلى أبي طلحة، قال: «اللهم عن أبي طلحة خَرْ لرسولك»، فوجد أبا طلحة فجاء فألحد له. وأخرج ابن سعد من طريق عبد الله بن أبي طلحة قال: اختلفوا في الشق واللحد للنبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: «اللهم خر لنبيك، ابعثوا إلى أبي عبيدة وإلى أبي طلحة فأيهما جاء قبل الآخر فليعمل عمله»، فجاء أبو طلحة فقال: «والله إني لأرجو أن يكون الله تعالى قد خار لنبيه أنه كان يرى اللحد فيعجبه».
صفاته
كان أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه طويل القامة، نحيف الجسم، قوي البُنيان، معروق الوجه، أبيض اللون، خفيف اللحية، طيب المعشر يخشى الله ورسوله في كل أموره جلها وصغيرها كل هذه الصفات وغيرها.
جعلت عمر بن الخطاب يقول عنه وهو يجود بأنفاسه الأخيرة: «لو كان أبو عبيدة بن الجرّاح حيا لاستخلفته فإن سألني ربي عنه قلت: استخلفت أمين الله، وأمين رسوله»..؟؟
إسلامه
أسلم على يد أبي بكر الصديق رضي الله عنه في الأيام الأولى للإسلام، وهاجر إلى الحبشة في الهجرة الثانية، ثم عاد منها ليقف إلى جوار رسوله في بدر، وأحد، وبقيّة المشاهد جميعها، ثم ليواصل سيرة القوي الأمين بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم في صحبة خليفته أبي بكر، ثم في صحبة أمير المؤمنين عمر، نابذا الدنيا وراء ظهره مستقبلا تبعات دينه في زهد، وتقوى، وصمود وأمانة.
وفاء نادر
عندما بايع أبو عبيدة بن الجراح رسول الله صلى الله عليه وسلم، على أن ينفق حياته في سبيل الله، كان مدركا تمام الإدراك ما تعنيه هذه الكلمات الثلاث، في سبيل الله وكان على أتم استعداد لأن يعطي هذا السبيل كل حياته….

 

من لقب بأمين الأمة

غزوة أحد

«أمانة» أبي عبيدة على مسؤولياته، هي أبرز خصاله وأهم صفاته.. ففي غزوة أحد أحسّ من سير المعركة حرص المشركين
لا على إحراز النصر في الحرب، بل على اغتيال حياة الرسول صلى الله عليه وسلم
فاتفق مع نفسه على أن يظل مكانه في المعركة قريبا من مكان الرسول.. يفديه بروحه وحياته ومضى يضرب بسيفه الأمين مثله
في جيش الوثنية الذي جاء باغيا وعاديا يريد أن يطفئ نور الله وظل هكذا في كل غزواته.

غزوة الخبط

أرسل النبي صلى الله عليه وسلم أبو عبيدة بن الجراح في غزوة الخبط أميرا على ثلاثمئة وبضعة عشر رجلا من المقاتلين وليس معهم زاد سوى جراب تمر
والمهمة صعبة، والسفر بعيد، استقبل أبو عبيدة واجبه في تفان وغبطة، وراح هو وجنوده يقطعون الأرض، وزاد كل واحد منهم طوال اليوم حفنة تمراً
حتى إذا أوشك التمر أن ينتهي، يهبط نصيب كل واحد إلى تمرة في اليوم
حتى إذا فرغ التمر جميعا راحوا يتصيّدون الخبط، أي ورق الشجر بقسيّهم
فيسحقونه ويشربون عليه الماء.. ومن أجل هذا سميت هذه الغزوة بغزوة الخبط..
لقد مضوا لا يبالون بجوع ولا حرمان، ولا يعنيهم إلا أن ينجزوا مع أميرهم القوي الأمين المهمة الجليلة التي اختارهم رسول الله لها..!!

محبة رسول الله لأبي عبيدة

لقد أحب الرسول عليه الصلاة والسلام أمين الأمة أبا عبيدة حباً كثيرا.. وآثره كثيرا وكانت له المكانة الكبيرة في قلبه
ويوم جاء وفد نجران من اليمن مسلمين، وسألوه أن يبعث معهم من يعلمهم القرآن والسنة والإسلام
قال لهم رسول الله: «لأبعثنّ معكم رجلاً أميناً، حق أمين، حق أمين.. حق أمين»..!! وكررها ثلاثاً.

أمانته بعد وفاة رسول الله

وكما عاش أبو عبيدة مع الرسول صلى الله عليه وسلم أمينا، عاش بعد وفاة الرسول أمينا
بحمل مسؤولياته في أمانة تكفي أهل الأرض لو اغترفوا منها جميعا.. وعندما كان خالد بن الوليد
. يقود جيوش الإسلام في إحدى المعارك الفاصلة الكبرى.. واستهل أمير المؤمنين عمر عهده بتولية أبي عبيدة مكان خالد
لم يكد أبا عبيدة يستقبل مبعوث عمر بهذا الأمر الجديد، حتى استكتمه الخبر
وكتمه هو في نفسه طاويا عليه صدر زاهد، فطن، أمين.. حتى أتمّ القائد خالد فتحه العظيم.

طاعون عمواس ووفاته

روى البخاري عن ابن عباس قال: إن عمر بن الخطاب خرج إلى الشام، حتى إذا كان بسَرْغ لقيه أمراء الأجناد
أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه، فأخبروه أن الوباء قد وقع بأرض الشام، قال ابن عباس: فقال عمر: «ادع لي المهاجرين الأوَّلين»،
فدعاهم فاستشارهم، وأخبرهم أن الوباء قد وقع في الشام، فاختلفوا فقال بعضهم: «قد خرجتَ لأمر ولا نرجع أن ترجع عنه»،
وقال بعضهم: «معك بقية الناس وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء»، فقال: «ارتفعوا عني»، ثم قال: «ادعوا لي الأنصار»
فدعوتهم فاستشارهم فسلكوا سبيل المهاجرين واختلفوا كاختلافهم، فقال: «ارتفعوا عني»
ثم قال: «ادعُ لي من كان ها هنا من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح»، فدعوتهم فلم يختلف منهم عليه رجلان
فقالوا: «نرى أن ترجع بالناس ولا تقدمهم على هذا الوباء»، فنادى عمر في الناس: «إني مصبّح على ظهْر فأصبحوا عليه»
قال أبو عبيدة بن الجراح: «أفراراً من قدرِ الله؟»، فقال عمر:
«لو غيرُكَ قالها يا أبا عبيدة، نعم، نفرُّ من قدر الله إلى قدر الله، أرأيتَ لو كان لك إبل هبطت وادياً له عدوتان: إحداهما خصبة والأخرى جدبة، أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله
وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله؟»، قال: فجاء عبد الرحمن بن عوف
وكان متغيِّباً في بعض حاجته، فقال: إن عندي في هذا علماً
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه
وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فِراراً منه»، قال: فحمد اللهَ عمر، ثم انصرف.

السابق
الرفق في الاسلام وفضله
التالي
تعاون المسلمين في حفر الخندق

اترك تعليقاً