مقالة عن خطبة خطر الشرك

مقالة عن خطبة خطر الشرك

خطبة عن خطر الشرك[1]

اعلموا رحمكم الله أن أوجب الواجبات على كل مسلم ومسلمة معرفة التوحيد والتمسك به،

ومعرفة الشرك والحذر والخلاص منه. فلا يستقيم توحيد العبد إلا بمعرفة الشرك والتبرؤِ منه.

يقول حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير،

وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني. متفق عليه.

عباد الله:

لقد علق اللهُ فوزَنا بالجنة ونجاتنا من النار بموتنا سالمين من الشرك،

ففي “صحيح مسلم” جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:

يا رسول الله ما الموجبتان؟ فقال عليه الصلاة والسلام: “

من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة، ومن مات يشرك بالله شيئًا دخل النار “.

وفي “الصحيحين” من حديث أبي ذر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم

يقول: “جاءني جبريل فقال: من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة. قلت:

وإن زنى وإن سرق ؟ قال: وإن زنى وإن سرق “.

الشرك أظلم الظلم، وأعظم الذنوب، وأكبر الكبائر،

( قيل يا رسول الله أي الذنب أعظم ؟ قال: أن تجعل لله ندًا وهو خلقك ) متفق عليه،

لأنه صرْفُ خالصِ حقِ اللهِ لغيره.

ولأنه تسوية للمخلوقين الضعيفين العاجزين وتشبيه لهم بالخالق العظيم.

قال الرجل الصالح لقمان لابنه وهو يعظه: ﴿ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾

[لقمان: 13].

وسيقول المشركون يوم الدين لمن كانوا يشركون بهم:

﴿ تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الشعراء: 97، 98].

ولأجل ما تضمنه الشرك من انتقاص الملك العلام ذي الجلال والإكرام،

حكم الله بأن الشرك لا يُغفر إن مات الإنسان عليه وهو لم يتب منه، قال الله تعالى:

﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ [النساء: 48].

وقال جل جلاله: ﴿ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ﴾ [المائدة: 72].

ولتعظيم جريمة الشرك أوحى الله إلى أعظم الناس منزلة وأعلاهم درجة عنده ـ

أنبيائه ورسله ـ بأن الشرك محبط ومبطل لأعمالهم كلها إن هم وقعوا فيه

﴿ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ

* بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾ [الزمر: 65، 66]، وقال:

﴿ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام: 88].

لذا جاء الأنبياءُ كلُّهم بالنهي عن الشرك والتحذير منه،

مع الدعوة للتوحيد. قال تعالى” ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت “.

فَالشِّرْكُ بِاللهِ تَعَالَى أَكْبَرُ ذَنْبٍ عُصِيَ اللهُ بِهِ، وَمَنْ أَشْرَكَ بِاللهِ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ،

وَأَوْجَبَ لَهُ النَّارَ خَالِدًا فِيهَا: قَالَ سُبْحَانَهُ:

﴿ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾ [المائدة: 72].

فالشرك الأكبر هو عبادة غير الله بأي نوع من أنواع العبادة من دعاء وذبح ونذر وخضوع وغير ذلك من

أنواع العبادة فكل عبادة لغير الله فهي شرك وإن كانت للأنبياء أو للملائكة أو للأنبياء أو المرسلين

أو للصالحين فهي شرك بالله عز وجل لا يصلح معها عمل ولا يستقيم معه دين أبدا فالمشرك لا يقبل

له عمل ولو عبد الله الليل والنهار ما دام خلط العبادة بشرك

﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ﴾ – يعني بشرك –

﴿ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام: 82]

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم..

الخطبة الثانية

عباد الله:

بعد إن عرفنا الشرك وأنه سبب الهلاك ودخول النار،

فيجب علينا أن نعرف طريق النجاة ودخول الجنة ألا وهو التوحيد.

التوحيد: هو عبادةُ اللهِ وحده وهو الغاية التي من أجلها خلق الله الجن والإنس،

قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]

يعني: يعبدوني وحدي، لا يشركون بي شيئًا.

والتوحيد هو المانع من الخلود في النار حتى للعصاة ومرتكبي الكبائر،

فإن الله قد حرم على النار من قال: لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله.

بإفراد العبادة لله ينشرِحُ الصدرُ، ويطمئنُّ القلبُ، ويتحرَّرُ من عبوديَّة الخلقِ،

﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ﴾ [الأنعام: 125].

وبه تُفرَجُ الهُموم وتُكشَفُ الكُروب،

﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾

[الأنبياء: 87].قال ابن القيم – رحمه الله -: “ما دُفِعت شدائدُ الدنيا بمثلِ التوحيد”.

وهو سببُ الحياة الطيبة؛ بل لا سعادةَ في الدنيا إلا به، قال –

سبحانه -: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾ [النحل: 97].

ومن وسائل الثَّبات عليه: دعاءُ الله بالثَّبات،

والبُعدُ عن البِدَع والشُّبُهات والشَّهَوات، والإكثارُ من الطاعات، والتزوُّدُ من علوم الشريعة،

وسُؤالُ العُلماء الربَّانيِّين عما يُشكِلُ منها.

ومن الأسباب الهامة لتحقيق التوحيد:

أن يستعين المسلم بالله تعالى ويتوكل عليه في إعانته على هذا الأمر العظيم،

الذي إذا لم يعنه الله تعالى عليه لم يتيسر له، وهذا هو معنى قوله تعالى في سورة الفاتحة:

﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5]،

فلابد من عبادة الله تعالى وحده،

ولا يمكن الوصول إلى ذلك إلا بالاستعانة بالله تعالى وحده على تحقيق هذا المطلب العظيم.

ومن الوسائل في تحقيق التوحيد والبعد عن الشرك:

الدعاء فقد جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر رضي الله عنه:

( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَلشِّرْكُ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ،

أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى شَيْءٍ إِذَا قُلْتَهُ ذَهَبَ عَنْكَ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ ؟

قَالَ: قُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لما لا أعلم )،

وصححه الألباني في ” صحيح الأدب المفرد “.وصلوا رحمكم الله.

السابق
الفوائد الصحية للصلاة ,تحسين الدورة الدموية
التالي
ما أهمية دراسة السيرة النبوية من الناحية الإستراتيجية

اترك تعليقاً