مدى صحة حديث إن أبغض الحلال عند الله الطلاق

مدى صحة حديث إن أبغض الحلال عند الله الطلاق

 

 

 

وضع الله الأحكام الشرعية التي تتناسب مع كل زمان ومكان، وأحل المعاملات بين الناس ووضع الشروط والقواعد التي يجب أن تتبع، وقد شرع الله النكاح ووضع له أحكام وشروط، وأحل الله الطلاق فكان أبغض الحلال عند الله الطلاق، لما فيه من تفكك الأسرة وانهاء العلاقة والتوابع الناتجة عنه من تعب الأطفال وتشردهم بين الأب والأم، وفي هذا المقال سنتناول الأحكام المتعلقة بالطلاق وشروطه.

أبغض الحلال عند الله الطلاق

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أبغض الحلال إلى الله الطلاق” -حديث صحيح- يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين أن الطلاق وإن كان حلالاً فهو من الأشياء التي يكرهها الله تعالى، وعلى المسلم أن يتمسك بزوجته حتى وإن كرهها قال الله تعالى” فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيراً كثيراً”.

حكم الطلاق 

لأن أبغض الحلال عند الله الطلاق، فقد وضع الله في الشريعة الإسلامية خمس أحكام يجب إتباعها لكي يصبح الطلاق مشروعاً وهي:

  • واجب

إذا فشلت محاولات التصالح بين الزوج والزوجة، واستحالة استمرار الحياة الزوجية بينها، يكون الطلاق واجباً، قال الله تعالى “وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ“، وفي صحيح البخاري وردت قصة امرأة ثابت بن قيس التي جاءت للرسول صلى الله عليه وسلم تشتكي زوجها وأنها لا تطيق العيش معه وتخاف ألا تقوم بواجباتها نحوه، قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته؟ (أي أترجعين إليه حديقته) قالت نعم فقال صلى الله عليه وسلم لزوجها أقبل الحديقة وطلقها تطليقة، كما قال صلى الله عليه وسلم “لا ضرر ولا ضرار”.

  • مستحب

يكون الطلاق مستحب عندما يكون أحد الزوجين مقصر في حق الله مثل: الصلاة والصوم وغيرها، وعلى الطرف الآخر أن يقدم له النصيحة وعند عدم الاستجابة يكون الطلاق مستحباً، ويكون الطلاق مستحباً عندما تكون الزوجة ترغب في ذلك وعلى زوجها تقبل طلبها منعا للضرر.

  • مباح

يكون الطلاق مباحاً إذا كان الزوج بحاجة إلى الإنفصال، بسبب سوء خلق زوجته أو وقوع الضرر من استمرار العلاقة الزوجية بينهما بسبب سوء المعاشرة، أو أن أحد الطرفين لا يحب الطرف الآخر أو أي سبب آخر مقنع للطلاق.

  • مكروه

يكون الطلاق مكروها عندما لا يوجد سبب واضح للانفصال، وهذا هو الطلاق الذي يبغضه الله لأن الله جعل الزواج ميثاق غليظ، أي عهد لا يجب أن يفسخ بين الزوجين بسهولة، وخاصةً إذا كان الزوجين من أصحاب الدين والخلق.

  •   حرام 

يكون الطلاق حراماً عند وقوعه في فترة الحيض أو النفاس،وهذا الطلاق يطلق عليه في الشرع الطلاق البدعي بل ويجب علي الزوج رد زوجته وتقع طلقة واحدة، فقد ورد أن الرسول الله صلى الله عليه وسلم غضب من ابن عمر رضي الله عنهما لما علم أنه طلق زوجته وهي حائض فقال له: “راجعها ثم أمسكها حتى تطهر، ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شئت طلقها قبل أن تمسها فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق على النساء“.

شروط وقوع الطلاق

ولكي يكون الطلاق صحيحاً لابد وأن تتوافر في المطلق بعض الشروط وهي:

    • أن يكون متزوجاً فلا يقع الطلاق من غير المتزوج.
    • أن يكون الزوج بالغاً حتى يكون الزواج والطلاق صحيحين، فلا يقع الطلاق من صبي، واختلف العلماء في وقوع طلاق الصبي المميز، فالبعض يقول لا يقع والآخرون يرون أن الطلاق صحيح ويقع.
    • أن يكون الزوج عاقلاً فلا يكون الطلاق من المجنون طلاقاً صحيحاً، لأنه فاقد الأهلية.
  • القصد والاختيار وفي هذه المسألة اختلف الفقهاء في وقوع طلاق المخطئ والمكره والغضبان والمريض والسفيه، فبعض العلماء قالوا طلاقهم واقع وصحيح والبعض الآخر ذهب إلى عدم وقوع الطلاق، أما طلاق الهازل (الذي يمزح في الأمر) فهو طلاق واقع لقول النبي صلى الله عليه وسلم”ثلاثة جدهن جد وهزلهن جد :النكاح والطلاق والرجعة“.

أنواع الطلاق 

الطلاق قد يكون طلاق رجعي وقد يكون الطلاق بائن، والطلاق الرجعي هو الذي يمكن للزوج رد زوجته إلي عصمته بدون مهر أو عقد جديد بل وبدون موافقتها، أم الطلاق البائن فهو الطلاق الذي عندما يقع لا يمكن للزوج رد زوجته إلا بعقد جديد ومهر جديد.

  • الطلاق الرجعي 

الدين الاسلامي حريص جداً علي لم شمل الأسرة وعدم تفككها، لذلك يعطي للزوج فرصة رد زوجته إليه عندما يكون الطلاق رجعي أي أن الزوجة لا تزال في فترة العدة، ويحق للزوج رد زوجته إلى عصمته بدون مهر أو عقد كما أنه يجوز ردها بدون إذنها ما دامت في فترة العدة، ولا تترك المرأة بيتها ما دامت أنها لا تزال في فترة العدة.

  • الطلاق البائن

والذي يعني أن المرأة تكون قد انقضت عدتها بعد الطلقة الأولي أو الثانية، فإذا أراد زوجها ردها إلي عصمته وجب عليه دفع مهر جديد وعقد جديد بشهود، كأنه زواج لأول مرة، وللزوجة الحق في قبول الرجوع إلى زوجها أو الرفض، ويسمي هذا الطلاق بينونة صغرى.

أما إذا طلق الزوج زوجته للمرة الثالثة، فلا يحق له ردها إليه إلا بعد زواجها من رجل آخر زواجاً صحيحاً كاملاً، فإن طلقها زوجها الثاني وانقضت عدها، يحق لزوجها الأول ردها إذا أرادت ذلك، ويطلق عليه بينونة كبرى.

عدة المطلقة

تختلف فترة عدة الطلاق باختلاف حالة المرأة، فعدة المرأة الحامل تختلف عن عدة المرأة التي تحيض وعن المرأة الآيسة وإليكم عدة المرأة بالتفصيل:

    1. المرأة الحامل: تنقضي عدة المرأة الحامل بمجرد أن تضع المولود، حتى وإن كان الوقت بين وقوع الطلاق وبين الولادة ساعة، تنقضي عدة المرأة فور ولادتها، قال الله تعالى “وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن”.
    2. المرأة التي تحيض: تنتهي عدة الحائض بعد ثلاث حيضات وإن طالت المدة، قال الله تعالى” والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء”.
  1. المرأة التي لا تحيض:بسبب كبر سنها (الآيسة) أو صغر سنها فعدتها ثلاثة أشهر، قال الله تعالى” واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن”.
  2. أما المطلقة التي لم يمسها زوجها فليس لها عدة، قال الله تعالى” يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها”.

أما الحكمة من انتظار فترة العدة هو التأكد من براءة الرحم من أي حمل وذلك لمنع اختلاط الأنساب، وإتاحة فرصة التصالح بين الزوجين.

السابق
أحكام المسح على الخفين عند المذاهب الأربعة والشافعية
التالي
شرح الحديث بني الإسلام على خمس

اترك تعليقاً