ما حكم إفطار رمضان

ما حكم إفطار رمضان

ما حكم إفطار رمضانما حكم إفطار رمضان في الإسلامالصوم لغةً هو الإمساك عن الشيء والامتناع عنه وتركه، ولذلك يُقال للصائم أنه صائم، لأنه امتنع، وأمسك، وترك الطعام، والشراب، غيرها من الأمور التي تُفسده [تهذيب اللغة للأزهري 12\182، مقاييس اللغة لابن فارس 3\323]، أما الصوم اصطلاحاً؛ فهو أن يُمسك المسلم عن المأكل، والمشرب، وباقي المُفطِّرات التي بينتها الشريعة الإسلامية، وذلك تقرُّباُ إلى الله وتعبداً له سبحانه وتعالى.

حكم صيام شهر رمضان

صوم شهر رمضان واجب فرضته الشريعة الإسلامية على كل مسلم، بالغ، عاقل، قادر، مكلف، وهو ركن من أركان الإسلام الخمسة، وهذا ما دلت عليه الأدلة من القرآن، والسنة النبوية المطهرة، قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} [البقرة: 183]، وقال تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه} [البقرة: 185]، وأما الدليل من السنة، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت” [البخاري: 8، مسلم: 16]، كما أن إجماع العلماء قال بوجوب صيام شهر رمضان، ونقل هذا الإجماع عدد من العلماء، قال ابن قدامة: “وأجمع المسلمون على وجوب صيام شهر رمضان” [المغني 3\104]، وقال النووي: “وهذا الحكم الذي ذكره -أي الشيرازي صاحب المهذب- وهو كون صوم رمضان ركنا وفرضا، مجمع عليه، ودلائل الكتاب والسنة والإجماع، متظاهرة عليه” [المجموع 6\252]، وأيضا نقل ابن تيمية هذا الإجماع [مجموع الفتاوى 25\116].

ما حكم إفطار شهر رمضان

قسم العلماء الإفطار في شهر رمضان إلى عدة أقسام وأنواع، وهي المفطر المتعمد كسلا أو تقاعسا، والمفطر المتعمد جحودا وإنكارا، ومن أفطر ناسيا أنه صائم، ومن أفطر خطأ لسوء تقديره لوقت الإمساك والإفطار، ومن أفطر لعدم قدرته على الصيام بشكل مؤقت، ومن أفطر لعدم قدرته على الصيام بشكل كامل.

ما حكم إفطار رمضان عمدا للتقاعس

إن المسلم الذي يفطر في شهر رمضان بغير عذر، تكاسلا وتهاونا منه، أو بسبب ضعف في إيمانه أدى به إلى تناول الطعام، أو الشراب، أو الجماع، فقد أتى بكبيرة عظيمة، وإثم يوجب سخط الله وعقابه، فعليه التوبة، وعدم الرجوع إلى ذلك الفعل، لأن الله تواب رحيم، وأما ما يترتب عليه بالنسبة للقضاء، هذا لمن أفطر بالأكل، أو الشرب، دون الجماع، لأن كفارة الجماع مختلفة، ذهب أهل العلم إلى مذهبين.

الرأي الأول في قضاء من أفطر في رمضان من غير عذر

قال الرأي الأول من العلماء في مسألة قضاء الصيام، وهو الرأي الأعم، والأكثر، أن عليه قضاء ما أفطر، حتى أن بعضهم قال أن الإجماع على ذلك، قال ابن عبد البر: “وأجمعت الأمة ، ونقلت الكافة ، فيمن لم يصم رمضان عامدا وهو مؤمن بفرضه، وإنما تركه أشرا وبطرا، تعمد ذلك ثم تاب عنه : أن عليه قضاءه ” [ الاستذكار 1\77]، وقال ابن قدامة المقدسي: “لا نعلم في ذلك خلافا ؛ لأن الصوم كان ثابتا في الذمة ، فلا تبرأ منه إلا بأدائه ، ولم يؤده ، فبقي على ما كان عليه” [المغني 4\365]، ولكن في حالة أن من كان عليه قضاء من رمضان الفائت، ودخل عليه رمضان الذي يليه، أو من تاب وأراد القضاء من رمضان الذي كان قبل عدة سنين، فإنه يلزمه مع كل يوم يقضيه إطعام مسكين [1]، هذه كفارة من أكل أو شرب في نهار رمضان من غير عذر.

الرأي الثاني في قضاء من أفطر في رمضان من غير عذر

قال الرأي الثاني من أهل العلم أن من أفطر في رمضان متعمدا من غير عذر، كالسفر، أو المرض، أو الحمل، أو أي عذر شرعي معتبر، فإنه لا يجب عليه القضاء، وإنما عليه التوبة، والاستغفار، والعزم على أن لا يعود لذلك مرة أخرى، وهذا مذهب الظاهرية، وذهب إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، والشيخ ابن عثيمين [مجموع الفتاوى 19\89، الاختيارات الفقهية ص:460، فتح الباري لابن حجر العسقلاني 3\355].

ما حكم إفطار رمضان بممارسة الجماع

من مارس الجماع مع أهله في نهار رمضان، فإنه أيضا جاء بإثم عظيم، إلا أن كفارة إفطاره هذه مختلفة عن من أكل أو شرب، فكفارة الجماع هي أن يعتق رقبة، أي أن يحرر عبدا من العبودية، فإن لم يجد، أو لم يستطع، فعندها عليه أن يصوم شهرين متتابعين، من غير انقطاع إلا بعذر، كمرض، أو سفر، فإن لم يستطع فعندها عليه أن يطعم ستين مسكينا

من أوسط ما يأكل هو، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال:

بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال:

يا رسول الله هلكت، قال: ما لك؟ قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم،

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل تجد رقبة تعتقها؟

قال: لا، قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟

ثم قال: لا، فقال: فهل تجد إطعام ستين مسكينا؟ قال: لا، قال

: فمكث النبي صلى الله عليه وسلم، فبينا نحن على ذلك

، أتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيها تمر، والعرق المكتل

-وهو الزنبيل الكبير- قال: أين السائل؟ فقال: أنا، قال: خذها فتصدق

به، فقال الرجل: أعلى أفقر مني يا رسول الله؟! فو الله ما بين لابتيها

-يريد الحرتين- أهل بيت أفقر من أهل بيتي، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم

حتى بدت أنيابه، ثم قال: أطعمه أهلك” [البخاري: 1936]، [2] [3].

ما حكم إفطار رمضان حجودا

إن الذي يجحد وينكر فريضة الصيام كافر مرتد عن الإسلام، وهذا قول الإجماع

، حتى وإن شهد أن لا إله إلا الله، حتى وإن صلى، وتصدق

، وحج [فتاوى اللجنة الدائمة 10\143]، [بدائع الصنائع للكاساني 2\75]، [4] [5] [6].

حكم من أفطر بعذر مؤقت

العذر المؤقت، هو العذر الذي ينقضي ولا يستديم على المسلم، كالذي يمرض مرضا يرجى شفاؤه، أو كالمرأة الحامل، أو المرضعة التي تخشى أن يلحقها، أو يلحق ولدها ضرر بسبب الصيام، أو كالمسافر، أو كالمرأة الحائض والنفساء، وغيرها من الأعذار الشرعية التي بينتها الشريعة والعلماء، فهذا ليس عليه ذنب لأن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، قال الله تعالى:{لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} [البقرة: 286]، وقال سبحانه: {لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها} [الطلاق: 7]، إلا أن المفطر بعذر شرعي يجب عليه القضاء، ومستحب أن يبادر إلى قضاء ما عليه بعد انتهاء رمضان وانتهاء أيام العيد، قال الله تعالى: {فمن كان منكم مريضا أو علىٰ سفر فعدة من أيام أخر} [البقرة: 184]، ولكنه إذا أجل القضاء حتى دخل رمضان الي بعده، فإنه يجب عليه مع القضاء أن يطعم عن كل يوم مسكينا [7].

حكم من أفطر لعذر مستمر

بعض الحالات المرضية التي لا يرجى شفاؤها، أو في حال الشيخ الكبير، والمرأة العجوز، إن أفطروا فإنه لا يجب عليه القضاء، وذلك بسبب أن العذر المستمر، ففي هذه الحالة قال أهل العلم إن عليه الفدية، وهي أن يطعم عن كل يوم مسكينا، قال الله تعالى: {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} [البقرة: 184]، وهذا مذهب جمهور العلماء، الحنفية [المبسوط للسرخسي 3\92، فتح القدير للكمال بن الهمام 2\365]، والشافعية [كتاب الأم للإمام الشافعي 2\113، المجموع للنووي 6\258]، والحنابلة [المغني لان قدامة 3\151]، وقد نقل الإجماع بعض العلماء [أحكام القرآن للجصاص 1\221، الحاوي الكبيرللماودي 3\466، شرح العمدة لابن تيمية، كتاب الصيام 1\262].

حكم من أكل أو شرب ناسيا

إذا نسي المسلم أثناء صيامه أنه صائم، فأكل أو شرب، فليس عليه شيء، ويمكنه إكمال وإتمام صيام يومه، وهذا مذهب جمهور العلماء، الحنفية [المبسوط للسرخسي 3\61، فتح القدير للكمال ابن الهمام 2\327]، والشافعية [كتاب الأم للإمام الشافعي 7\70، المجموع للنووي 6\335]، والحنابلة [المغني لابن قدامة 3\131، الإنصاف للمرداوي 3\215]، واستدلوا بقول الله تعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} [البقرة: 286]، والحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نسي وهو صائم، فأكل أو شرب- فليتم صومه؛ فإنما أطعمه الله وسقاه” [البخاري: 1933، مسلم 1155].

حكم من أكل أو شرب خطأ

من فعل فعلا من شأنه أن يبطل صيام الصائم، ظنا منه أن الشمس قد غربت، فإنه يجب عليه أن يمسك عن الطعام حتى يأتي وقت الإفطار الصحيح، وهذا ما اتفقت عليه المذاهب الأربعة، الحنفية [العناية شرح الهداية

للبابرتي 2\372]، والمالكية [منح الجليل لعليش 2\134]، والشافعية

[تحفة المحتاج للهيتمي 3\433]، والحنابلة [كشاف القناع للبهوتي 2\309]،

واختلف العلماء بالنسبة للقضاء، هل يجب عليه أم لا، فالقول الأول يقول إنه

يجب على من فعل هذا الفعل أن يقضي هذا اليوم الذي أخطأ بتقدير وقت

الإفطار فيه، وعلى ذلك أجمعت المذاهب الأربعة، الحنفية [الهداية للمرغيناني 1\129]، والمالكية [حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2\453]

، والشافعية [المجموع للنووي 6\307]، والحنابلة [كشاف القناع للبهوتي 2\309]،

وأما القول الثاني فقالوا بأنه لا يلزمه القضاء، ونقل ابن عبد البر أقوالا لبعض

السلف على هذا الرأي [التمهيد 21\98]، واختار ابن تيمية، وابن القيم

، وابن عثيمين هذا الرأي [مجموع الفتاوى لابن تيمية 20ط572-573، تهذيب سنن أبي داوود لابن القيم 6\212، الشرح الممتع لابن عثيمين

6\392]، وهذه الأحكام السابقة بالنسبة للمخطئ بوقت الإفطار

تنطبق على من تسحر بعد طلوع الشمس، ظنا منه أن الفجر لم يطلع بعد.

 

 

السابق
ما حكم إسقاط الجنين
التالي
ماهى مواقف بكى فيها النبي صلى الله عليه وسلم

اترك تعليقاً