ليس للتقوى زمن محدود ولا موسم مخصوص معدود

ليس للتقوى

ليس للتقوى الحمد لله خلق كل شيء فقدره تقديراً

  • وتبارك الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً.
  • أحمده سبحانه وأشكره، ليس للتقوى وأتوب إليه وأستغفره،
  • وألتجئ إليه في يوم كان شره مستطيراً.

ليس للتقوى
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بعثه بين يدي الساعة مبشراً ونذيراً، وداعيًّا إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً

صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً… وبعد:

فليس للتقوى زمن محدود

ولا موسم مخصوص معدود، وإنما هي حق الله الدائم على العبيد، يعمرون بها أوقاتهم، ويستعملون فيها أبدانهم، ويقضون فيها أعمارهم.

  • والمغبون من لم يعرف ربه إلا في أيام معلومة، أو ساعات معدودة
  • ثم يعود بعد ذلك إلى الغي والغفلة

 

  • وينتكس في المعاصي والشهوة
  • ويرتكس في الآثام والعصيان، نعوذ بالله من الخذلان.

اعلموا أن كل آتٍ قريب

وإنما البعيد ما ليس بآتٍ.

  • ومن كانت مطيته الليل والنهار سير به وإن لم يسر

 

  • فإن الليل والنهار مطيتان تقربان كل بعيد
  • وتبليان كل جديد، وتأتيان بكل موعود.

  • والله تعالى جعل الليالي والأيام والشهور والأعوام مواقيت للأعمال
  • ومقادير للآجال، فهي تنقضي جميعاً وتمضي سريعاً،
  • والذي أوجدها باقٍ لا يزول، ودائم لا يحول

.

الله خلق السماوات والأرض

من ظن أن الله خلق السماوات والأرض وما بينهما بلا حكمة فقد افترى على الرحمن وكذّب القرآن (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ) [الأنبياء:16].

  • ومن اعتقد أن الإنسان خلق لغير مهمة فقد جاء بزور وبهتان (أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً) [القيامة:36]، (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ) [المؤمنون:115].


وقفات عند الوداع


ونحن نودع عاماً هجريًّا مضى من أعمارنا، ونستقبل عاماً جديداً، يلزم الإنسان منا أن يقف وقفة تساؤل، وتأمل وتدبر

  • تعقبها وقفة طويلة يحاسب فيها الإنسان نفسه عما اقترفه خلال عام كامل من عمره
  • عام مضى وانقضى، لا ندري ما الله صانع فيه

 

  • ثم وقفة استعداد لانطلاقه إلى الله
  • من خلال عام نستقبله لا ندري ما الله قاض فيه.


 وقفة تأمل وتدبر:


إن أول ما يجب أن يلفت انتباهنا السرعة العجيبة التي مرت بها هذه السنة، فبالأمس القريب كنا نستقبل هذا العام، وهانحن وبهذه السرعة نودعه، وفي هذا ما يدل أولي الألباب على سرعة انقضاء الأعمار، وسرعة فناء هذه الدار، كما قال العزيز القهار: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآياتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ) [آل عمران:190].


ما بين الولادة والكهولة

  • والشباب والشيخوخة، والهرم ثم الموت، ينتهي شريط الحياة في عجالة، ويطوى سجل الإنسان وكأنها غمضة عين، أو ومضة برق، فياعجبا لهذه الحياة كيف خدع بها الناس، وغرهم طول الأمل فيها

وهي كما قال الله فيها:

(لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ) [الحديد:20]، (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ) [الكهف:45].

وهي كما قال الله فيها:

(إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [يونس:24].

بعض ملذاتها وشهواتها


هذه هي الدنيا التي يستغرق فيها كثير من الناس ويضيعون من أجلها الآخرة لينالوا بعض متاعها ويتمتعوا ببعض ملذاتها وشهواتها، هي والله سراب خادع، وبريق لامع، ولكنها سيف قاطع، وصارم ساطع، كم أذاقت بوساً، وجرعت غصصاً، كم أحزنت فرحاً

  • وأبكت مرحاً، كم هرم فيها من صغير، وذل فيها من أمير، وارتفع فيها من حقير، وافتقر فيها من غني، واغتنى فيها من فقير، ومات فيها من صغير وكبير، وعظيم وحقير، وأمير ووزير، وغني وفقير.
السابق
اللحم في المنام وتفسير حلم أكل اللحم
التالي
اعلموا رحمكم الله أن الدنيا أيام محدودة

اترك تعليقاً