كيفية صلاة الخوف

ماهى صلاة  الخوف

 

صلاة الخوف الصلاة هي أعظم ركنٍ من أركان الإسلام بعد الشهادتين،

وهي واجبةٌ على كلّ مسلمٍ بالغٍ عاقل، ولا تسقط عن المسلم بأيّ عذرٍ كان،

وبما أنّ الإسلام دين يسرٍ فقد شرع الله تعالى بعض الرُخص للصلاة،

فكانت صلاة المريض وصلاة المسافر وصلاة الخوف،

حتى يسهل على المسلمين أداء الصلاة في جميع الأحوال،

وصلاة الخوف هي الصلاة التي يؤديها المسلمون في حالة الخوف من هجوم العدوّ أثناء الجهاد في

سبيل الله، والأصل في صلاة الخوف أن تكون صلاة جماعة، فقد قال تعالى في سورة النساء:

{إِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ}

وسيتحدث هذا المقال عن كيفية صلاة الخوف، مرورًا بحكمها وحالات أدائها.

حكم صلاة الخوف قبل الحديث عن كيفية صلاة الخوف وجب بيان حكمها، وصلاة الخوف صلاةٌ مشروعةٌ

في حالة الخوف، وهي من الصلوات المسنونة المفروضة على المسلمين إذا خافوا ولم يأمنوا مكر

العدوّ، فالأصل في الصلاة المحافظة على أدائها، لذا أباح الله تعالى أداء صلاة الخوف حفاظًا على أداء

الصلاة على وقتها، فقد قال تعالى:

{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ

* فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا ۖ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ}،

كما ورد ذكر حكم صلاة الخوف في السنّة النبوية بأنّها من الصلوات المفروضة،

فقد جاء في حديث ابن عباس -رضي الله عنه- أنّه قال:

“فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ علَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- في الحَضَرِ أَرْبَعًا،

وفي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، وفي الخَوْفِ رَكْعَةً”،

لذا فصلاة الخوف صلاةٌ مشروعةٌ مباحةٌ يمكن أداؤها عند الحاجة لذلك،

والله تعالى أعلم.

متى شُرعت صلاة الخوف لم تكن صلاة الخوف مشروعةً مع بداية الإسلام،

ولم تُشرع أيضًا في أوائل الغزوات التي قام بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه

لذا وقبل ذكر كيفية صلاة الخوف ستتم معرفة متى شُرعت،

فقد ورد في السيرة النبويّة أن صلاة الخوف لم تكن مشروعة قبل غزوة الخندق،

ففي غزوة الخندق قام المسلمون بقتال المشركين لفترةٍ متواصلةٍ من الزمن،

ممّا منعهم من أداء صلاة العصر على وقتها، فقضاها رسول الله وصحابته،

وقد ورد ذكر هذه الحادثة في حديث عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه-،

حيث قال: “كُنَّا مع النبيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يَومَ الخَنْدَقِ، فَقَالَ:

مَلَأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وبُيُوتَهُمْ نَارًا، كما شَغَلُونَا عن صَلَاةِ الوُسْطَى حتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ وهي صَلَاةُ

العَصْرِ”،[٦]وهذا الحديث يؤكّد أنّ صلاة الخوف لم تكن مشروعةً حتى السنة الخامسة بعد الهجرة.

 ويتبيّن في السيرة النبويّة أنّ صلاة الخوف شُرعت في غزوة عُسفان،

وكانت أوّل صلاة خوفٍ يصلّيها الرسول الكريم بأصحابه،

فقد جاء في نصّ الحديث الشريف عن أبي عيّاش الزرقي -رضي الله عنه-، أنّه قال:

“كنَّا مع النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- بعُسْفانَ، فصلَّى بنا الظُّهْرَ،

وعلى المشرِكينَ يومَئذٍ خالدُ بنُ الوليدِ، فقالوا: لقد أصَبْنا منهم غفلةً،

ثم قالوا: إنَّ لهم صلاةً بعد هذه هي أحَبُّ إليهم مِن أموالِهم وأبنائِهم،

فنزَلتْ صلاةُ الخوفِ بين الظُّهْرِ والعصرِ، فصلَّى بنا العصرَ، ففرَّقَنا فِرْقتَيْنِ”،

وقد ثبت عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- أنّه صلى صلاة الخوف بعد غزوة عُسفان في أكثر من

غزوة، كغزوة ذات الرقاع وغزوة نجد وغيرها.

 كيفية صلاة الخوف في مستهلّ الحديث عن كيفية صلاة الخوف وجب التنويه إلى أنّ صلاة الخوف لا

تكون إلّا في حالات القتال مع العدوّ، فقد قال الله تعالى:

{وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ}،

وقد اشترط الشافعيّة والمالكية حمل السلاح أثناء أداء الصلاة،

واستندوا بذلك على أنّ الله تعالى أمر بذلك في الآية الكريمة

{وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ}،

أمّا الحنفية والحنابلة فقالوا بأنّ حمل السلاح أثناء أداء صلاة الخوف يكون بحسب الحاجة،

لأنّ السلاح في الأصل لا علاقة له بحركات الصلاة وأفعالها،

بل ذكره الله تعالى على وجه الإرشاد، فإن اقتضت الضرورة حمله فلا جُناح عليهم،

أمّا عن كيفية صلاة الخوف، فصلاة الخوف صلاة جماعة،

يقوم بها الإمام وجماعةٌ من المصلّين بطريقةٍ خاصة،

ويختلف أداؤها بحسب عدد ركعات الصلاة،

وفيما يأتي بيانٌ لكيفية صلاة الخوف بالتفصيل:

 كيفية صلاة الخوف في الصلاة الثنائية الصلاة الثنائية هي الصلاة التي يكون فيها ركعتان فقط،

كصلاة الفجر أو صلاة المسافر إذا وقع سفرٌ أثناء الجهاد، ويكون أداؤها بحيث يصلي الإمام وخلفه قسمٌ

من الجيش، فيصلي هو ومن معه من المصلّين الركعة الأولى، ثم يقف الإمام ويُطيل الوقوف،

أمّا المصلّون من خلفه فيكملون الركعة الثانية على عجل، ويُسلّمون ويقومون،

ويأخذون مكان القسم الثاني، ليأتي القسم الثاني من الجيش ويُصلي خلف الإمام ركعته الأولى،

بينما يؤدي الإمام ركعته الثانية،

ثم يجلس الإمام ويُطيل الجلوس ويُكثر من الدعاء،

وفي هذه الأثناء يُصلّي المصلون من خلفه ركعتهم الثانية ويُسلّمون جميعًا،

وبهذا يكون كلّ الجيش قد صلّى ركعتين، واحدة مع الإمام والأُخرى بدونه،

وقد ثبت في السيرة النبويّة أنّ الرسول الكريم صلى صلاة الخوف في الصلاة الثنائية بهذه الطريقة في

غزوة ذات الرّقاع.

 كيفية صلاة الخوف في الصلاة الثلاثية الصلاة الثلاثية هي الصلاة التي يكون فيها ثلاث ركعات،

أي صلاة المغرب، ويكون أداؤها مشابهًا للصلاة الثنائية،

إلّا أنّ الإمام يُصلي بقسمٍ من الجيش ركعتين ثم يقف ويُطيل الوقوف،

ويكمل المصلون من خلفه الركعة الثالثة على عجل ويُسلّمون ويقومون،

ويأتي القسم الآخر فيصلي معهم الإمام ركعته الثالثة،

ويجلس ويُطيل الجلوس ويُكثر من الدعاء، فيكمل المصلّون من خلفه الركعتين على عجل ويُسلّمون

جميعًا، وبهذا يكون الجميع قد صلّى ثلاث ركعات،

وقد ثبت عن عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنّه صلّى صلاة الخوف في صلاة المغرب في معركة

صفين على هذا النحو.

كيفية صلاة الخوف في الصلاة الرباعية الصلاة الرباعية هي الصلاة التي

يكون عدد ركعاتها أربعًا، كصلاة الظهر أو العصر أو العشاء إذا لم يكن في الجهاد سفر

ويكون أداؤها بحيث يصلي الإمام مع قسمٍ من الجيش أول ركعتين ويقف ويُطيل الوقوف،

ويكمل المصلون من خلفة الركعتين المتبقيتين على عجل، ويُسلّمون ويقومون،

ليأتي القسم الثاني من الجيش، ويُصلي الإمام معهم ركعتيه الثالثة والرابعة وهم يُصلون الأولى

والثانية، ويجلس ويُطيل الجلوس ويُكثر من الدعاء،

بينما يُصلي المصلون من خلفه باقي الركعات الأربع على عجل،

ويسلمون جميعًا، وبهذا يكون الجميع قد صلّى أربع ركعات.

 حالات صلاة الخوف بعد بيان كيفية صلاة الخوف وجب ذكر حالاتها التي تختلف باختلاف مواضع العدّو،

فصلاة الخوف مرتبطةٌ في كيفية أدائها بمكان تواجد العدوّ،

وقد جاء في السيرة النبوية ثلاث حالاتٍ سيتم ذكرها فيما يأتي:

 إذا كان العدو بغير جهة القبلة: في هذه الحالة يُصلي المصلون مع الإمام صلاة الخوف كما تم ذكرها

أثناء الحديث عن كيفية صلاة الخوف سابقًا،

ويبقى القسم الآخر مقابلًا للعدو. إذا كان العدوّ في جهة القبلة:

وفي هذه الحالة يصفّ المسلمون صفّين مقابل العدوّ، ويصلون مع الإمام فإن سجد،

سجد معه الصفّ الأول وبقي الصف الثاني واقفًا، وعندما يقوم الصفّ الأول يسجد الصف الثاني،

وفي الركعة الثانية يسجد الصفّ الثاني مع الإمام أولًا،

فإذا قاموا من سجودهم سجد الصف الأول، أي يسجدون بالتناوب فيما بينهم.

إذا التحم الجيشان: وفي هذه الحالة يُصلّي المسلمون كلٌّ على حدا،

يُصلون راكبين أو مترجلين على أقدامهم، مستقبلي القبلة أو غير مستقبلين،

ويتمّون سجودهم وركوعهم بالإيماء،

وتكون هذه الحالة إذا كان العدوّ ظالمًا وخاف المقاتلون مكره، والله تعالى أعلم

السابق
بحث عن معركة حطين
التالي
صدق نبوءات النبي- صلى الله عليه وسلم ، من أعظم دلائل نبوَّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم.

اترك تعليقاً