قصة سيدنا زكريا عليه السلام كاملة , كان سيدنا زكريا عليه السلام عبدا صالحا وتقي وكان يدعو لدين الله الحنيف ، وكان سيدنا زكريا يكفل مريم العذراء ، ودعا زكريا عليه السلام الله تعالى ان يرزقه بالذرية الصالحة فوهبه الله يحيى والذى اصبح نبي ايضا وكان يدعو لعبادة الله وحده ، فى ذلك الوقت كان يوجد نبي وعالم قدير يصلى بالناس ، وهو سيدنا عمران عليه السلام .
وكانت زوجة عمران عليه السلام لا تلد ، وفى يوما رأت طائر يسقي ويطعم ابنه فى فمه، وكان يأخذه تحت جناحيه خوفا عليه من البرد ، وعندما رأت هذه المشهد تمنت ان تلد ، ورفعت يدها ودعت الله ان يرزقها بطفل ، واستجاب لها الله تعالى وفى يوم شعرت بانها حامل ، فنذرت ما فى بطنها لله “إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ” ، ومعنى ذلك انها نذرت ان يكون طفلها خادم للمسجد اى يتفرغ لعبادة الله وخدمة بيته .
لكن عندما ولدت زوجة عمران كان المولود بنتا ، وكانت تريده ولدا لكى تفي بوعدها ويكون خادم فى المسجد ، لكنها قررت ان تفي بوعدها على الرغم من ان المولود انثي ، “فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ ” .
وقد سمع الله تعالى دعاء زوجة سيدنا عمران ، سمعها الله وهى تسأله ان يحفظ مريم وزريتها من الشيطان الرجيم ، وتسببت ولادة مريم فى حدوث مشكلة صغيرة ، فعندما ولدت كان سيدنا عمران عليه السلام قد مات ، واراد الشيوخ والعلماء فى ذلك الوقت تربية مريم ، فقال زكريا عليه السلام ” انا اكلفها فهى قريبتي ، وزوجتى تكون خالتها ، وانا نبي الله لهذه الامة واولاكم بها “، فكان رد العلماء ” لماذا لا يكفلها احدنا؟ لا يجب ن تحصل على هذا الفضل بغير اشتراكنا فيه” .
واتفقوا على اجراء قرعة ومن يكسب سوف يكفل مريم حتى تكبر وتخدم المسجد وتتفرغ لعبادة الله ، واثناء اجراء القرعة وضعوا مريم على الارض والى جوارها اقلام من يرغبون فى كفالتها ، ثم احضروا طفل صغير فاخذ قلم زكريا عليه السلام ، فرد زكريا وقال ” لقد حكم الله لى بان اكفل مريم ” فكان رد العلماء والشيوخ ان القرعة ثلاث مرات .
وفى القرعة الثانية حفر كل واحد منهم اسمه على قلم خشب وقالوا انهم سوف يلقون الاقلام فى النهر والذى يسير قلمه ضد التيار وحده فهو الذى يكفل مريم ، ويقول تعالى “وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ” .
وعندما القوا كل اقلامهم فى النهر جميع الاقلام سارت مع التيار ما عدا قلم سيدنا زكريا الذى سار ضد التيار ، ولكن الشيوخ والعلماء لم يقتنعوا واصروا ان القرعة ثلاثة مرات ، وقالوا نلقي الاقلام فى النهر ومن يسير قلمه وحده مع التيار يكفل مريم ، وعندما ألقوا الاقلام سارت جميعها ضد التيار ما عدا قلم سيدنا زكريا عليه السلام ، فاعطوه مريم لكى يكفلها ، فربى زكريا مريم حتى كبرت .
وكان لمريم مكان خاص تعيش فيه فى المسجد ومحراب تتعبد فيه ، وكانت مريم لا تغادر هذا المكان الا قليلا ، وكانت تقصي وقتها كله فى العبادة والصلاة والذكر وشكر الله .
وكان زكريا عليه السلام يزور مريم فى المحراب احيانا ،
وكلما دخل عليها المحراب كان يندهش ، فقد يكون الوقت
صيفا ويجد عندها فاكهة شتوية ، والعكس فى الشتاء كان
يجد عندها فاكهة الصيف ، وعندما كان زكريا عليه السلام
يسألها ” يا مريم من اين لكى هذا الرزق ” كانت مريم تجيب عليه
“انه من عند الله” ، وتكرر ذلك اكثر من مرة .
وكان زكريا عليه السلام شيخ عجوز وضعيف وانتشر
الشعر الابيض فى رأسه ، وكان يشعر انه لن يعيش طويلا
، وكانت زوجته عجوزا ايضا ولم تلد من قبل لانها عاقر ،
وكان زكريا عليه السلام يتمنى ان يكون له ولد يرث علمه ويصبح نبي مثله ، لكن لم يقول لاحد حتى لزوجته هذه الامنية، ولكن الله كان يعرفها حتى قبل ان يقولها .
وفى ذلك الصباح عندما مر زكريا عليه السلام على مريم فى
المحراب وجد عندها فاكهة ليست فى اوانها ، فسألها زكريا
فقد اخبره الله تعالى انه سوف لا يستطيع النطق لمدة ثلاثة ايام ، واذا حدث له ذلك فيتأكد ان امرأته حامل ، وعليه ان يتحدث مع الناس بالاشارة ، وان يسبح الله سبحانه وتعالى فى الصباح والمساء .
وفى يوم خرج زكريا عليه السلام على الناس وكان قلبه
مليئ بالشكر، واراد ان يكلم الناس ولكن لسانه كان لا ينطق ،
فعرف ان معجزة الله قد تحققت ، واشار الى قومه ان يسبحوا الله
فى الفجر و العشاء ، وكان يسبح هو فى قلب
ثم صلى زكريا عليه السلام شكر لله على استجابته
لدعوته وعلى منحه لابنه يحيي ، واستمر زكريا يدعوا الله حتى وفاته .
وليست هناك روايات صحيحة عن وفاة سيدنا زكريا عليه السلام ،