غزوات الرسول بالترتيب وأسبابها ونتائجها

غزوات الرسول بالترتيب وأسبابها ونتائجها

غزوات الرسول بالترتيب وأسبابها ونتائجها

غزوات الرسول بالترتيب وأسبابها ونتائجها

غزوات الرسول بالترتيب وأسبابها ونتائجها, بلغ عدد الغزوات التي قادها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم 27 غزوة؛ جميعها حصلت بعد الهجرة من مكة إلى المدينة المنورة، وأول غزوة للرسول هي غزوة الأبوان، وآخر غزوة للرسول هي غزوة تبوك، أما عن معنى كلمة غزوة فهي قتال العدو، وتختلف السرية عن الغزوة أن السرية هي الجيش الذي ذهب لقتال العدو دون النبي، أما الغزوة فيكون النبي بها، وقد غزا الرسول العديد من الغزوات التي حصل بها قتال، مثل: غزوة بدر، وغزوة بني قينقاع، وغزوة تبوك، أما الغزوات التي غزاها الرسول ولم يدر بها القتال: غزوة الأبواء، وغزوة بواط، وغزوة بدر الأولى، وغزوة العشيرة، وغزوة بحران، وغزوة نجد، وغزوة دومة الجندل، وغزوة بني لحيان، وغزوة ذات الرقاع.
يتحدث هذا المقال عن غزوات الرسول، ويشمل:

عدد غزوات الرسول.
أول غزوات الرسول، وأخرها.
معنى كلمة غزوة، والفرق بين الغزوة والسرية.
أسماء غزوات الرسول التي دار ولم يدر بها قتال.

نبذة عن غزوات الرسول
عدد غزوات الرسول

يبلغ عدد غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم 27 غزوة، وجميعها حصلت بعد الهجرة إلى المدينة المنورة، وكان ذلك بعد أن أذن الله تعالى للمسلمين برد عدوان المشركين والمبادرة بقتالهم لينتشر دين الله تعالى، قال تعالى: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين} [سورة البقرة:آية 193].
اول غزوات الرسول

تعتبر غزوة الأبواء أو غزوة ودان أول غزوة وقعت في الإسلام، وحصلت في صفر من العام الثاني للهجرة، وكان عدد المسلمين المشاركين فيها 70 صحابياً، وكان قائد الغزوة الرسول صلى الله عليه وسلم، وفيها خرج الرسول وجيشه لاعتراض عيرًا تابع لقبيلة قريش، ولكن لم يحدث أي مشادات بين المسلمين والكفّار، ومن خلال هذه المعركة استطاع الرسول صلى الله عليه وسلم الحصول على معاهدة صلح مع سيد بني ضمرة عمرو بن مخشي الضمري وكانت تنص على ما يأتي: (هذا كتاب من محمدٍ رسول الله لنبي ضمرة، فإنّهم آمنون على أموالهم وأنفسهم، وإنّ لهم النصر على من رامهم إلّا أن يُحاربوا دين الله، ما بل بحر صوفة، وإنّ النبي إذا دعاهم لنصره أجابوه).

الجدير بالذكر أنه قبل خروج الرسول صلى الله عليه وسلم للمعركة استخلف الصحابي سعد بن معاذ ليكون خليفة على المدينة المنورة لحين عودته.
اخر غزوات الرسول

تعتبر غزوة تبوك آخر الغزوات التي قادها النبي صلى الله عليه وسلم، وقد حصلت في شهر رجب من العام التاسع الهجري، وقد استغرقت هذه الغزوة 50 يومًا، أقام منها 20 يوم في تبوك، أما باقي الفترة فكانت الفترة التي احتاجها الجيش للمسير في الطريق ذهابًا وإيابًا، أما عن سبب هذه الغزوة هو أن الرومان أصبحوا يشعرون بالتهديد من المسلمين، لذلك قرروا الروم الخروج بجيش يصل عدده إلى 40 ألف مقاتلاً مقابل 30 ألف مقاتلاً من جيش المسلمين، وقد انتهت المعركة دون حصول أي قتال بين الجيشين وذلك لأنّ جيش الروم تشتت في البلاد والأراضي خوفًا من المواجهة، وهذا أدى إلى خوف الروم وتخليهم عن فكرة الحرب مع المسلمين، وإنّما قرروا الاتحاد والتحالف معهم كقوة أولى في المنطقة، وأفضل ما كشفته هذه المعركة هي الأشخاص المدسوسين المنافقين الذين يعيشون بين المسلمين.
ماذا تعني كلمة غزوة ؟

الغزوة لغةً تعني قصد قتال العدو، وتكون بفتح الغين وسكون الزاي، أما اصطلاحًا فهي قتال الكفّار، وكان يُطلق اسم الغزوة على الجيش المرافق للنبي صلى الله عليه وسلم لغزو العدو وقتاله.
الفرق بين السرية والغزوة

السرية هي الجيش الذي ذهب لقتال العدو ولم يخرج به النبي صلى الله عليه وسلم، أما الغزوة فيخرج بها النبي صلى الله عليه وسلم، وكان هنالك العديد من الأسباب التي دفعت النبي عليه الصلاة والسلام إلى القيام ببعض الغزوات؛ ومنها رد عدوان الكفار الذين يكيدون للمسلمين للقضاء عليهم، وتأمين المؤمنين وحمايتهم من الكفار الذين يحاولون فتنتهم عن دينهم، إضافةً إلى الدفاع عن الوطن، والدين، والنفس، والأهل، وحماية الدعوة الإسلامية، وأخيرًا لتأديب ناكثي العهد.
أسماء غزوات الرسول التي دار بها القتال
غزوة بدر

وقعت غزوة بدر في 17 من رمضان في العام الثاني الهجري، وقد سطّر فيها المسلمون أروع انتصاراتهم، وأصبح للمسلمين مكانة عظيمة، وسميت غزوة بدر بهذا الاسم نسبةً إلى المنطقة التي حصلت بها الغزوة وهي منطقة بدر؛ وهي بئر يقع بين المدينة المنورة ومكة المكرمة، وأسباب غزوة بدر كما يلي:

أذن الله تعالى للمسلمين بالهجرة من مكة المكرمة إلى المدينة المكرمة؛ وذلك بسبب تعامل الكفّار القاسي مع المسلمين، ولكن قريش استمرت في نهب ممتلكات المسلمين.
علم النبي عن وجود قافلة لقريش محمّلة بالأموال والبضائع آتية من الشام وسوف تمر بالقرب من المدينة قبل عودتها إلى مكة المكرمة، فقرر أن يعترض المسلمين تلك القافلة التي يقودها أبو سفيان، والذي بدوره تمكّن من الفرار بتغيير خط سيرها، وإرسال رسول إلى قريش يطلب مساندتهم ودعمهم فاستجابت قريش له وخرجت لقتال المسلمين.
استقر المسلمين في مكان قرب كثيب الحنان في العدوة الدنيا وكانت منطقة محاطة من الجهات الثلاث، ثم انتقل المسلمين إلى مكان آخر وبنوا عريشًا من النخل، وأمضى النبي عليه الصلاة والسلام الليل يصلي ويتضرع إلى رب العالمين لأن ينصر المسلمين، ثم بدأ القتال بين الطرفين.
بلغ عدد المشركين المشاركين في غزوة بدر 1000 مقاتل، بينما كان عدد المسلمين 313 مقاتلًا، ولكنّ الله تعالى أمدهم بملائكة من السماء، فقد قال تعالى {وَلَقَدْ نَصَّرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِين بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِين} [سورة آل عمران: الآية 123].
استشهد من المسلمين 14 شخص، وقتل من المشركين 70 شخصاً، وأُسر منهم 70 أسيراً، وغنم المسلمين الكثير من الغنائم.

غزوة بني قينقاع

حدثت غزوة بني قينقاع بعد مرور أقل من شهر من انتهاء معركة بدر وانتصار المسلمين فيها، وكان سبب هذه المعركة نقض بني قينقاع للعهد الذي بينهم وبين الرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك بأنّهم أظهروا العداوة للمسلمين بعد انتصار المسلمين على الروم في غزوة بدر، أما السبب الحقيقي لحصار المسلمين لهم أن امرأة من المسلمين ذهبت لمحل أحد الصاغة اليهود وبدأ يحتال عليها لتكشف عن وجهها فأبت، فقام أحد اليهود بربط ثوبها من ظهرها وعندما قامت انكشفت عورتها وبدأ اليهود بالضحك عليها، وعندما شاهدها أحد المسلمين في هذه الحال ثار وانتصر لها فقتل اليهودي؛ فغضب اليهود المسلم، وعندما علم الرسول بالواقعة حاصر اليهود في حصونهم 15 ليلة، وهذا أدّى لاستسلامهم وقبولهم لحكمه، ثم قصدوا عبد الله بن أبيّ بن سلول، الذي ألحّ عليه حتى يتركهم النبي، فتركهم وأجلاهم إلى منطقة في أرض الشام تُدعى أذرعات، ثم فاز المسلمين بأموالهم.
غزوة السّويق

حدثت غزوة السويق في شهر ذي الحجة في العام الثاني من الهجرة النبوية، وقد سُميت بهذا الاسم لأنّ المشركين كان لديهم السويق؛ وهو القمح والشعير المقلي الذي يُطحن ثم يُنقع بالماء أو السمن أو العسل ثم يؤكل، ومواد التموين والمتاع، وعندما بدأت الغزوة تركوها حتى يتمكنوا من الفرار من المسلمين، وكان السويق من الغنائم التي غنمها المسلمين في هذه المعركة، وتجدر الإشارة إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم استخلف أبا لبابة على المدينة المنورة أثناء هذه الغزوة، وسبب قيام الرسول عليه السلام بهذه الغزوة هو أن كُفّار قريش استولوا على أموال المسلمين المهاجرين في مكة، ولذلك كان لا بد من خوض المعركة لأهداف اقتصادية.
غزوة أحد

وقعت غزوة أحد في 7 من شوال عام الثالث للهجرة، وسميت بذلك لأنّ الغزوة في مكان يُسمّى أحد، وكان هدف المشركين من الغزوة الثأر من المسلمين بعد انتصارهم في غزوة بدر، خاصةً أن المسلمين تسببوا لهم في العديد من الخسائر الاقتصادية بعد حصارهم للطريق التجاري الذي أثّر على رحلتيّ الشتاء والصيف، كما أنّ سيادة قريش بدأت تنهار، فأرادوا الانتقام من المسلمين عامةً ومن الرسول عليه السلام خاصةً، أما المسلمين فكانوا يهدفون إلى الدفاع عن عقيدتهم.

جمع أبو سفيان ما يقارب 3 آلاف رجل و200 فارس من قريش وما حولها من القبائل العربية، وأمر بأخذ العبيد والنساء لحمايتهم وحتى يبذلوا جهد في الدفاع عن أعراضهم.
جمع الرسول عليه السلام أصحابه واستشارهم أيهما أفضل البقاء في المدينة والاحتماء بها، أم الخروج للقاء العدو، ولكن المسلمين أصروا على مواجهة العدو فتجهزوا وخرجوا في ليلة الجمعة وكان عدد المسلمين ألف مقاتل، ووضع الرسول بعض الحراس لحراسة المدينة.
قاد الرسول عليه السلام جيش المسلمين، أما المشركين فكانوا بقيادة خالد بن الوليد، وبدأ القتال وكان الانتصار حليف المسلمين في البداية، إذّ سقط 11 قتيل من المشركين ولم يسقط من المسلمين أحد، وهذا أدّى إلى انهيار معنويات الكفّار، وكانت السيطرة للمسلمين في هذا الموقف.
بدأ الكفّار يهربون من المعركة وذلك بالتراجع تدريجيًا، ثم فروا باتجاه مكة وتركوا خلفهم نسائهم وعبيدهم.
ظنّ المسلمين أن المعركة انتهت وخالف بعضهم أوامر النبي عليه الصلاة والسلام وتركوا أماكنهم للحصول على الغنائم، وهنا استغل خالد بن الوليد هذه الثغرة والتف حول المسلمين وأحاط بهم من الجهتين وبدأ المسلمين يقاتلون دون تنظيم، فوقع العديد من الشهداء، واشتد القتال، وتمكّن أحد المشركين من الوصول إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وضربه على وجه بحجر أدّى إلى كسر في أنفه؛ مما قلب نتيجة المعركة وانتصر فيها المشركين، كما قد امتلأ وجهه بالجروح وشجّ من جبهته، وكسرت رباعيته، وانجرحت لثته، وتضررت ركبتاه ومنكبه الأيمن عندما حاول ابن قمئة قتله.
أهم شهداء غزوة أحد: حمزة بن عبد المطلب، عبد الله بن جحش، حنظلة بن أبي عامر، سعد بن الربيع، مصعب بن عمير.

غزوة حمراء الأسد

حدثت غزوة حمراء الأسد في 16 من شهر شوّال من السنة الثالثة للهجرة، أي بعد أيام قليلة من انتهاء معركة أحد، وقد قام المسلمين بهذه الغزوة لرد إعتبارهم بعد ما حصل لهم في غزوة أحد، فذهبوا إلى منطقة تُدعى حمراء الأسد وتبعد مسافة 8 أميال ع المدينة المنورة لترهيب عدو الله ورسوله، ولرد اعتبار قوة المسلمين ورفع روحهم المعنوية بعد الهزيمة التي لحقت بهم، وهنا أمر أبو سفيان جيش المسلمين بالرجوع لمقاتلة المسلمين، وقد أمر الرسول عليه السلام الجنود الذين كانوا في معركة أحد الذهاب إلى حمراء الأسد وزاد عليهم 70 مقاتلاً، وكان مجمل عدد المسلمين المشاركين بالغزوة 630 مقاتلاً، ثم جلس المسلمين في حمراء الأسد 3 أيام وهي الإثنين والثلاثاء والأربعاء، وكانوا يشعلون 500 شعلة من النار لبث الرعب في قلوب المشركين، وفي يوم الجمعة عاد المسلمين منتصرين بعد مرور 5 أيام في هذه الغزوة، ويجدر الإشارة إلى أن الرسول استخلف عبد الله ابن أم مكتوم في المدينة المنورة لحين عودته، وعاد المسلمين منتصرين لم يمسسهم سوء إلى ديارهم، وكانت حرب نفسية دون خسائر للطرفين ولكنّها بددت مشاعر اليأس والخذلان التي أصابت المسلمين وشعروا بالعزة والنصرة والمنعة والقوة والتي شعروا بها بعد امتثالهم لأمر الله عز وجل ولأوامر رسوله.
اقرأ أيضاً: أسماء الله الحسنى
غزوة بني النضير

حصلت غزوة بني النضير في ربيع الأول من السنة الرابعة للهجرة، بعد غزوة أحد بـ 6 أشهر، وكان سببها أن الرسول عليه الصلاة والسلام قد ذهب إلى بني النضير ليتحدث إليهم في أمر اقتيلي بني عامر وطلب الدية لهما، ولكن بني النضير كانوا يخططون لخيانة الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث إنّه كان ينتظرهم في خارج المنزل وكانوا يتحدثون فيما بينهم أن يخرج أحدهم إلى أعلى الجدار ويرمي عليه صخرة لقتله، فأوحى إليه الله تعالى بالأمر فرجع إلى مكة وأخبر الصحابة رضوان الله عليهم وعزم على إجلاءهم من أرضهم.

أرسل الرسول عليه السلام الصحابي محمد بن سلمة الأوسي إلى بني النضير لينذرهم بترك الحصن وبأن يخرجوا من أراضيهم ومنحهم مدة 10 أيام كمهلة، أما في حال رفضهم فسيتم قتلهم وضرب أعناقهم.
تدخّل رأس المنافقين اليهود عبد الله بن أبي بن سلول وأغراهم بأن حصونهم منيعة وطلب منهم عدم مغادرة أراضيهم وحصونهم، وأخبرهم أن لديه ما يزيد عن ألفيّ رجل ليدافعوا عنهم ولحمايتهم من المسلمين.
بدأ اليهود من بني النضير تجهيز القلاع والمؤن وكانوا بانتظار قوات عبد الله بن أبيّ بن سلول، ولكن طالت المدة ولم تأتي هذه القوات.
اعتصم يهود بني النضير داخل القلاع والحصون لمدة طويلة، ولم يتمكن المسلمين من إخراجهم، واستمر حصارهم لمدة 6 ليالٍ.
أمر الرسول عليه السلام بقطع أشجار النخيل، ثم حرقها وتدمير حصونهم.
قذف الله الرعب في قلب المنافقين ولم يتمكنوا من الاقتراب من الحصن لمجابهة المسلمين، وهنا يأس اليهود من المدد الذين ينتظرونه، فعزموا على طلب الصفح والصلح مع الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
طلبوا أن يكون لكل يهودي 3 راحلات لتحميل عليها الطعام، والمؤن، والشراب، ولم يُسمح لهم بحمل السلاح.
غادر يهود بني النضير إلى الشام وخيبر، ومن أشهر أشرافهم الذين ارتحلوا حُييّ بن الأخطب، والربيع بن أبي الحقيق.
جمع بني النضير كل أدواتهم المستخدمة في العزف من دفوف ومزامير وأمروا الغلمان والإماء بالعزف أثناء خروجهم من الحصون.
ترك بني النضير الكثير من الغلال والغنائم التي غنمها المسلمين.

غزوة الأحزاب

سميت غزوة الأحزاب بهذا الاسم بسبب دعوة بني النضير إلى الحرب على الإسلام واستجابة عدةّ أحزاب وهم مشركو مكة، واليهود من خارج المدينة، وبني قريظة، والمنافقون، ومشركو القبائل العربية وغطفان، ولكن أملهم قد خاب في القضاء على الإسلام والمسلمين، وقد سميت باسم غزوة الخندق كذلك بسبب حفر خندق حول المدينة.

وقعت غزوة الأحزاب في شهر شوّال من السنة الخامسة للهجرة، وكان سبب غزوة الأحزاب هو إرادة اليهود من بني النضير الانتقام بعدما أجلاهم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم من المدينة المنورة، فعمل أشراف يهود بني النضير مثل حييّ بن أخطب وسلام بن مشكم بالاجتماع مع أشراف قريش، وتحريضهم على حرب الرسول عليه السلام والمسلمين، ووعدوهم بنصرتهم وإعانتهم، ثم بدأ اليهود بتحريض غطفان على المسلمين فاستجابوا لهم.

بلغ عدد المسلمين المشاركين في الغزوة 3 آلاف مقاتل، واستشهد منهم 8 شهداء وكان منهم زعيم الأوس سعد بن معاذ.
بلغ عدد المشركين المشاركين في الغزوة 10 آلاف مُقاتل، وكان منهم 4 آلاف من قريش وبني كنانة وأهل تهامة، مع 300 فرس، و1500 بعير، و700 مقاتل من بني سليم، وألف مقاتل من غطفان، و400 مقاتل من بني مرة، و400 مقاتل من بني أشجع، وقتل منهم 3 قتلى؛ وهم نوفل بن عبد الله المخزومي، وعمرو بن عبد ودّ العامري وابنه حسل.
توجّه المشركين إلى المدينة للتآمر على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ثم اتجهوا نحو المدينة.
أمر النبي بحفر الخندق من الشمال وذلك بالأخذ بمشورة سلمان الفارسي، وذلك لأن الجبال تحيط بها من جميع جوانبها عدا جهة الشمال والتي سيهجم منها المشركين عليهم.
فوجئ المشركين بالخندق ولم يتمكنوا من الدخول إلى المدينة.
ذهب زعيم اليهود حُييّ بن أخطب إلى المنطقة الجنوبية التي يسكنها يهود بني قريظة، وحث زعيمهم على نقض العهد الذي بينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم ولكنّه رفض، ولكن استمر بالضغط عليه حتى وافق في النهاية، بعد أن أغروه بأن عدد المشاركين وعدتهم كبيرة.
أشار النبي إلى عقد مصالحة مع المشركين مقابل ثلث ثمار المدينة، ولكنّ الأنصار رفضوا وذلك لعزّة المسلمين وبدأ القتال بينهما بعدما بدأ المشركين يدخلون من الزوايا الضيقة للخندق، وقتلهم المسلمين.
جاء الصحابي نعيم بن مسعود إلى النبي وأعلن إسلامه الذي يخفيه عن قومه، فأمره النبي بحماية المسلمين والذود عنهم فالحرب خدعة، فقام نعيم بالتفريق بين المشركين وبني قريظة حتى أوقع الشك بينهم، فقال لهم أن اليهود تواصلوا معه وأظهروا ندمهم على نقض العهد الذي بينهم وبين النبي والمسلمين وطلبوا منه أخذ رهائن من قريش، وذهب إلى غطفان وذكر لهم مثل ذلك.
أرسل الله على المشركين ريحًا شديدة وباردة، قلبت خيامهم وقدورهم، مما بثّ الرعب في قلوب المشركين وجعلهم يرتحلون من مكانهم.
انتهت غزوة الأحزاب بنصر الله تعالى للمسلمين رغم قلة عددهم ورزقهم الثبات والطمأنينة، وقويت شوكة المسلمين.

غزوة بني قريظة

حصلت غزوة بني قريظة في أواخر شهر ذي القعدة من العام الخامس الهجري، وكان سبب حصولهم هو تأديب اليهود لخيانتهم عهدهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة الأحزاب رغم وجود ميثاق بينهم يُبيّن حقوقهم وواجباتهم، والتزم المسلمين بهذه المعاهدة إلّا أنّ بني قريظة خانوا العهد وغدروا بالنبي، لذلك بعد انتهاء غزوة الخندق وانتصار المسلمين ذهب الرسول إلى منزله ووضعه سلاحه واغتسل، أتى إليه جبريل عليه السلام وقال له وضعت السلاح، فوالله ما وضعته؟ فقال رسول الله عليه السلام: (فأين)؟ قال: ها هنا، وأومأ إلى بني قريظة، فأذّن صلى الله عليه وسلم في الناس وقال: (لا يُصلِّيَنَّ أحدٌ العصرَ إلّا في بَني قُرَيظَةَ) ولذلك تعتبر غزوة بني قريظة أمرًا من الله تعالى.

عزم الرسول التحرك بالجيش وأمر علي بن أبي طالب أن يكون في مقدمة الجيش، وبأن يحمل اللواء يصل إلى بني قريظة قبل الجيش.
علم يهود بني قريظة فور وصول علي بن أبي طالب وغرزه اللواء بأنّها الحرب.
أحاطت كتائب المسلمين بجميع مواقع بني قريظة وحاصرتها من كل الجهات.
وضعت كتائب المسلمين يدها على مزارعهم التي تقع خارج حصونهم، واستمر حصارهم 20 يومًا، حتى بدأ اليهود بالشعور بالخوف والقلق، وعلموا أن المسلمين لن ينسحبوا إلا بالهجوم عليهم أو باستسلامهم.
حاول اليهود الوصول إلى اتفاق مع المسلمين ولكنهم لم يتمكنوا من ذلك.
شعر المسلمون بالتعب وذلك لجلوسهم بالعراء والبرد لمدة طويلة، فقرروا الهجوم، وهنا طلب اليهود الاستسلام دون شرطٍ أو قيد.
اعتقل المسلمين رجال اليهود وقيدوهم، ووضعوا النساء في معزلٍ عنهم.
طُلب من سعد بن معاذ التحكيم باليهود، وحكم بأن يُقتل رجالهم وبأن تُسبى نساؤهم، وتقسم أموالهم، فقال الرسول عليه الصلاة والسلام: “لقد حكمت فيهم بحكم الملك من فوق سبع سماوات”.
حفر المسلمين الخنادق في سوق المدينة ثم قتلوهم داخل الخنادق ودفنوهم جماعات جماعات.
غنم المسلمين كل ما وجدوه في حصونهم وكان عبارة عن 1500 سيف، ألفي رمح، و300 درع، و500 ترس، ووزعت هذه الغنائم بين المسلمين.

غزوة بني المصطلق

تسمّى كذلك بغزوة المريسيع وهو ماء لبني خزاعة والذين ينتمي لهم بني المصطلق، وحصلت في شهر شعبان للعام الخامس الهجري، وقد حصلت لقتال المنافقين الذين حاولوا إثارة النعرات بين المهاجرين والأنصار، والذين نشروا الشائعات في حادثة الإفك.

قام سيد بني المصطلق الحارث بن أبي ضرار بتجهيز قومه وجمعهم للحرب على المسلمين، فلما علم الرسول عليه السلام بذلك جهّز جيشًا من المسلمين وكان على رأسه عند خروجه إلى المدينة المنورة، ويجدر الإشارة إلى أن بني المصطلق كانوا مع جيش قريش أثناء حربهم ضد المسلمين في معركة اُحد، كما أنّهم سيطروا على الخط المؤدي لمكة فبهذا شكلوا حاجزًا منيعًا يمنع المسلمين من وصول نفوذهم إلى مكة.
أرسل الرسول عليه السلام الصحابي بريدة بن الحصين الأسلمي إلى بني المصطلق للتأكد من نيتهم في غزو المسلمين، وأظهر لهم أنه يود مساندتهم ومعاونتهم بذلك، وعندما تأكد الرسول من ذلك بدأ في تجهيز العدّة.
جهّز النبي جيش يضم 700 مقاتل و30 فارس، وأغار عليهم وهم غارون وأنعامهم تُسقى بالماء فقتل مقاتليهم وسبى دراريهم.
انتصر المسلمين في هذه الغزوة ومن نتائجها أن الرسول عليه السلام تزوج زوجة زعيم بن المصطلق جويرية بنت الحارث؛ مما سبب في دخول قوم بني المصطلق في الإسلام، وحرر الصحابة الأسرى وردوهم إلى أهلهم حيث أنّهم استكبروا أن يتملكوا أصهار نبيهم وهذا تكريمًا وحبًا وإكبارًا لشخصه.
أدى العتق الجماعي إلى إسلام بني المصطلق وهذا زاد في عدد المسلمين وفي نفوذهم، وكشف كذلك المنافقين.

صلح الحديبية

سمي صلح الحديبية بهذا الاسم نسبةً إلى المكان الذي حصل فيه هذا الصلح، وقد حصل صُلح الحديبية في شهر ذي القعدة من العام 6 هجري بين مشركي قريش والمسلمين، وقد كانت مدته إلى 10 سنوات، أما عن سبب هذا الصلح أن الرسول عليه السلام رأى في المنام أنّه دخل مكة فأخبر أصحابه بهذا المنام وفرحوا جدًا لذلك، ثم أحرم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم للعمرة ومعه زوجته أم سلمة رضي الله عنها، وأحرم معه 1400 شخص، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوب وقيل نميلة الليثي، وخرجوا دون سيوف ولا سلاح واتجهوا إلى مكة، وعندما علمت قريش بنية المسلمين القدوم إلى مكة، حاولوا أن يمنعوهم من دخولها بالقوة، ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام عدل عن مواجهتهم حقنًا للدماء، وليثبت لهم أنّه لم يأتِ للحرب معهم، وأرسل لهم سفيرًا ليؤكد لهم أن هدفه هو أداء العمرة فقط، ولكن قريش همّت بقتل السفير إلا أنّها عدلت عن ذلك في النهاية، فتفاوض معهم وأعلن السلم.
اقرأ أيضاً: شرح مناسك الحج للأطفال
غزوة الغابة

سميت هذه الغزوة بهذا الاسم نسبةً إلى المكان الذي اعتدى فيه أحد المشركين وهو عيينة بن حصن الفزاري على إبل المسلمين، وكان هذا المكان يضم شجرًا كثيفًا يُشبه الغابة، وتُسمّى هذه الغزوة أيضًا بغزوة ذي قرد وسميت بهذا الاسم نسبةً إلى المنطقة التي جلس بها جيش المسلمين واسمه ذي قرد، وقد حصلت هذه الغزوة بعد صلح الحديبية ويُقال أنّها حصلت في شهر ربيع الأول أو في شهر جمادى الأولى سنة 6 هجري.

أغار عيينة بن حصن الفزاري الملقب بالأحمق المطاع وهو أحد قادة غطفان على إبل ترعى في أطراف المدينة مع ابن أبي ذر الغفاري وزوجته والراعي، فقتلوا ابن أبي ذر الغفاري، وأسروا زوجته، وذهب الراعي باتجاه المدينة طلبًا للنجدة من المسلمين، فشاهد الصحابي سلمة بن الأكوع وأخبره فاعتلى جبل مرتفع ونادى بصوتٍ عالٍ: يا صباحاه 3 مرات، ثم ذهب بأقصى سرعة لملاحقة المعتدين وقد حمل سيفه ونبله، حتى لحقهم وأدركهم عند موضع ماء، وبدأ بإرسال السهام عليهم وقد كان راميًا ماهرًا، واسترد جزء من الإبل و30 قطعة من الملابس، و30 رمح، وعندما علم الرسول عليه السلام بالخبر جهّز جيشًا يتكون من 500 ويُقال أنه من 700 مُقاتل، ثم استخلف عبد الله ابن ام مكتوم على المدينة، ومشوا بسرعة حتى وصلوا إلى مكان سلمة بن الأكوع، وحققت الغزوة نتائجها وهي استرجاع كل الإبل منهم، والثأر لمقتل ابن أبي ذر الغفاري، وسبي المرأة والتي تمكنت من الهرب قبل ذلك، أما عن أحداث الغزوة فهي:

التقى الأخرم وعيينه بن حصن الفزاري في أرض المعركة فقتل الأخرم حصان عيينة، فقام عيينة بقتل الأخرم بطريقة مباغتة ثم فرّ، ولحقته أبو قتادة وقتله.
نزل العدو إلى عين الماء المعروفة باسم ذي قرد ليشربوا منها بعد مطاردة سلمة بن الأكوع لهم، وفي هذا الوقت كان المسلمين مجتمعين موضع الماء فخاف المشركين منهم ففروا هاربين تاركين خلفهم الإبل.
أثنى الرسول عليه السلام على الصحابي أبو قتادة وعلى الصحابي سلمة بن الأكوع وأعطاهم سهمين من الغنائم.

غزوة خيبر

حصلت غزوة خيبر في نهاية شهر محرم في السنة السابعة للهجرة، بعد إبرام صلح الحديبية مع قريش، حيث رجع الرسول عليه السلام من صلح الحديبية وبقي في المدينة شهري ذي الحجة وبعضًا من محرم ثم خرج إلى غزوة خيبر، وكان عدد الجيش في هذه الغزوة 2400 مقاتل منهم 200 فارس.

أما عن أسباب وقوع غزوة خيبر تعود إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم سعى لإيقاف أذى يهود خيبر؛ حيث كانوا يشجعون بني قريظة على خيانة العهد مع النبي، وكانوا يثيرون الفتن، ومن الجدير بالذكر تعرض المسلمين للعديد من المعوقات في هذه الغزوة فكان اليهود يقيمون في حصون؛ وهذا احتاج إلى تأمين الجيوش بالمؤونة الكافية طيلة الغزوة إضافةً إلى بذلهم جهد كبير، وأسفرت غزوة خيبر عن 93 قتيلاً من اليهود وسقوط 16 شهيد من المسلمين وانتصر في هذه المعركة المسلمين، وبادر يهود خيبر بطلب الصلح من الرسول عليه السلام ووافق على ذلك.
سريّة مؤتة

تعرف كذلك باسم غزوة مؤتة وهي بلدة في محافظة الكرك جنوب الأردن وهي أرض صحراوية وهي بيئة معتادة للمسلمين ولكنها غير مناسبة للروم، وقد حصلت في شهر جمادى الأولى سنة 8 للهجرة، ووقعت في أدنى البلقاء من أرض الشام، وكان سبب هذه الغزوة أن الرسول عليه السلام أرسل سفيرًا وهو الحارث بن عمير الأزدي يحمل كتابًا إلى ملك الروم في الشام، ويقال أنها إلى ملك بُصرى، ولكن اعتدى عليه شرحبيل بن عمرو الغساني، وربطه بوثاق بشدّة، ثم ضرب عنقه وقتله، وعندما علم الرسول عليه السلام غضب غضبًا شديدًا، فعمل على تجهيز الجيش وكان عدد المشاركين فيه 3 آلاف جندي، وكان قائد جيش المسلمين زيد بن حارثة، وكان عدد مقاتلي الروم يزيد عن 200 ألف مقاتل، واستشهد في هذه المعركة قائدها زيد بن حارثة، ثم استلم الراية بعده جعفر بن أبي طالب بيمينه فقطعت، ثم حملها بيساره فقطعت، فحملها بين عضديه حتى سقط شهيدًا، ثم استلم الراية عبد الله بن رواحة حتى استشهد، ثم استلم القيادة خالد بن الوليد المعروف بمهاراته القتالية والحربية، وعمل على إيهام العدو بوصول إمداد للمسلمين في المساء وذلك بترك الخيول تثير الغبار، وفي الصباح أعاد ترتيب الجيش مما أربك الأعداد لتغير الوجوه، ثم انسحب بالجيش كاملًا من أرض المعركة؛ فاعتقد الروم أنه يحاول إيقاعهم في فخ داخل الصحراء، ولذلك لم يحركوا ساكنًا ولم يلحقوا بهم.
فتح مكة

حصل فتح مكة في 20 رمضان في سنة 8 للهجرة، وكان سبب فتح مكة هو أن بعد عقد صلح الحديبية بين المشركين والمسلمين الذي ينص على التزام الطرفين ببنود الصلح كاملة، وأن يدخل أي من قبائل العرب مع المسلمين أو مع قريش، ولكن يجب عليهم الالتزام بنص المعاهدة وعدم الاعتداء على أي من الحلفاء بين الطرفين، ولكن بعد صلح الحديبية دخلت قبيلة خُزاعة مع الرسول عليه السلام، ودخل بنو بكر مع قريش، وتجدر الإشارة إلى وجود ثأر قديم بين بني بكر وقبيلة خُزاعة، وبعد عقد صلح الحديبية غدر بنو بكر بقبيلة خُزاعة أغاروا عليهم وقتلوهم شر قتلة، فذهب رجل من قبيلة خُزاعة إلى النبي مسرعًا وأخبره بما فعل بني بكر وأنهم نقضوا صلح الحديبية، فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه بتجهيز الجيش لفتح مكة بسرية شديدة وكتمان، وفي هذه الأثناء أرسلت قريش إلى النبي عليه السلام أبي سفيان وذلك سعيًا للصلح ولتفادي الأمر، ولكن محاولاته باءت بالفشل، واجتمع جيوش كبيرة للفتح من قبيلة أسد، وجهينة، وبني غفّار، وبني سليم، إضافةً إلى المهاجرين والأنصار، وترأس الجيش الرسول عليه السلام وخرجوا باتجاه مكة، وجعل الرسول عليه السلام على ميمنة الجيش خالد بن الوليد، والزبير بن العوام على ميسرة الجيش، وفي صباح اليوم التالي اتجهوا نحو مكة، ورآه أبو سفيان وأصبح يصيح بالناس ويقول لهم: “يا معشر قريش، هذا محمد جاءكم فيما لا قِبَل لكم به، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن” ثمَّ تابع قائلًا: “ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن”، فتفرَّق الناس ودخل المسلمون مكة، وتم فتحها بإذن الله تعالى، وبعد فتح مكة أصبح المسلمين قوّة عظمى في الجزيرة العربية، وأصحبت القبائل تهاب من مهاجمة المسلمين.
غزوة حنين

حصلت غزوة حنين في 10 شوال في السنة 8 للهجرة، ووقعت في وادي حنين قرب الطائف إلى جانب وادي ذي المجاز، ويقع على بعد مسافة 3 ليالٍ عن مكة، وكان عدد جيش المشركين 12 ألف ويفوق عدد المسلمين بضعفين أو أكثر، وكان جيش المشركين بقيادة مالك بن عوف النصري الذي كان يعرف طبيعة أرض المعركة وأراد مباغتة المسلمين؛ فوزع الجيش في شعاب الوادي وبين أشجاره، وكان عازمًا على كسر شوكة المسلمين وقال: (لن نُغلب اليوم من قلّة)، وأرسل الرسول عبد الله الأسلمي ليتقصى أحوال المشركين ومكث بينهم يومين، ثم عاد وأخبر الرسول عليه السلام بما رأى، ولكنه لم يعلم خطتهم بدقة، حيث إنّ المشركين تجهزوا عامًا كاملًا لهذه الحرب، ونشروا الرماة لرمي المسلمين بالسهام من كل حدبٍ وصوب على أطراف الوادي، وما أن وصل المسلمون أمطروهم بوابلٍ من السهام؛ مما بث الرعب في نفوس المسلمين وولّى الكثير منهم الأدبار، وبقي الرسول مع نفرٍ قليل وهم أصحاب السمرة؛ وهي الشجرة التي بايع فيها المسلمين النبي عليه السلام في صلح الحديبية، ويُقال أنّهم بيعة الرضوان فناداهم ابن عباس، ثم انطلق النبي وهو راكب بغلته نحو العدو وهو يُردد: “أنا نبيّ الله لا كذب، أنا ابن عبد المطلب”، وحين رآه المسلمين دبت في قلوبهم الجاعة وعاد الهاربون إلى أرض المعركة، وعلموا أن الله هو الناصر ولا تكون النصرة بالسلاح أو بالكثرة، وأنزل الله تعالى الملائكة على شكل نمل أسود يسير في وادي حنين، وتهيئ الكافرين أنهم رجال بيض يلبسون عمائم حمر يركبون الخيل، وهذا بث الرعب في قلوبهم، وبدأ الرسول عليه السلام بحمل الحصى والتراب ورشّه على عيون المشركين فأصابهم وتفرقوا، وفرّوا من أرض المعركة إلى الطائف واحتموا بحصن ثقيف، ثم تبعهم المسلمين وحاصروهم واستخدم المسلمين في هذه الغزوة بعض الأسلحة الجديدة مثل الدبابة الخشبية لحماية المقاتلين من السهام، والمنجنيق كذلك، ثم استخدم المسلمين الحرب النفسية فحرقوا بساتين العنب والنخل الموجود على أطراف المدينة فناشدوهم أهل ثقيف بالتوقف عن ذلك، فطلب من المشركين الخروج من الحصن، وهنا تم هزيمة المشركين، وغنم المسلمين غنائم عظيمة في هذه الغزوة.
غزوة الطائف

حصلت غزوة الطائف في شهر شوّال في السنة 8 للهجرة،

وذلك بعد هزيمة المشركين في غزوة حنين لجؤوا إلى ثقيف،

حيث إنّ الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالسير إلى

الطائف للقضاء على ثقيف ومن يدعمهم من قبيلة هوازن

، وكان على رأس الجيش خالد بن الوليد، وكانت ثقيف

بقيادة مالك بن عوف النصري، وكانت قبيلة ثقيف قد خزّنت

ما يكفيها من الطعام والشراب لمدة سنة كاملة حتى

لا تخرج من الحصن، وأمر النبي عليه السلام الجيش بالحصار

على الطائف، وعسكر المسلمين قرب حصن الطائف،

ثم بدأت قبيلة ثقيف ترميهم بالرماح والسهام، وهنا أشار الحبّاب بن المنذر على أن يبتعد المسلمين عن حصونهم حتى لا يزيد عدد الشهداء؛ حيث وصل عدد الشهداء إلى 12 شهيد، وكان من بين الشهداء عبد الله بن أبي بكر الصديق، ولذلك تم تغيير مكان معسكر المسلمين في مكان آخر بني فيه مسجد الطائف لاحقًا، وبقي المسلمين يحاصرونهم لمدة 18 يوم، ثم دعا علي بن أبي طالب فرسان

ثقيف إلى خارج الحصن لمبارزته، لكنهم رفضوا ذلك،

أمر الرسول عليه السلام سلمان الفارسي ببناء المنجنيقات

لرمي ثقيف بالحجارة، وطلب منه صنع الدبابات لحماية المسلمين

من سهام ثقيف، وبدء المسلمين برمي الحجارة على ثقيف حتى

تمكنوا من كسر جزء من حصار ثقيف، ولكن ثقيف كانت لهم بالمرصاد وأطلقت عليهم الأشواك الحديدية

الموقدة بالنيران مما أدّى إلى إصابتهم إصابات بالغة،

ثم بدء المسلمين بحرق الحدائق المحيطة بحصن الطائف

، وكانت هذه الحدائق تضم الكثير من الأشجار المليئة

بالفواكه والأعناب، وكان هذا القرار من الرسول عليه السلام

ليس بهدف الدمار وإنّما لإرغامهم على الخروج والقتال، فناشده

أهل ثقيف بترك المحاصيل فإن انتصر كانت له غنيمة وللمسلمين

وإن لم يكن ذلك ستترك من أجل الرحم بينهم؛

إذّ إنّ جدة الرسول الخامسة لأمّه من ثقيف، وحينها تركها النبي من أجل هذا الرحم.
اقرأ أيضاً: ما حكم العطور في رمضان

بعد مرور فترة على وجود ثقيف داخل حصنها استشار الرسول عليه السلام أصحابه فقال له نوفل بن معاوية أن تحصّن ثقيف في قلاعهم أشبه بثعلب في حجره، فإن انتظرت وصبرت في باب الحجر نلت ما تريد، وإن تركته وذهبت لم يستطع هذا الثعلب أن يلحق فيك الضرر، وعندما سمع الرسول عليه السلام هذا الرأي قرر فك الحصار والرحيل، وطلب منه أحد الصحابة أن يدعو على ثقيف، فدعا لهم قائلًا: (اللهم اهدِ ثقيفًا)، ثم طلب من عمر بن الخطاب أن يؤذن بالناس ويخبرهم بأنهم سيذهبون إلى ديارهم غدًا.
غزوة تبوك

وقعت غزوة تبوك في شهر رجب في السنة 9 للهجرة، وحصلت بعد فتح مكة وقبل حجة الوداع وبعد غزوة الطائف بـ ستة شهور، وهي آخر غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم، وسميت بهذا الاسم لوجود عين ماء فيها تُسمّى عين تبوك، أما عن سبب حصول هذه الغزوة هو أن الروم اجتمعوا وتحضّروا لغزو بلاد العرب، فقرر الرسول الاستعداد للدفاع عن الإسلام والمسلمين، وكان عدد جيش المسلمين 30 ألف جندياً، ثم عندما وصل المسلمين إلى أرض المعركة ذكر لهم الرسول عليه السلام أن ريحًا شديدة سوف تهب على المنطقة وأمرهم بالاحتماء وعدم الخروج حتى لا تؤذيهم، وبالفعل هبّت ريح شديدة حملت كل ما وجدته بعيدًا، وجلس المسلمين في المنطقة لمدة بضع عشرة ليلة ولم يلقوا الروم، وهذا لأن الله تعالى ألقى في قلوبهم الرعب ولم يحصل بينهما أي قتال وكانت مثل غزوة الأحزاب، وعاد المسلمين منتصرين من تبوك.
أسماء غزوات الرسول التي لم يدر بها القتال
غزوة الأبواء

سميت هذه الغزوة بهذا الاسم نسبةً إلى القرية التي

حدثت فيها بين مكة والمدينة والتي تبعد عن المدينة 23 ميلًا،

وحصلت في 12 من شهر صفر لعام 2 للهجرة، وكان قائد المعركة

الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان سبب هذه الغزوة

هو إشعار المشركين واليهود والأعراب بأن المسلمين أقوياء

، كذلك لرغبته صلى الله عليه وسلم في التعرّف على

الطرق المحيطة بالمدينة، وفي هذه الغزوة استخلف الرسول

عليه السلام الصحابي سعد بن عبادة على المدينة المنورة،

لاعتراض قافلة المشركين وكان عدد المقاتلين 60 رجلًا من

المهاجرين، ولكنهم لم يلحقوا بالقافلة، وفي تلك المنطقة

وجدوا بني ضمرة وطلبوا الأمان معه وموادعته فكتب

الرسول أنه لا يغزو المسلمين بني ضمرة ولا يغزو بني ضمرة

المسلمين، ولا يكثروا بني ضمرة على المسلمين جمعًا ولا يعينوا عليهم عدوًا.
غزوة بواط

حصلت غزوة بواط في شهر ربيع الأول لسنة 2 للهجرة،

وسميت بهذا الاسم نسبةً إلى المكان التي وقعت به

وهو طريق واقع بين المدينة ومكة، ويعتبر طريق تجاري بين مكة وبلاد الشام، وكان سبب هذه الغزوة محاولة المسلمين قطع طريق قوافل قريش وذلك لكسر شوكتهم وإظهار قوة المسلمين ومنعتهم، وكان قائد الغزوة الرسول عليه السلام وحمل لواء المعركة سعد بن أبي وقّاص، وكان أميّة بن خلف يقود قافلة قريش، وكان عدد المسلمين آنذاك 200 مُقاتل، أما المشركين فكان عددهم 100 ومعهم 1500 بعير، ولكن قريش علمت من بعض الجواسيس بتحرك الجيش فأسرعت بقافلتها وهربت ولم يحدث قتال بينهم ولكن زادت هيبة المسلمين وتمكينهم.
غزوة بدر الأولى

تعرف كذلك باسم غزوة سفوان وقد سميت بهذا الاسم نسبةً

إلى الوادي الذي نزل عنده الرسول عليه السلام لقتال

مشرك يجعى كرز بن جابر الفهري الذي أغار على أنعام

المسلمين في تلك المنطقة، ولكنه لم يجده ورجع إلى المدينة،

وحصلت في شهر ربيع الأول لعام 2 للهجرة، وقد كان الرسول

محمد صلى الله عليه وسلم هو قائدها، وحمل لواء الغزوة

علي بن أبي طالب، وقد استخلف على المدينة زيد بن حارثة.
غزوة العشيرة

سميت هذه الغزوة بهذا الاسم نسبةً إلى مكان

وقوعها بين المدينة ومكة قرب بطن ينبع، ووقعت

في جمادى الآخرة لعام 2 للهجرة، وسبب هذه الغزوة

هو هجوم المسلمين على قافلة لقريش متجهة إلى

الشام وذلك لتمكين المسلمين وإظهار قوتهم في دفع المسلمين،

وكان عدد المقاتلين في جيش المسلمين 150 مقاتل

من المهاجرين ومعهم 30 بعيرًا، واستخلف الرسول عليه السلام

أبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي على المدينة

وهو ابن عمة النبي وأخوه في الرضاعة، ولكن عند وصول المسلمين

إلى مكان المعركة علم الرسول عليه السلام أن القافلة

مرت قبل أيام من وصولهم، وهي ذات القافلة التي كانت

سببًا لغزوة بدر الكبرى عند عودتها من الشام

، وفي هذه المعركة أبرم الرسول عليه السلام مع بني مدلج وحلفاءهم معاهدة ولم يحدث قتال.
غزوة بحران

حصلت غزوة بحرات في شهر ربيع الآخر لعام 3 للهجرة، ووقعت في منطقة بحران التي تقع في وادي حجر في الحجاز، وكان قائد الغزوة الرسول عليه السلام واستخلف عبد الله بن أم مكتوب في المدينة، وكان الرسول مع 300 مقاتل من أصحابه يسيرون حتى وصلوا بحران، قاصدين بني سليم، ولكنهم عندما وصولهم كان بني سلم قد تفرقوا وفروا، وبقي الرسول عليه السلام في تلك المنطقة عدّة أيام ولم يلق حربًا ثم رجع، وكان مقدار غيبته عن المدينة المنورة 10 أيام، ولم يحدث قتال في هذه المعركة، وتجدر الإشارة إلى أنّ الرسول غزا بني سليم 3 مرات أحدها عقب بدر، وهذه الغزوة، وغزوة ذي أمر.
غزوة نجد

حصلت في شهر ربيع الثاني من سنة 4 للهجرة، ووقعت\

في أرض نجد في منطقة تدعى نخلة، وكان سبب

هذه الغزوة هو ردع الأعراب ورد كيدهم، إذّ كانوا يتآمرون

مع اليهود وقريش ضد المسلمين، أما عن أحداث المعركة

فإنّ الرسول عليه السلام خرج مع 400 من الصحابة واستخلف

عثمان بن عفان على المدينة في غيابه لمدة 15 يومًا، وقرر

تأديب بني محارب وقبائل غطفان، وكانت المنطقة وعرة

والظروف عصيبة على المسلمين، ولكن عندما وصل المسلمين

إلى موقع غطفان سمعت القبائل بذلك فخافوا وشعروا بالرعب،

ثم شعروا بالفزع والخوف، فهربوا إلى رؤوس الجبال، وتركوا

خلفهم أموالهم وذريتهم ونسائهم، وفي هذا الوقت أدركت المسلمين

الصلاة، وهمّوا بالصلاة ولكن كان الرسول عليه السلام يخشى

أن ينقض عليهم الأعراب أثناء صلاتهم، ولكن الله أنزل له آية صلاة الخوف التي تشرح للنبي كيفية أداءها مع حفظ أمن الجيش.
غزوة دَوْمَة الجَندل

حصلت هذه الغزوة في شهر ربيع الأول لعام 5 للهجرة،

وسميت بهذا الاسم نسبةً إلى المكان الذي حصلت به

ويسمى دومة الجندل ويقع على أطراف الشام، ويبعد

عن المدينة ما يقارب 15 ليلة، وتم اختيار هذا المكان لتحصّنه

، وكان النبي قد خرج مع ألف مقاتل من أصحابه للحرب

على قبيلة قضاعة، فهذه القبيلة كانت تبغي على القوافل

التي تمر على طريق التجارة مع الشام، وكان السبب إيقاف

أذاها عن قوافل المسلمين، وبسط نفوذهم وحصلت هذه الغزوة

بعد غزوة بدر الصغرى بستة شهور، واستعان الرسول عليه الصلاة والسلام

بسباع بن عرفطة الغفاري إضافةً إلى رجل من بني عذرة

كدليل للطريق، وكانوا يسيرون في الليل ويكمنون في النهار

حتى يتفاجأ بهم أعداءهم، فهجم على ماشيتهم ورعاتهم

، فأصاب ما يمكنه إصابته، وعندما علم أهل دومة الجندل

فروا في كل حدب وصوب، وجلس النبي في تلك المنطقة

أيامًا وفرق الجيوش ولم يصب أحد منهم ثم عاد للمدينة،

وعاهد قبل ذهابه للمدينة عيينة بن حصن على الأمان وهو رجل معروف بنفوذه وهيبته.
غزوة بني لحيان

حصلت هذه الغزوة في ربيع الأول لعام 6 للهجرة،

وحصلت بعد غزوة بني قريظة بستة شهور، حصلت في

منطقة لبني لحيان عند بطن غران، وهي منطقة تبعُد عن

المدينة المنورة 200 ميلًا، وكان قائد الغزوة الرسول عليه الصلاة والسلام،

وكان عدد المقاتلين 200 مقاتل، واستخلف في المدينة

ابن ام مكتوم لمدة 14 يومًا، وكان يستهدف قبيلة بني لحيان،

وكان سبب هذه الغزوة أن يقتص النبي لأصحابه الدعاة

الذين أرسلهم لنشر الإسلام وتم الغدر بهم، فمنهم من

صلب ومنهم من استشهد على يد كفّار قريش،

وقد حصلت هذه الغزوة بعدما تمكّن النبي من الأحزاب واليهود،

وباغت أعداءه فأظهر أنّه يقصد الشام، حتى وصل إلى

وادي أمج وعسفان، وعندما سمع بنو لحيان بمجيئة هربوا إلى

أعالي الجبال وذلك لرعبهم وخوفهم من المسلمين،

وأقام النبي عليه السلام في أرض لحيان لمدة يومين،

وأرسل لهم السرايا ولكنهم لم يأتوا ثم انتقل إلى عسفان،

وأرسل 10 فرسان إلى كراع الغميم حتى تسمع به قريش ثم عاد إلى المدينة.
غزوة ذات الرقاع

سميت هذه الغزوة بذات الرقاع لأنّ المسلمين لفّوا على

أرجلهم الخرق لحمايتها؛ لأنّ المنطقة كانت شديدة الوعورة

والقسوة، واختلف المؤرخين عن وقت حصول هذه الغزوة

فمنهم قال أنها حصلت في سنة 4 للهجرة، وآخرين

ذكروا أنّها حصلت في السنة السابعة للهجرة، وهي غزوة

حصلت بين المسلمين والأعراب في فيافي نجد والذين

يتصفون بالقسوة وقيامهم بالسلب والنهب للقوافل المارة

على الطريق التجاري، وكان عدد جيش المسلمين

يتراوح بين 400 أو 700 مقاتل، واستخلف على المدينة عثمان بن عفّان

أو أبو ذر الغفاري، وعندما وصل إلى موقع يقال له نخل لقي

جمع من بني غطفان وتوافقوا ولم يقع بينهم قتال، ولكنه صلى بهم صلاة الخوف، ولم يحصل بينهم قتال.

السابق
كيف كان يصلي النبي
التالي
كيف أستغفر لمن ظلمته

اترك تعليقاً