حكم تأخير صلاة العشاء

حكم تأخير صلاة العشاء

حكم تأخير صلاة العشاء, فرض الله تعالى على أُمَّةِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم عباداتٍ واجبٌ على كل من انطبقت عليه الشروط أن يفعلها، ومن بين هذه العبادات، عبادة الصلاة، وثاني ركنٍ من أركان الإسلام، وأهم وأعظُم عبادةٍ بعد لا إله إلا الله، فمن دونها -أي الصلاة- يفرق الشرع بين المسلم والكافر، كما في قوله صلى الله عليه وسلم من حديث بريدة بن الحُصَيب رضي الله عنه قال: “العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر” [أخرجه ابن ماجه: 1079 وصححه الألباني]،

وروى جابرٌ رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال

: “إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة” [مسلم: 82]،

فقد حدد الشرع الرباني أن كل مسلمٍ بالغٍ عاقلٍ واجبٌ عليه أن يأدِّيَ في اليوم والليلة

خمس صلاواتٍ في أوقاتٍ مخصَّصة من اليوم والليلة، ومن بين هذه الصلاوات، صلاة العشاء.

أول وقت صلاة العشاء

حدَّد الشرع أن أول وقت صلاة العشاء يبدأ من مغيب الشفق،

نقل الإجماع على ذلك، والشفق هنا يعني الشفق الأحمر الذي يظهر

من بعد مغيب الشمس إلى أن يختفي ويغيب، وقد دلَّت الأحاديث على

هذا، فقد روى عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أنه قال:

سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وقت الصلوات، فقال

: “وقتُ صلاةِ الفجرِ ما لم يَطلُعْ قرنُ الشمسِ الأوَّلُ،

ووقتُ صلاةِ الظهر إذا زالتِ الشمسُ عن بَطنِ السَّماءِ،

ما لم يَحضُرِ العصرُ، ووقتُ صلاةِ العصرِ ما لم تَصفَرَّ الشمسُ،

ويَسقُط قرنُها الأوَّلُ، ووقتُ صلاةِ المغربِ إذا غابتِ الشمسُ، ما لم يَسقُطِ الشفقُ، ووقتُ صلاةِ العشاءِ إلى نِصفِ اللَّيلِ” [مسلم:612].

آخر وقت صلاة العشاء

تعدَّدت أقوال العلماء في مسألة آخر وقتٍ لصلاة العشاء، وسنذكر هنا قولين من بين أقوى الأقوال:

القول الأول

الفترة التي تكون بين زوال الشفق الأحمر إلى منتصف الليل،

وهي الفترة المخصَّصة لوقت صلاة العشاء الاختياري، والمقصود

بوقت صلاة العشاء الاختياري، هو أنَّه يجوز للمسلم أن يصلي

صلاة العشاء في هذه الفترة في الساعة التي يُحب، أو يرى تأخير

بأنه الأنسب، ولكن لا يجوز له تأخيرها عن منتصف الليل بشكلٍ اختياري،

لأنه بعد بعد منتصف الليل سيدخل وقت صلاة العشاء الضروري، والذي

يمتدُّ إلى صلاة الفجر، والمقصود هنا بالضروري، أي من غَفِل عن هذه الصلاة

قبل منتصف الليل، أو نام عنها حتى ذهب نصف الليل الأول، ودخل النصف الآخر،

أو من اضطر بسبب أمرٍ قاهرٍ فلم يستطع أن يصلِّها إلا بعد انتهاء النصف الأول من الليل.

الدليل على ذلك ما ذكرناه سابقاً من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص

، “ووقتُ صلاةِ العشاءِ إلى نِصفِ اللَّيلِ” [مسلم:612]، وروى أنس بن مالكٍ رضي الله عنه فقال: “أخَّر النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلاةَ العِشاء إلى نِصفِ اللَّيلِ، ثم صلَّى، ثم قال: قد صَلَّى الناسُ وناموا، أمَا إنَّكم في صلاةٍ ما انتظرتُموها” [البخاري: 542، مسلم: 640].

القول الثاني

يقولون أن صلاة العشاء تمتد من غياب الشفق الأحمر إلى منتصف الليل، ولا يوجد وقتٌ اضطراريٌّ، والذي هو من بعد منتصف الليل إلى الفجر، حيث إنهم قالوا أن تأخيرها بعد منتصف الليل سيكون قضاءً، وقد استدلوا بقوله تعالى: “أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا” [الإسراء: 78]، فوجه الدلالة عندهم من هذه الآية، أنهم قالوا، بأن الله سبحانه وتعالى بَيَّن أن هناك صلواتٌ متتالية، لا يفصل بينها شيء، فبنهاية وقت الصلاة الأولى، يبدأ وقت الصلاة الثانية، فقوله سبحانه وتعالى: “لِدُلُوكِ الشَّمْسِ” أي زوالها، وهذا وقت الظهر، والتي ينتهي وقتها ببداية وقت

صلاة العصر التي تبدأ عندما يصبح ظِلُّ كل شيء مثله، والتي ينتهي وقتها

بمغيب الشمس الذي هو بداية وقت صلاة المغرب، وينتهي وقت المغرب ببداية

وقت صلاة العشاء، والذي هو بزوال الشفق الأحمر إلى أن قال سبحانه وتعالى: “إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ”، وغسق الليل هو الظُّلمة المعتمة، والتي لا تحصل إلى بعد منتصل الليل، فهذه الصلوات الأربعة ذكرها الله بشكلٍ متوالي، من دلوك الشمس إلى الغسق، ثمَّ فصل عنهم صلاة الفجر بقوله سبحانه: “وَقُرْآنَ الْفَجْرِ”، فجعله الله مذكوراً لوحده، لا يتصل به شيٌ من الصلوات قبله، ولا بعده.

أيضاً استدلوا استدلوا بحديث عبدالله بن عمرو بن العاصرضي الله عنهما الذي ذكرناه سابقاً كما استدلَّ أصحاب القول الأول به، فقالوا: إن قول النبيِّ عليه الصلاة والسلام مُحدَّد عندما قال: “ووقتُ صلاةِ العشاءِ إلى نِصفِ اللَّيلِ” [مسلم: 612]، فحدَّد النبيُّ هنا أنها لمنتصف الليل، ولم يذكر إلى الفجر.تأخير

السابق
مقاصد سورة يس ,محاور سورة يس
التالي
فضائل شهر رجب في الميزان

اترك تعليقاً