تفسير: سنسمه على الخرطوم

\تفسير: سنسمه على الخرطوم

تفسير: سنسمه على الخرطوم

تفسير: سنسمه على الخرطوم … تحدثت بعض آيات القرآن الكريم عن إظهار بعض الأمور الغيبية التي لا يعلمها إلا الله تعالى مهما حاول الإنسان أن يخفيّه، وسوف نتناول ما تدل عليه هذه الآية من غيبيات

 

معنى سنسمُه على الخرطوم

قال ابن عبّاس في معنى سنسمه؛ أي سنخطمه بالسيف، وقد خطم الذي أنزلت فيه هذه الآية يوم بدر
وبقي على حاله مشوّهاً حتى مات، ولفظ سنسمه يأتي بمعنى سنجعل له سِمة مميّزة، فقد تكون بالسيف أو بالنار
وقيل في معنى لفظ الخرطوم؛ أنّه الأنف من الإنسان، وموضع الشّفة من السّباع، ويُقال: خراطيم القوم؛ أي ساداتهم
قال الفرّاء: (وإن كان الخرطوم قد خص بالسمة فإنّه في معنى الوجه؛ لأنّ بعض الشيء يعبّر به عن الكلّ)
وقال الطبريّ: (نبيّن أمره تبياناً واضحاً حتى يعرفوه فلا يخفى عليهم)
ولا شكّ أنّ هذه السّمة هي سمة عارٍ، وفضيحةٍ، وإهانةٍ كبرى إذا أُلحقت بصاحبها، وكان هذا رأي العرب بالوسم
إذا ألحق بالرجل، وكلّ هذا الوسم والسّوء والعار نزل في الوليد بن المغيرة، فكان العار قد لحق به في الدنيا والآخرة، بقول الله -تعالى- فيه: (سَنَسِمه عَلَى الْخرْطومِ).

 

إعجاز القرآن الكريم وإخباره بالغيب

إنّ من أوجه الإعجاز التي حواها القرآن الكريم هو الإخبار عن أمور غيبيّة لا يعلمها أحد
وذلك بتنزيل بعض الأخبار التي ستقع في المستقبل، وهي في علم الله -تعالى- وحده
وفي هذا دلالةٌ على صدق نبوّة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وتوضيحٌ للمشركين أنّه ما من أحدٍ يستطيع الإخبار بالغيب
إلّا إذا كان موحى له من عند الله سبحانه، وإنّ من الآيات التي جاءت تتحدّث عن أمورٍ غيبيّة مستقبلية ثمّ حصلت كما أنبأ الله -تعالى- عنها
هذه الآية: (سَنَسِمه عَلَى الْخرْطومِ)
حين نزلت في الوليد بن المغيرة وهو يتزعّم حملة التشويش على دعوة النبيّ وأصحابه في مكّة المكرّمة، ثمّ تحقّق الخبر حين قتل يوم بدر، فوجد مشوّه الأنف كما أخبر الله تعالى.

تفسير: سنسمه على الخرطوم

 

آيات نزلت في الوليد بن المغيرة

نزلت آياتٌ كريمةٌ تتوعّد الوليد بن المغيرة بالعذاب وسوء المصير في جهنّم
وذلك بعد أن التقى أبا جهلٍ وهو معترف بحلاوة القرآن الكريم، لكنّه فضّل السّيادة والكفر على التوحيد، رغم يقينه بالصّواب، فكان من أشدّ الناس عداوةً للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم، بعد أن أوشك أن يدخل الإسلام، فقد قال فيه الله تعالى: (إِنَّه فَكَّرَ وَقَدَّرَ*فَقتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ*ثمَّ قتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ*ثمَّ نَظَرَ*ثمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ)
وقد بدأ الله -تعالى- بوصفه منذ يوم ولادته مذ كان وحده لا ولد ولا مال له، ثمّ مدّ الله -تعالى
له من المال ما قيل إنّه قد كان ألف دينار، وقيل مئة ألف، وقيل أرضٌ يسترزق منها، ثمّ أعطاه الله -تعالى- الولد
وكانوا حاضرين أمامه لا يسافرون ولا يتاجرون، بل ماثلين عنده في خدمته وحاجته، وقد قيل إنّهم كانوا عشرة، وقيل غير ذلك، لكنّ تمام النّعمة أنّهم حاضرون عند والدهم يراهم ويفرح بهم.

وكان من فضل الله -تعالى- على الوليد بعد ذلك أن يسّر له صنوف المتاع في حياته
لكنّ الوليد وبعد كلّ هذه الأفضال طمع في الزيادة، ولم يكن شاكراً لكلّ ما حباه الله -تعالى- من لدنه
فتوعّده الله -تعالى- بسوء العذاب يوم القيامة، وقد جمع الله -تعالى- كلّ ذلك وذكره في القرآن الكريم في سورة المدثّر بقوله:
(ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْت وَحِيدًا*وَجَعَلْت لَه مَالًا مَّمْدودًا*وَبَنِينَ شهودًا*وَمَهَّدت لَه تَمْهِيدًا*ثمَّ يَطْمَع أَنْ أَزِيدَ*كَلَّا إِنَّه كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا*سَأرْهِقه صَعودًا)
والصعود هو جبل في جهنّم قال فيه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم:
(الصَّعود جبل مِنْ نارٍ يتَصَعَّد فيه الكافِر سبعينَ خَريفاً، ثمَّ يَهْوِي فيه كذلِكَ أبداً)
فكان هذا وصف عذاب الوليد بن المغيرة الذي استحقّه؛ لسوء موقفه من نبيّ الله صلّى الله عليه وسلّم، وتكذيبه له
وإلحاق الأذى به بأن حاول تشويه صورته أمام من يدعوهم إلى الدين الحنيف

 

السابق
قصة دخول عمر بن الخطاب بيت المقدس
التالي
على بن أبي طالب

اترك تعليقاً