تعريف الإيمان وأنه يزيد وينقص..أنواع الإيمان المردود
تعريف الإيمان وأنه يزيد وينقص..أنواع الإيمان المردود, يقوم الإيمان في العقيدة الإسلامية على درجة من الصلابة والقوة واليقين، بحيث تنتفي عنه كل أشكال الوهم
والشك والريب
والظن والتردد، فضلا عن الجهل، لأن العقيدة أمر غير هين، بل هو خطير، وبه يتقرر مصير الإنسان في الآخرة، وتبعا
لاستطراق لفظ
العقيدة الذي يدور على ما من شأنه الانعقاد والإلزام والربط والشد والتغليظ والعزم والقسر وغيرها، فإن أصل
الاعتقاد في الإسلام
لا يبنى إلاّ على الدليل اليقيني القطعي الذي تنتفي معه كل أشكال الظن، مهما كان مسلك هذا الدليل عقليا أو
حسيا أو خبريا.
والمرجع في هذا كله أن العقائد الإسلامية باعتبار التنـزيل الرّباني والفطرة النفسية ومسالك الاستدلال فيها تعدّ
العقائد الحقة
والخاتمة التي تباهي وتضاهي في تصوراتها لقضايا الله والعالم والإنسان كل العقائد الأخرى. ولعلها العقيدة
الوحيدة التي سايرت
البرهان العقلي منذ نشأتها، كما قال مُنزّلها عقب آيات ذكر فيها نعمه السابغة، وتحدّى بها المعاندين:
﴿قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ
صَادِقِينَ﴾ (النمل، 64). وتقريرا لما سبق ذهب العلماء إلى القول برد وعدم نفع الأنواع الآتية من الإيمان المزعوم
المنافي لعقد
القلب على اليقين، ومن بينها ما يأتي: أ-إيمان التقليد: المقطوع به أن المقلد الشاك لا عبرة بإيمانه، فهو والكافر
سواء لقطعية
الأدلة في رد هذا الإيمان: ﴿وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا
وَمَا نَحْنُ
بِمُسْتَيْقِنِينَ﴾ (الجاثية، 31)، وأما المقلد الذي قطع بإيمانه وعقد عليه قلبه وصدّق ذلك بجوارحه وتعسرّ عليه أمر
النظر، وهو أمر
نادر جدا، فالجمهور على تصحيح هذا الإيمان ما دام جازما مقرا مطمئنا، وإن كان تحصيل ذلك كاف بأي دليل حصل
وأمكن، وليس
من الشرط أن يكون بأدلة المتكلمين. ب-إيمان الإكراه: يبنى الإيمان في المنظور الإسلامي على أسس الحرية
والاقتناع الكامل
بأحقية هذا الدين، ولأجل ذلك يتفق جمهور العلماء على رد الإيمان المبني على غير ذلك، وعدم الاعتداد به،
وخصوصا حال الإكراه، ويستدلون على هذا بقوله تعالى: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ (البقرة، 256)، إلا أنه وفي بعض
الظروف قد تكون هناك حالات من هذا القبيل، فيدخل البعض مكرها راغبا أو راهبا، وهذا الإيمان لا يصح ديانة،
وإنما يصح واقعا بعصمة الدم، فإذا زال هذا الإكراه وأعقبه الإيمان بأن استمر واستدام، فالمشهور تصحيحه باعتبار
أن العبرة بالمآل والموافاة، وإن كان أصل الإنشاء باطلا. ج-إيمان النفاق: وهو مقطوع برده، لأنه يستبطن التكذيب
وينافي التصديق، وإن كان صاحبه يعصم دمه في الدنيا، ويعتبر في عداد
المسلمين ظاهرا، ولكن ذلك لا ينفعه ديانة عند الله، ومصيره جهنم عياذا بالله. وقد كان النبي صلى الله عليه
وسلم يحكم بإسلام
المنافقين تبعا لظواهرهم وانخراطهم في جماعة المسلمين، ولكن القرآن الكريم قاطع بأن هذا النفاق الاعتقادي لا عبرة به،
وفي ذلك تترى الآيات الكثيرة في سور عديدة، نحو قوله تعالى: ﴿إِذَا جَآءَكَ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ قَالُواْ نَشۡهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِۗ
وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِنَّكَ
لَرَسُولُهُۥ وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَكَٰذِبُونَ﴾ (المنافقون، 1) ج- الإيمان حال الغرغرة: لأن صاحبه فقد ملكات
الإحساس والتعقل،
فلا تعقل منه توبة ولا رجعة، فمتى وقع اليأس من الحياة وعاين العبد ملك الموت، وخرجت الروح في الحلق،
وضاق بها الصدر
وبلغت الحلقوم، وغرغرت النفس صاعدة في الغلاصم فلا توبة مقبولة حينئذ، ويدل على ذلك قوله تعالى:
أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مشْرِكِينَ﴾ (الأنعام، 22-23)، وذلك لأنه يوم الجزاء والحساب، وانتهاء الاختيار والابتلاء
بالإيمان، كما هو الوارد في تفسير قوله تعالى: ﴿قلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا همْ ينْظَرُونَ﴾
( السجدة، 29). ويوم الفتح هو يوم الحكم بين المؤمنين وغيرهم حيث يكون الثواب والعقاب، فلا ينفع الإيمان لانقطاع التكليف، وذهاب عنصر الاختيار وسلب أمر الحرية، فاليوم يوم اضطرار وإجبار وفناء للملكات أمام الجبار
الديان. ز- حال معاينة العذاب: والمقصود بالعذاب هنا عذاب الاستئصال الذي يكون عقب التكذيب للمعجزة المتحدى
بها، مثل ما حصل لثمود عقب عقرهم الناقة وأخذهم بالصيحة، وليس المراد به عذاب الإمهال أو الاختبار كالأخذ
بالسنين ونقص الثمرات كما كان أمر فرعون وقومه أثناء صراعهم مع موسى عليه السلام. فإذا أنكر المكذبون
النبي ومعجزاته التي طلبوها جاءهم العذاب: ﴿فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ
مشْرِكِينَ (٨٤) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا﴾ (غافر، 84-85) وعماد هذا ما قاله الله تعالى أيضا في حق