الإفتاء تجيب .. هل يجوز تحميل برامج الكمبيوتر المجانية من الإنترنت؟

الإفتاء تجيب .. هل يجوز تحميل برامج الكمبيوتر المجانية من الإنترنت؟

الإفتاء تجيب .. هل يجوز تحميل برامج الكمبيوتر المجانية من الإنترنت؟ ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية في إحدى حلقات بثها المباشر عبر صفحتها الرسمية على

الفيسبوك، يقول فيه السائل: هناك صفحات على الانترنت تتيح تحميل نسخ مجانية تتيح تحميل نسخ

مجانية من برامج الكومبيوتر المدفوعة، فهل يجوز التحميل منها، علمًا بأن أسعار شراء البرامج قد تكون

باهظة؟
يؤكد الدكتور أحمد ممدوح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن حقوق الملكية الفكرية مصونة ولا يجوز

الاعتداء عليها، لكن بعض الناس يقوم باستنساخ البرامج الأصلية ويشيعها على الانترنت، فيقوم هؤلاء

بفك الحماية البرمجية على البرنامج حتى يشيع استخدامه، يقول ممدوح أن هذا تصرف مجرم قانونًا

وغير جائز شرعًا، رغم ذلك فأنه في حالة حدوث ذلك بالفعل، وشيوع البرنامج واصبح متاحًا ومباحًا،

يقول ممدوح “في الحالة دي برغم انه محرم ابتداءًا على الفاعل لكن بما انه قد حصل فللمستخدمين

ان ينتفعوا به من باب انه يجوز في الدوام ما لا يجوز في الابتداء، مع التحريم والتجريم الابتدائي”، وأكد

ممدوح ان من الأفضل ان يشتري البرامج الأصلية ويبتعد عن الشبهة تماما.

وفي فتوى سابقة لدار الإفتاء المصرية حول تحميل الكتب من على شبكة الانترنت، أكد الدكتور عويضة

عثمان، أمين الفتوى بالدار، أن الأمر جائز شرعًا إذا كان التحميل للانتفاع بالعلم فقط ويسمح الناشر

بذلك، فيتم تحميله للانتفاع منه في التعلم لا لطباعته واعادة نشره وبيعه، فهذا جائز، إلا في حالة

واحدة حددها عثمان وهي أن يكون ناشر الكتاب قد قام بتشفيره ليبيعه، فلا يجوز في هذه الحالة فك

التشفير إلا بشراءه.

ما حكم الاقتباس أو سرقة الأفكار والإبداع من على مواقع التواصل؟

وكان الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر الأسبق، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، قد أجاب على هذا

السؤال بالقول إن السرقة في الفقه الإسلامي هي: أخذ مالٍ يبلغ نصابًا من حِرزه مملوكٍ للغير على

سبيل الاستخفاء بقصد السرقة.

والأصل في تحريم السرقة قوله تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيم﴾ [المائدة: 38].
وما رواه ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “أنه قطع في مِجَنٍّ ثمنه ثلاثة دراهم” رواه الجماعة، والدرهم يساوي 3.12 جرام.

علة التحريم
وأكد واصل أن العلة في تحريم السرقة أنها تمثل انتهاكًا واعتداءً على ملكية الآخرين وحقوقهم، وفي ذلك ضررٌ على المجتمع وانتشار للفساد فيه فلو لم يأمن الناس على كسبهم وثمرة أعمالهم فإنهم لن يعملوا، وبذلك تتعطل التنمية في المجتمع، ومن هنا شدد الإسلام عقوبة السرقة وجعلها قطع يد السارق حتى يرتدع كل من تسول له نفسه أن يتعدى على حقوق وأموال الآخرين، وفي المقابل حث المسلم على العمل والكسب الحلال الطيب حتى يقبل الله تعالى أعماله وحتى لا يخضع لعقاب الله وعذابه يوم القيامة، فقد قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «أَيُّمَا لَحْمٍ نَبَتَ مِنْ حَرَامٍ، فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ» رواه البيهقي.
وأوضح المفتي الأسبق، أنه حتى يخضع السارق للعقوبة الحدِّية وهي قطع اليد فإنه ينبغي أن تتوافر في جريمة السرقة شروط وأركان معينة فإذا تخلف شرط منها فإن السارق يعاقب تعزيرًا حسب ما يقرره القاضي، ووفقا لجسامة الجريمة وخطورة الجاني؛ لأن الحدود تدرأ بالشبهات؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ».

شرط المال المسروق
ومن ذلك ما اشترطه الفقهاء في المال المسروق من أن يكون منقولًا ومملوكًا للغير وكونه ماديًّا حتى يتمكن السارق من حيازته.
أما الأموال المعنوية فلا تكون محلًا للسرقة الموجبة للقطع؛ لأنها حقوق مجردة وليست قابلة بطبيعتها للنقل من مكان إلى آخر سواء أكانت حقوقًا شخصيةً أو عينيةً، ولكن الأوراق المثبتة لهذه الحقوق المعنوية فإنها تعتبر في ذاتها منقولًا ماديًّا، ومن ثم يمكن سرقتها ويعاقب سارقها إذا بلغت قيمتها نصابًا ما يساوي ثلاثة دراهم من الفضة أو ربع دينار من الذهب بغض النظر عما تضمنته من حقوق معنوية، وليس معنى ذلك أن الحقوق المعنوية تصبح نهبًا لكل من تسول له نفسه سرقتها، وإنما غاية الأمر أنها لا تخضع لعقوبة الحد؛ لأنها تدرأ بالشبهات، ولكنها تخضع لعقوبة التعزير وفقا لما يقرره القاضي بشأنها.
وفي واقعة السؤال: فإن سرقة الأفكار والإبداع في جميع مجالاته الأدبية والعلمية والفنية أمرٌ تحرّمه الشريعة الإسلامية وتأباه؛ لأن فيه اعتداءً على حقوق الآخرين وضررًا لهم، وقد منع الإسلام الضرر؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا ضَرَرَ ولَا ضِرَار» رواه أحمد وابن ماجه؛ ولقوله أيضًا: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ» رواه البخاري.
ومن يقوم بهذه السرقة فإنه يخضع لعقوبة التعزير حسب ما يقرره القاضي وحسب الحال والمقام، ولا يخضع للعقوبة الحدِّية وهي قطع اليد؛ لأنها تدرأ بالشبهات، وسرقة الحقوق المعنوية كالأفكار والإبداع وغير ذلك لا تخلو من شبهة، وقد تتعلق بصعوبة الإثبات؛ إذ قد يتوافق الفكر والإبداع لدى أكثر من شخصٍ ويصعب تحديد صاحب الفكر أو الإبداع، ولذلك فإن عقوبة التعزير هي التي توقع في مثل هذه الحالات.

السابق
هل جربت يومًا أن تشرب من حوض الجنة أو تأكل من ثمارها؟
التالي
العبادة في سورة الزمر

اترك تعليقاً