
أفضل أنواع النسك
أفضل أنواع النسك , يشير معنى الحج في اللغة إلى: قَصد الشيء المعظَّم،
أمّا في الاصطلاح الشرعيّ، فالحج هو: قَصْد بيت الله الحرام؛ لأداء مناسك
مخصوصةٍ، ويعرَّف بأنّه: زيارة مكانٍ معيَّنٍ، في زمنٍ معيَّنٍ، بنيّة أداء مناسك
الحج بعد الإحرام لها، والمكان هو: الكعبة، وعرفة، والوقت المعيَّن هو
: أشهر الحج، وهي: شوّال، وذو القعدة، وذو الحِجّة، ومن الأسئلة الشائعة بين المسلمين ما هو أفضل أنواع النسك في الحج.
أفضل أنواع النسك
تعدّدت أقوال العلماء في أفضل أنواع النسك تبعاً للأدلة الشرعية التي استندوا إليها وفهمهم لها، وبيان ذلك فيما يأتي:
القول الأوّل: قال الشافعيّة والمالكيّة بأنّ الإفراد بالحجّ أفضل من القِران والتمتُّع إن كان الحاجّ قد أدّى العُمرة في العام نفسه؛ لعدم وجوب الهَدْي عليه، كما صحّ أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- حَجّ مفرداً، وورد إفراده بالحَجّ بطرقٍ متواترةٍ صحيحةٍ، فعن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (خَرَجْنَا مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ، فَمِنَّا مَن أَهَلَّ بعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَن أَهَلَّ بحَجٍّ وَعمْرَةٍ، وَمِنَّا مَن أَهَلَّ بالحَجِّ، وَأَهَلَّ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بالحَجِّ). [1]
ويأتي القِران بعد الإفراد من حيث الأفضليّة عند المالكيّة، أمّا الشافعيّة فاعتبروا أنّ التمتُّع له الأفضليّة قبل القِران، وبعد الإفراد.
القول الثاني: قال الحنفيّة بأنّ حَجّ القِران أفضل من حَجّ الإفراد، أو التمتُّع؛ لاستمرار الإحرام بهما من الميقات إلى حين الانتهاء منهما، بخلاف التمتُّع، فكان القِران أولى منه؛ وقد استدلّوا بما ورد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (سمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يلبِّي بالحَجِّ والعُمْرةِ جميعًا، يقولُ: لبَّيكَ عمْرةً وحَجًّا). [2]
القول الثالث: يرى الحنابلة أنّ التمتُّع أفضل، ومن ثمّ الإفراد، فالقِران؛ واستدلّوا بما أخرجه الإمام البخاريّ عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: (تَمَتَّعَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في حَجَّةِ الوَدَاعِ، بالعُمْرَةِ إلى الحَجِّ وأَهْدَى، فَسَاقَ معهُ الهَدْيَ مِن ذِي الحُلَيْفَةِ).
أنواع النسك في الحج
لا تختلف أنواع الحجّ عن أنواع الإحرام، وهي: التمتُّع، والقِران، والإفراد، ويجوز للحاجّ أداء الحجّ بأيٍّ نوعٍ أراد باتّفاق العلماء؛ استدلالاً بما ثبت عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (خَرَجْنَا مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ: مَن أَرَادَ مِنكُم أَنْ يُهِلَّ بحَجٍّ وَعمْرَةٍ، فَلْيَفْعَلْ، وَمَن أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بحَجٍّ فَلْيُهِلَّ، وَمَن أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بعُمْرَةٍ، فَلْيُهِلَّ قالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فأهَلَّ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بحَجٍّ، وَأَهَلَّ به نَاسٌ معهُ، وَأَهَلَّ نَاسٌ بالعُمْرَةِ وَالْحَجِّ، وَأَهَلَّ نَاسٌ بعُمْرَةٍ، وَكنْتُ فِيمَن أَهَلَّ بالعُمْرَةِ). [4]
ومِن الأدلّة على ذلك أيضاً قَوْله -تعالى-: (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) [5] وقد أجمع العلماء على مشروعيّة أنواع النُّسك، كما نَقل الإجماعَ عددٌ من العلماء، كابن عبد البرّ، وابن المنذر، وقال النوويّ: “وقد انعقد الإجماع على جواز الإفراد والتمتّع والقِران”.
حكم الحج
الحجّ فريضةٌ من فرائض الإسلام، وأحد الأركان التي يقوم عليها،
وقد ثبتت مشروعيّته في القرآن، والسنّة، والإجماع؛ فمِن النصوص
الدالّة على وجوب الحجّ من كتاب الله: قَوْله -تعالى-:
(وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ).
ومن السنّة النبويّة: قَوْله -عليه الصلاة والسلام-: (بنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ). [6]
وممّا يدلّ على وجوب تلك العبادة مرّةً واحدةً في العُمر من السنّة النبويّة:
(خَطَبَنَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: أَيُّهَا النَّاسُ قدْ فَرَضَ اللَّهُ
عَلَيْكُمُ الحَجَّ، فَحُجُّوا، فَقالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يا رَسولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ حتَّى
قالَهَا ثَلَاثًا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: لو قلتُ: نَعَمْ لَوَجَبَتْ
، وَلَما اسْتَطَعْتُمْ، ثُمَّ قالَ: ذَرُونِي ما تَرَكْتُكُمْ، فإنَّما هَلَكَ مَن كانَ قَبْلَكُمْ بكَثْرَةِ
سؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ علَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بشيءٍ فَأْتُوا منه ما اسْتَطَعْتُمْ، وإذَا نَهَيْتُكُمْ عن شيءٍ فَدَعُوهُ).